رَأَيْنَا نَجْمَهُ فِي الْمَشْرِقِ وَأَتَيْنَا لِنَسْجُدَ لَهُ ( متى 2: 2).
ابناء كنيستنا في ابرشية القوش وتوابعها سلام الرب معكم وليغمر فرح الميلاد قلوبكم
تهنئة
نقدم لكم تهانينا القلبية ممزوجة بالعاطفة الابوية تجاهكم في حدث ميلاد ربنا ومخلصنا يسوع المسيح القادم لاجل خلاصنا ونحن نتهيأ لاستقبال ميلاد ربنا يسوع المسيح لنوجه فكرنا ومشاعرنا متاملين بمعاني هذا الميلاد الذي هو حدث يتجدد كل يوم في حياتنا وعلامة توجه مسيرتنا.
نجم ظهر في السماء
عندما ولد المخلص ظهر نجم قاد حكماء الشرق الى بيت لحم لكي يلتقوا بمن كانوا ينتظرونه طويلا. ان هؤلاء الحكماء او المجوس يمثلون تطلعات واشواق البشرية بعقلها وحكمتها ومشاعرها. هؤلاء الحكماء يمثلون تلك الاسئلة التي تطرحها النفس الانسانية في اعماق وجودها وتبحث عن اجوبة عنها. لقد ولد المسيح لكي يغمر الانسانية بحضور الله الذي يشبع كل رغبة ويجاوب على كل سؤال فاتحا طريق الامل والرجاء.
تساولأتنا نحن
في ظل الاوضاع التي نعيشها نحن ابناء هذا البلد العراق تتجدد دوما فينا مشاعر القلق والخوف والحيرة. تراودنا افكار نظنها حلولا لازماتنا، تنتابنا مشاعر الخوف من المستقبل، نتردد من التقدم ونعيش خيبات امل واحباط. اليوم وبسبب ما يحيط بنا نشعر بأنتكاسات روحية تبعدنا عن صلاتنا وعيش فرح الاحتفال بالرب وبخلاصه. اللامبالاة تجاه مسووليتنا الاجتماعية والعائلية بدأت تزداد، اليوم بدأنا نفقد المجانية والتطوع والمبادرة، عدم متابعة الاطفال وتركهم فريسة لروح اللهو العبثية المطروحة في اجهزتنا الذكية وعلى شبكة التواصل وغيرها. الفتور في الروح الشبابية، الاستسلام والقنوط.
تحديات واقع اليوم
نحن اليوم محاطون بعالم يقدم كل يوم اشياء تقنية عجيبة من جهة، وبزيادة الرغبة للاستهلاك، ومن جهة اخرى محاطون بعسر الحالة الاقتصادية والفقر وقلة الموارد وكثرة النفقات. تحيطنا اوضاع البلد السياسية الكئيبة، تطرف ونزعات وتوجهات رجعية تحدد حرية الانسان. نزاعات وتفرقة ومصالح ضيقة تهدد احيانا الخير العام. اصوات تدعونا لنحزن ونفقد طعم الفرح او الهروب والهجرة. من جهة اخرى لدينا رغبة الحفاظ على ارثنا ولغتنا وتماسكنا الاجتماعي هنا في ارضنا. اننا فعلا نعيش تحديات يكفي لنا ان نفكر بها قليلا لكي يصيبنا اليأس.
لا تخافوا لدينا القدرة للمواجهة
ولكن مع هذا اليوم لدينا ايضا نور الرب الذي ينير ظلمة واقعنا، فالميلاد ايها الاخوة الكرام هو نجم يشير لنا الطريق، يسوع هو نجمنا المضيء الذي اذا ما ركزنا نظرنا عليه لن نضيع في مسيرتنا، بل سنصل الى عيش حياة يكتنفها فرح لا يستطيع العالم ان يمنحه لنا او يحرمنا منه.
الميلاد هو فرصة اكثر من ان يكون مجرد مناسبة
لنجدد علاقتنا مع المسيح في هذه الايام المباركة التي هي فرصة ثمينة اكثر من ان تكون مجرد مناسبة. لنوجه قلوبنا اليه عندما نضعه هو وكلمته في المقام الاول في حياتنا. هذه هي التوبة ان نوجه كل حياتنا نحو يسوع. نحتاج ان نعيش حياتنا بواقعية وبقبول الواقع ليس من اجل الخضوع والاستسلام، ولكن من اجل ان نتقوى اكثر لكي نواجهه بصورة افضل. ما يساعدنا على قبول الواقع هو ايماننا المرتكز على التجرد والثقة بالرب الذي لا يتخلى عنا ويعيننا دوما. لنتشجع مثل حكماء المجوس الذين عندما شاهدوا النجم تحركوا مقتفين اثره، غير مكترثين بصعوبة الطريق الطويل ومخاطره. هذا الميلاد 2021 هو سطوع لنجم المسيح الذي يجدد دعوته لنا للمسير نحوه عبر طريق التحديات التي تحيط بنا. يلزمنا ان نتحرك في دواخل ذواتنا وقلوبنا لكي ننتصر على الإخفاق والقنوط، لكي تتقوى ارادتنا المسيحية التي تستطيع بالرب ان تعمل كل شي. ان النجم في السماء يمكن للجميع رؤيته، هكذا هو يسوع، النجم الذي يظهر اليوم لنا ليقودنا، لننظر اليه لكي نتوحد جميعا، سواء كنا واجهة روحية او مدنية وكافة الفعاليات، من اجل خير بلداتنا وخير مجتمعنا لكي نكون مثالا يستنير به الاخرين. فرصة ميلادية مباركة وسعيدة لكم يا أبناء ابرشيتنا في القوش – تلسقف – باطنايا – الشيخان- باقوفا – بيندوايا ومجمع جمبور والشرفية، لكم ولكل أبناء بلدنا وكنيستنا أينما كنتم، لتحل عليكم بركة الرب وسلامه معكم امين.
المطرانان
مار ميخا مقدسي. ومار بولس ثابت مكو
مطرانية ابرشية القوش الكلدانية.
الاحد الرابع من زمن البشارة
19/ 12/ 2021