الاحد الاول من الدنح

Khoranat alqosh9 يناير 2022869 viewsLast Update :
المطران مار بولس ثابت
المطران مار بولس ثابت

الانجيل: لوقا ٤: ١٤- ٣٠
يبدأ يسوع بأعلان بشرى الخلاص من خلال اعلان تحقيق نبؤة اشعيا التي تتكلم عن اعمال الله بالمسيح المنتظر. ان ما يعلنه يسوع هو سنة الرب المقبولة. ان مجيء يسوع الى العالم هو بالذات هذه السنة التي يسميها الكتاب المقدس باليوبيل. حيث يأمر الكتاب المقدس بأن تكرس كل سنة سابعة لتكون سنة تحرير الانسان من ديونه, اعادة ما فقده بسبب ظروفه الصعبة, تحرير العبيد ليصبحوا احرار. انها سنة راحة وعدالة يصلح بها كل خلل وعدم توازن اجتماعي. لقد تطلع الانبياء الى هذا الزمن الذي به تتحرر الانسانية من كل ديونها, وخاصة تلك العميقة منها التي تعطل العلاقة مع الله. ان تشوه علاقة الانسان مع الله يجر على الانسانية الكثير من الويلات: انها المظالم, العلاقات الخاطئة, الظلم, الحروب, نزعة استعباد الاخرين, واقع محزن يجر باليأس على الانسان واضعا اياه تحت عبودية تقلق وجوده. يسوع يعلن برنامجه الذي يشير الى تحرير الانسان, الى نتائج عمله الخلاصي, ولكن لا يشير الى الكيفية. ان الطريقة التي بها يخلص يسوع الانسانية ويمنحها الحرية مرتبطة بشخصه هو ومواقفه التي سوف يعيشها. الخلاص يكون في شخصه والنبؤة تحققت لانه هو اليوم موجود: هو يمثل الخلاص, زمنه هو زمن الموعود, اذ ان حضوره يعني ان الامكانية للتحرر موجودة: يسوع هو حرية الانسان الحقيقية. “اليوم تم هذا”, لا يقصد يوم محدد من ايام السنة, بل هو اللحظة التي بها ينفتح الانسان على يسوع, ويقبل به مخلصا, اي ان يخضع حياته بكل حرية وقناعة لمنطقه وكلمته. اذن قبول يسوع هو اساس للتحرر من السبب الذي يستعبد الانسان. هذا القبول يعتمد على اختبار عميق لدعوة يسوع التي تتسامى بالانسان على الفكر الضيق الاناني. لقد رفضوا يسوع في مجمع كفرناحوم لانهم يتوقعون منه خوارق واعاجيب. ينتظرون خلاصا يبهر العيون, خلاصا سهلا وسريعا. ان الخلاص الذي يحمله يسوع هو بناء الانسان في دواخله بناءا اصيلا, يكون من خلال شفاء نظرة الانسان الى الحياة, نظرة تصبح كتلك التي لله, اي انها نظرة تتجاوز محدوديات الذات الانانية, نظرة تؤدي بصاحبها الى الخروج من التقوقع والاكتفاء بما لديه, ليكون دوما منفتحا متجددا. ان حقيقة يسوع الخلاصية نراها في ثباته على رسالته, اليوم يرفض, وهذا الرفض في الناصرة هو رفض منهجي, اي انه يوجد تشبث بافكار الخلاص التي كانت تراود هذا الشعب والتي اختلطت بمصالح ونزعات ضيقة انانية. يسوع يذكر مثالين يفضحان هذا التقوقع: مثال الارملة التي بعث اليها ايليا ونعمان السوري, غريبان وثنيان تجرى لهما معجزات لانهما يؤمنانو اي ينفتحان بثقة على تدبير الله, هذا ما رفضه اليهود في يسوع المسيح, والنتيجة كانت موت الصليب. يسوع لا يتوقف, ولكنه يعلن الخلاص بالرغم من الرفض. اليوم يجتاز وسطهم ويفشلوا في القائه من الجبل, كذلك يجتاز الموت ويقوم بعد ان يصلب بسبب رفضهم له. ان ثبات يسوع هذا هو دليل المعنى الاصيل الذي تحويه رسالته وكلمته: مصالح الانسان ومشاكله وتطلعاته تتغير من مكان الى اخر ومن زمن بعد اخر, ولكن توجه الانسان العميق في تحقيق هويته الانسانية, وتوقه الى الحرية هي مسألة تلازمه دوما. يسوع يجاوب على هذه المسألة, يسوع يشفي هذا المرض الدائمي لدى الانسان. اليوم يكون سماعنا لكلمة يسوع لقاء حي معه, اذ انه حاضر بكلمته, حاضر بشخصه من خلال اسراره التي تشفي علاقتنا وتصححها وتساعدنا على عيشها بصورة صحيحة. زمن حياتنا كمسيحيين هو زمن يوبيل دائم, لاننا به نعيش معاني التحرر. نحن مدعوون الى عيش التوبة والغفران, اي الى فتح صفحة جديدة اساسها عيش الرحمة الالهية من خلال رحمة الاخرين. ان عيش هذه السنة المقدسة وهذا اليوبيل يتطلب منا ان نشكل منطق عقلنا حسب الانجيل, اي ان ننظر الى الحياة بمنطق يسوع: منطق الثبات رغم الصعوبات. قناعتنا وايماننا بدعوتنا المسيحية وحقيقتها وصحتها وكونها الطريق الوحيد الى حياة افضل وخلاص ابدي, هو ما يشجعنا على التحمل والصبر وقبول الألم. وهذا ليس بالامر السهل, ولكن قوة علاقتنا مع المسيح وبالتي تضمن لنا هذا فقط. اذن نحن مدعويين اليوم للقاء المسيح في حياتنا وواقعنا, الصلاة والمشاركة في ذبيحته, الغفران والرحمة تكون قنوات نختبر بها حضوره الى جانبنا ونتلمس قدرته التي تساعدنا على المسير.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!