باسل شامايا
المعلم هو من الشريحة المثقفة المهمة الذي اوكل المجتمع اليه بتربية الأجيال واعدادهم ليكونوا امتدادا لمن سبقهم في عملية بناء المستقبل الواعد ، لذلك يجب ان يحظى بالاحترام والتقدير الكبيرين ويستوجب أن تذكر تضحياته وجهوده الحثيثة خصوصا في تنشئة بناة المستقبل . في هذه الايام بل في معظم الايام نعيش الذكرى رحيل مربينا الراحل الاستاذ نوئيل قيا بلو الذي ولد في القوش عام 1934 من ابويه قيا منصور بلو وصارة جبو حيدو حيث كان الشقيق الاكبر لأشقائه وشقيقاته البالغ عددهم ( 11 ) فردا ستة بنين وخمس بنات .. انهى دراسته الابتدائية في القوش و المتوسطة في الموصل عام 1947 ومن ثم الاعدادية عام 1953ايضا في الموصل ، ثم التحق في نفس العام بالدورة التربوية ليتخرج معلما ، وكان قد تخرج معه نخبة من المربين أبناء القوش الافاضل منهم : الاستاذ سالم عيسى تولا ، والراحلون الاساتذة : يوسف حميكا وحبيب صادق شدا و عبدالمسيح بتي الصفار ، ويونس الياس كادو ، رحمهم الله . وكانت محطته الاولى في تأدية رسالته الأنسانية في مهنة التعليم : مركز قضاء العمادية وفي نفس العام الذي تخرج فيه ، حيث بقي هناك 4 سنوات ثم انتقل الى مدرسة بيبان ومن هناك الى مدرسة القوش الاولى فقضى فيها سنتين ثم نقل اداريا الى قرية دهي ثم قرية عاصي ومنها الى مدرسة قيماوة ثم عاد الى مدرسة القوش الاولى عام 1962 ونقل بنفس العام الى قرية الجراحية . تزوج عام 1958 من السيدة كرجية منصور قلو وانجبت له ولدين وخمس بنات وهم : (( بافل – بادر – باهرة – بنان – بهاء – بسمة – براعم )) . وفي عام 1963 شن الحرس القومي حملته الشعواء على الوطنيين ومعتنقي الافكار التقدمية فكان نصيبه من تلك الحملة الاعتقال فاودع سجن الموصل ومعه 16 معتقل ، مكث في السجن اكثر من سنة ، وبعد اطلاق سراحه كان النظام قد اصدر امرا بفصله وعزله عن وظيفته فاضطر للسفر الى بغداد عام 1964 ليمارس مهنته كمعلم في مدرسة نجمة الصبح للراهبات الكلدان . اعيد الى الخدمة عام 1965 في مدرسة كرساف وبقي هناك 3 سنوات ثم انتقل الى مدرسة القوش الثانية ( العزة ) في 1968 حتى احيل الى التقاعد عام 1983 . وهكذا أمضى الراحل العزيز ( 30 سنة ) في خدمة الوطن وتنشئة الاجيال التي تخرجت على يديه لترفد المجتمع وتأخذ دورها في عملية البناء والتقدم .
قبل احالته على التقاعد اي في عام ( 1982 ) انتكست حالته الصحية حينما اصيب بارتفاع ضغط الدم وكانت النتيجة ( جلطة دماغية ) ادت الى شلل نصفي جهة اليسار لكنّ ارادته القوية واصراره على التواصل تغلب على مرضه وان تقاعده لم يعنِِ انه توقف عن العطاء بل راح يعمل حثيثا في مختلف المجالات الثقافية ( التأليف ، الشعر ، كتابة المقالات وغيرها من النشاطات ) حيث مارس الكتابة والخط باللغتين السريانية والعربية وتتلمذ على يد الشماس الخطاط بولس قاشا ** جمع عدد كبير من الامثال الشعبية الالقوشية والكردية المستخدمة في القوش . ** قام بتأليف واخراج عدة مسرحيات بلغة الأم ( السورث ) منها مسرحية ( نقدت كالو ) عام 1971 التي عالج فيها موضوع مهر العروس الذي كان يشكل عائقا امام الشباب في التقدم للزواج . ** وكانت آخر مسرحية قام بتأليفها في بلاد الغربة مسرحية ( حوبا وخوروثا ) التي نالت رضا واستحسان الجمهور حيث عرضت على مسارح ديترويت ** طبع ديوان شعري يحتوي على 150 قصيدة باللغة السريانية . ** كتب بحثا عن الزواج الفلكلوري في القوش وبادرت مؤسسة الاذاعة والتلفزيون بتصويره كفلم سينمائي . ** قام بتاليف عدة كتب منها : 1// كتاب عن المرحوم القس يوسف عبيا 2// كتاب القوش عام 1990 .
3// كتاب مار ميخا النوهدري ومدرسته . 4// كتاب تاريخ التعليم في القوش . 5// كتاب عن سيرة حياته (انا ومعترك الحياة ) الذي يروي فيه عن حياة الانسان ومعاناته والمراحل التي يمر بها خلال سنواته الطوال وما تركته تلك المرحلة في حياته لكنه في النهاية يتغلب باصراره على كل الصعاب ويقهرها . ** اشترك في الجمعية الخيرية لأخوية القربان المقدس في كنيسة مار كوركيس / القوش وقدم عدة مسرحيات دينية . ** يعتبر احد مؤسسي هيئة الثقافة والفنون في كنيسة القوش عام 1995 . ** كتب بحثا عن الزواج الفلكلوري في القوش . ** قام بتخطيط العديد من المخطوطات بلغة الام منها 1- الانجيل المقدس عام 1988 ترجمه الاب يوحنان جولاغ ووزعه على كنائسنا سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي . 2- كتاب رسائل البطريرك مار يوسف اودو عام 1990 . 3- كتاب الميامر لصوم باعوث نينوى عام 1981 . 4- كتاب الشوادعي مشحلبي عام 1991 . 5- كتاب مزامير داؤد بلغة السورث المحكية حيث ترجمه المرحوم الأب يوحنان جولاغ . 6- كتاب العادات والتقاليد القديمة في القوش عام 1994 . 7- كتاب قصص وحكايات من القوش يحتوي على ثلاثة أجزاء في (1984 ، 1990 ، 1994 ) . ** كتب ونشر عدة بحوث ومقالات في القوش منها ( صناعة البرداع في القوش ، الانارة قديما في قرى نينوى ، صناعة البارود في القوش ) ** اشترك مع المرحومين الاب هرمز صنا وايليا سكماني في فهرست مخطوطات مكتبة كنيسة القوش . ** احد مؤسسي المتحف التراثي في القوش بالتعاون مع ( الاب هرمز صنا ، المطران يوسف توماس ، القس يوحنان جولاغ ، الشماس ايليا سكماني ، والاستاذين جميل حيدو ونوئيل عوديش ) . في عام 1992 تعرض مرة ثانية الى جلطة دماغية اصيب بشلل نصفي في جهة اليمين وفي 13/9/ 1997 غادر الوطن الى امريكا وهناك اجريت له عملية تبديل اربعة شرايين القلب في نفس العام وتابع نشاطاته الثقافية بالرغم من وضعه الصحي حيث كان ينشر المقالات منها نشرت ومنها ما زالت تنتظر النشر واصبح رئيس تحرير مجلة حمورابي التي تصدر في امريكا / ديترويت .. هذا واختم اسطري باستذكار اليوم الذي رحل فيه مربينا الجليل رحيلا ابديا الى عالم اللاعودة وذلك بتاريخ 7/1/2012 تاركا لنا رصيده الثر الذي سننهل منه ما تحتاجه واجهاتنا الثقافية معنا وبيننا ابد الدهر .. نعم جاء الموت كالبرق الخاطف ليخطفه من بين اهله ومحبيه فغادرنا الى دون عودة وترك فراغا كبيرا في الوسط الثقافي .. ستبقى بيننا ومعنا ايها الراحل العزيز وستبقى ذكراك تعشعش في الاعماق دائما وابدا .