المطران فيليكس الشابي / زاخو
ان فرصة اللقاء جميلة لا تعوض. خاصة عندما يلتقي الانسان بزملائه في كهنوت خدمة كنيسة المسيح.
لقد تحمل كل منا عناء السفر في هذا الصيف اللهاب، حيث صادف وان تراوحت درجات الحرارة في ايام الرياضة ما بين 46-48 مئوية في اربيل (114 – 118 فهرنهايت). الا ان اللقاء وحسن الاستقبال من قبل الاب افرام مدير المعهد الكهنوتي وتلامذة المعهد الابطال، وفريق الخدمة، خفف عن الجميع كاهل الحر الاستثنائي بترحابهم وابتسامتهم الدائمة.
كان اللقاء من 19 – 23 تموز. وكان المنهاج مشحونا وممتلئا بالارشادات والمناقشات والحوارات والاسئلة والاجوبة واستخلاص النتائج، والتي من المؤمل ان تؤتي ثمارها في الحاضرين ولا تذهب في طي النسيان.
وقبل البدء بالمحاضرات والارشادات، كان موعدنا اليومي مع قداس وموعظة صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار لويس روفائيل ساكو، الذي كان يدغدغ كل يوم المشاعر والافكار الروحية واللاهوتية المكتسبة مع الزمن لدى الحاضرين مخافة ان تتقولب وتكتسب طابع “الثوابت”، اذ اكد في اكثر من مناسبة أن: “لا توجد ثوابت من حولنا، فالعالم وكل شي يتغير” والثابت تبقى علاقتنا بالمسيح مخلصنا وفادينا، اما طرق التعبير عن ايماننا وروحانيتنا فممكن ان تتغير بحسب الزمان والجيل والفكر الذي نحن نتعامل معه ونشكل جزءا منه.
هذا الاختبار كان جديدا لي، اذ احضره لاول مرة، وكان فرصة للتواصل ثانية مع السادة الاساقفة والذين معظمهم كانوا اساتذتي في كلية بابل قبل ربع قرن، والالتقاء ايضا بالاباء الكهنة الذين تعرفت عليهم سابقا، وايضا التعرف على اخوتنا الكهنة الجدد، واللذين يغلب على محياهم التردد في باديء الامر، ولكن حالما نقترب منهم ونبدأ بمخاطبتهم تراهم يشرقون ويدخلون في المحادثة او يلبون طلبا ما بفرح وبهجة.
ان اهمية اللقاء ضرورية، خاصة للكهنة، وبالاكثر عندما يكون اللقاء ثقافيا وروحيا، لغرض اكتساب الخبرات والمشورات الضرورية للمضي قدما في الخدمة الكهنوتية. فالتجدد مطلوب في عالم اليوم، الذي يتسابق بشدة في عدة ميادين كالاقتصاد والتكنولوجيا والصحة… وعلى كاهن اليوم ان يكون واعيا متيقظا لما حوله وكيف يتصرف ازاء هذه المتغيرات التي بات البعض منها يتغير على اساس يومي، مثل ما يحصل الان مع فايروس كورونا والذي يطور نفسه الى عدة انواع بعد نسخته الاولى (متحور دلتا وكاما…).
اظف الى ذلك، فان الظروف الامنية التي مر بها العراق، والظروف الصحية الاخيرة في زمن كورونا، والالتزامات الرعوية الثقيلة احيانا في حياة الكاهن، تجعل منه اسير الروتين والتقولب في عالم سريع الوتيرة، ومثل هذه اللقاءات والمؤتمرات تفيد في عملية التجديد الداخلي الروحي والنفسي والعلمي للتهيؤ للمرحلة المقبلة. كما كان يقول احد الكهنة: “ان العائلة التي تصلي مع بعض تبقى مع بعض”، هكذا نقدر ان نقول ان “الكنيسة التي تجتمع مع بعض تبقى مع بعض”.