(وارينة الشيخ أصفـر) إمراة ألقوشية لم تلقَ الإهتمام الذي تستحـقة 

Khoranat alqosh21 مارس 20222726 viewsLast Update :
(وارينة الشيخ أصفـر) إمراة ألقوشية لم تلقَ الإهتمام الذي تستحـقة 

تنبري أقلام كُـتابنا المؤرخـين ومثـقـفـيـنا الـنـشامى في سرد عـطاءات شخصيات عـديـدة تستحـق أن تـنال نصيـبها من تـثـبـيـتها في صفحات التأريخ لتميّـزها في مجال السياسة وساحات الـنضال والتعـليم والإدارة والـفـنون والآداب ، ولكـن الـقـليل منها تطرّق إلى نساء برزنَ في مجـتمعـنا الألـقـوشي العـريق والغـني لإغـناء التأريخ والمجـتمع بتميُّـز شخـصيات عاشت يوماً وبـذلت حـياتها من أجـل الإنسان دون إنـتظار مقابل من أية جهة .

و من النساء اللـواتي كان لهـن حـضوراً وأفعالاً مُـبـدعةً لمجـتـمعـنا ولفترة حساسة من تاريخ القوش اذكر المرحـومة ( وارينه الملقبة – شاتو ) كأبـرز إمرأة عاشت في الـقـرن الماضي. الألقـوشية البطلة التي بذلت حـياتها لخـدمة الآخرين و كانت ذائعة الصيت في ألـقـوش وبـدون منافـس مهما يُـقال عـن غـيـرها ، ومع كل الأسـف لم تـلـقَ الإهـتمام الذي تستحـقه سـواء مِن قِـبَـل الكـنيسة أولاً ! أو مِن قِـبَـل الكُـتاب والمؤرخـين الألـقـوشـيـين  أو أحـد الـمقربين اليها ثانيا. كـنـتُ أتمنى ممّن جاوَرها أو من حـكايات أسرته عـرفها ، أن يجـمع نشاطاتها وذكـرياتها وأية معـلـومة عـنها والتي قـدمَـتها لألـقـوش الحـبـيـبة ونـذرت حـياتها من أجـلها .

اسمها الكامل وارينه جرجيس حنا شمينا (شمونا) الشيخ اصفر مولودة في الموصل سنة 1917، توفيت في القوش بتاريخ 22- 11- 1998. اسم والدتها استر يوسف حنينا. زُوِّجت بالمرحوم اوراها ياقونا ولم تنجب أولاداً.

يُعتقد بان اصل اسرتها يعود الى الطائفة اليزيدية (ولم احصل على معلومات تاريخية كافية عن تاريخ اعتناق اسرتها المسيحية) ولكن نعلم بان والدها جرجيس الذي تزوج الألقوشية استير من بيت حنينا فارتبطت ابنتهم وارينه بالقوش واعتبرت نفسها القوشية. بيت شمينا (شمونا)، استغربت من وضع اسمهم (شمينا) في جنسيتها ربما لانهم من اقرباء لها مثل علاقة خال وعمة او لاخفاء اسم شيخ اصفر الذي قد يرمز الى الاسماء المقدسة عند الأيزيديين.

بعـض ممّا أعـرفه عـن نشاطات المرحـومة الخالة وارينا بالإضافة الى قـصة زواجها المؤلمة والـفـريدة من نوعها والتي لا ولـن ترضى بها أية عـروس في عـصرنا الحالي ( لا مجال لخـوض تفاصيلها هـنا ) تستحق التأمل ويضع هذه المرأة في مكانة متميزة عالية, حيث اضطرت الى العمل كخياطة بعد زواجها لتدعم تكاليف معيشتها وقبل وفاتها قدمت كل املاكها الى الكنيسة لتتصرف بها:

١- قادت مجاميع البنات والنساء والأطفال في دارها ، للصلاة والتعـليم المسيحي وتعـليم اللغة الكـلدانية  .

٢- فـتحـت دورات بمثابة الروضة لاحتضان الأطفال وتربـيهم تربية مسيحـية ، حيث لم يكـن في ألـقـوش سوى روضة واحـدة ( في تلك المرحلة ) تابعة للراهـبات والـقـبول فـيها مكلِّف عـلى بساطته .

٣- كانت تـقـدم مساعـدات مادية من مالها الخاص أو من هـبات الطـيـبـيـن وتـوزعـها حسب حاجة المحـتاجـين .

٤- كانت تـقـوم بحلحلة المشاكل الإجـتماعـية بحكـمتها المستـنبطة من تعاليم ربنا ومخـلصنا يسوع المسيح بالإضافة إلى خـبرتها وثقافتها الشخصية .

٥- كانت تُـقاوِم وبشجاعة الأفكار المادية الـدخـيلة عـلى ثقافـتـنا والتي حاولت تشـتّـيت إيماننا المسيحي  .

٦- تحـملـتْ لوم اللائمين من مخـتـلف الجهات وذلك لغـيرتهم من نشاطاتها التي كانوا يشعـرون بالعجـز أمامها ( رغـم تـباهـيهم بالعـظمة !! ) ويفـتـقـرون إلى قـوة إيمانها وشـدة علاقاتها بالمجـتمع وثـقـتهم بها .

٧- كما حـرمَت نفسها من ملذات الحـياة ورضيَـت بنصيـبها في هـذه الحياة الفانية ، وهي من بـين أجمل الـنساء في مرحـلتها .

٨- أخـذت عـلى عاتـقها وبإدارتها ، تـنظـيف هـيكل الكـنيسة وتحضيرها للمناسبات المخـتـلفة بمساعـدة نساء أخـريات .

٩- فـتحَـت أبواب بـيتها للمهاجـرين من المدن الكـبرى أيام الأزمات .

١٠- كانت تـقـيم صلاة دَورية في دارها حسب الطقس الكـنسي وبهـمة عالية .

١١- معروف عنها بخبرتها في الطب الشعبي حيث كان لها دواء لكثير من الامراض حتى الصعبة منها تحضرها من نباتات برية وتنصح باستعمالها للشفاء بشفاعة العذراء.

١٢- كانت تهتم بالأرامل واليتامى وكبار السن والمهملين وتقدم لهم المساعدات المتوفرة في يدها.

١٣- في احدى الأمسيات من سبعينات القرن المنصرم زارت مجلس المرحوم توما توماس ، واستغرب الجميع من تلك الزيارة لكونها المرأة الوحيدة التي تحضر  معهم وبدون سابق انذار، وعاتبت المرحوم توماس عن قيام مجموعة من شباب القوشيون بمتابعتها في طريقها الى الكنيسة واِسماعها كلمات غير لائقة وشتائم لأُسس ايماننا المسيحي (حيث كان معظم الشباب الالقوشيين قد انخرطوا او يتعاطفوا مع الحزب الشيوعي – وكان المرحوم توماس المسؤول الاكبر لذلك التنظيم في حينها) ، فردَّ عليها بان لا علم له بذلك التصرف وسوف يأمر بعدم تكراره ، وطيب خاطرها وودعها مع الحاضرين باحترام.

١٤- ربت في كنفها الطفل اندراوس هرمز زلفا حتى شب وتزوج وظل متعلقا بها حتى وفاتها .

وغـيرها من مظاهـر الهـمّة والعـطاء المجاني التي لا يمكـن حصر تفاصيلها بمنـشور كهـذا ، وكل ذلك دون أن تسجل إسمها عـند أية جهة رسمية او غير رسمية لغاية إستلام مقابل خدماتها ، بل أدّتها بفـرح وإجـتهاد ومحـبة كعاملة في حـقـل الرب ، والرب الذي يرى هـو الذي يجازي .

كلـنا ثـقة وايمان بأن الخالة وارينا الآن تـنال إستحـقاقها عـند الرب في ملكـوته السماوي ، لأن لمثل هـؤلاء أُعِـدّ ت ملكـوت المساوات .

وكانت تـقـول لمَن تعـمل معهم : « مَهْمَا قَالَ لَكُـمْ فَافْـعَـلُوهُ ».” (يو 2: 5) مقـتـدية بأمنا العـذراء مريم .

واليوم لا نرى نساءً يخـدمن الإيمان ويقـدمن هـذا الكم من النشاطات رغم تطور الظروف والوسائل وسهـولتها .

ألا تستحق هذه المرأة أن نـذْكُـرها ونعـظِّمها ونسرد ذكـرياتـنا عـنها لتكون مثالاً يُـقـتـدى بها كما إقـتدينا بأمِّ ربّـنا ؟

وهـنا نـؤكـد أن كلامنا هـذا لا يعـني إستبدال المسيح المخـلص ــ قـدوتـنا العـليا و فادينا ، بتعظيم انسان، بل لجعله نموذجا حياً امامنا يمكن ان يتحقق على الواقع كأقتدائنا بالعذراء والقديسين.

ولا نـنسَ أن الحـصاد كـثير والفعلة قـليلون ، ونحـن بحاجة إلى قـديسين وقـديسات لحياء فعالين للخـدمة بتـفانٍ وبدون مقابل ، وليس جمع المال والضحـك عـلى الـذقـون بشتى الوسائل تحـت إسم ــ التبشير والخـدمة ــ وإستخـدام كلام الكـتاب المقـدس : ( المعـطي المسرور يحـبه الله ) .

نحـن من واجـبنا أن نذكـر الـقـديسين الـذين يمجدون الرب ويذكـرونـنا في الملكوت السماوي ليكـونوا دائماً مثالاً أمامنا  في العـطاء والإجـتهاد في العـمل وإستخدام الوزنات بحكـمة الرب وليس مثل الذين يـبحـثون عـن مجـد زائل .

لو كانت المرحـومة وارينا إمرأة في إيطاليا أو فـرنسا أو أي بـلـد يهـتم ويقيّم أبناءه في تميّزهم ، لـتـمَّ تطويـبها وإعلانها قـديسة منذ زمن ولانتشر اسمها في المعمورة ولنُصب لها تماثيلاً تمجدها كنموذج للمراة المؤمنة التي قدمت حياتها لخدمة الرب والمؤمنين والانسانية ، وهي مستحِـقة أن تكـون كذلك … عسى أن تصل الرسالة إلى المعـنيّـيـن .

أتمنى مِمَّن يمتـلك معـلومات عـن عـطاءات هذه المرأة ، ولم يُسعـفـني قـلمي لسردها أن يتكـرم مشكـوراً ولا يـبخـل عـلينا بإضافـتها .

تأخرت في نشر المقال لعلني احصل على معلومات اكثر وادق .

 

الشماس الإنجـيلي

قـيس سـيـپي

كاليفـورنيا

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

Comments تعليق واحد
Type a small note about the comments posted on your site (you can hide this note from comments settings)
  • الشماس الانجيلي: قيس سيپي
    الشماس الانجيلي: قيس سيپي 31 مايو 2022 - 1:19

    الحاقاً بمقالنا المتواضع
    ((وارينة الشيخ أصفـر) إمراة ألقوشية لم تلقَ الإهتمام الذي تستحـقة) ,
    https://khoranat-alqosh.com/?p=16353
    لي طلب او اقتراح ارجو ان يتوسع صدر السادة المسؤولين لقبوله لانه واجب ومسؤولية على عاتقنا قد نندم عليه اذا مرت سنين اخرى دون القيام بما يمكن ان يكون احد الاعمال التي يقودنا الروح القدس تنفيذه. والمقترح هو:
    بارخمار …
    لكون المرحومة وارينا احدى النساء الاتي خدمن الرب يسوع المسيح والعذراء امه من خلال نشر الايمان واقامة الصلاة والاعمال الصالحة والتي تؤهلها لتكون مطوبة وقديسة.
    اطلب من سيادة المطران مار ميخائيل مقدسي والسيادة المطران بولس ثابت بفتح اضبارة
    File
    وحفظه في الكنيسة، من اجل جمع كل ما يتعلق بالمرحومة وارينا الشيخ اصفر من المعلومات واعمال ونشاطات وصور وافلام واقوالها والذكريات التي تركتها في ذاكرة الالقوشيين وغيرهم من خلال القنوات الاعلامية والكنسية او تكليف لجنة من الشمامسة والمؤمنين القيام بذلك الان لوجود من عايشها . قبل فوات الاوان.
    سمعنا قبل عدة سنوات عن تطويب طفل لم يكن له من نشاطات غير القليل لمحدودية فترة نشاطاته ، فكم بالاحرى تكون المرحومة وارينا مستحقة ذلك التطويب وهي قدمت طوال حياتها من اجل كلمة المسيح والايمان والاعمال التي تركت بصماتها في تاريخ القوش وكان لها دورها في ادامة الايمان لمئات من النساء والبنات والاطفال والعوائل؟
    شكراً للرب الذي الهمني في التفكير والبحث والطلب في ذكر هذه المراة المؤمنة المجاهدة باعمالها .
    وشكرا لكم لوسع صدركم في قراءة ما نفكر به وقبوله بانه ليس من اجل شهرة شخصية او مقابل اجر معين سوى ما يمليه علينا الرب ىيسوع المسيح من خلال عمل الروح القدس ومباركة الرب الاب .
    تحياتي لكم جميعا وشكري وتقديري لاي قرار قد تتخذونه في هذا المجال.
    الشماس الانجيلي
    قيس سيپي
    كاليفورنيا – أمريكا
    kaisacp@hotmail.com
    أيار ٢٠٢٢

عاجل!