ان رؤية شخص ما تعني اللقاء به، حيث يكون اللقاء لاجل غاية وحاجة شخصية في نفس من يريد اللقاء. لقد التقى بيسوع الكثير منالمحتاجين، ليس فقط اولئك المحتاجين الى شفاء او قضاء امر مادي، ولكن التقى به اناس احتاجوا لقضاء امر شفائهم الروحي والتخلص من عبودية التقوقع على الذات وما ينتج منها من خطايا جسيمة. لقد التقى بيسوع اناس باحثين عن الحقيقة التي ترتكز في معرفة الله الصحيحة التي اتى بها يسوع وكشفها. ان بلوغ لقاء كهذا كانت الغاية التي بها وصلت مسيرة الخلاص ذروتها كان هذا اللقاء متى ما قام يسوع من بين الاموات وارى ذاته لتلامذته. نعم هنا اخذا كل اللقاءات الاخرى وما نتج منها من كلام ومواقف في حياة يسوع الارضية معناها وتوضحت. من بعد هذا لن يكون هناك رؤية ولقاء مع يسوع من النوع العادي، بل اللقاء هو معه على دروب التبشير والسير عبر هذا العالم ومقتضياته نحو الملكوت بثقة وايمان مفاده : ان المسيح معنا دوما وهو من يوسع افق نظرتنا وكلماته تتجسد من جديد في واقع اخر متجدد ويتجدد معه المعنى الذي يعطيه هو. هذا هو يسوع الذي التقى به كل القديسين وتلتقي به الكنيسة كل يوم في حياتها الليتورجية، الاخلاقية، الشهادة وغيرها. هذا هو المسيح الذي التقى به اناس اصبحت حياتهم الارضية علامة تشير الى الملكوت، انهم كبار رجالات الروحانية المسيحية. في قصص هؤلاء ومنهم الرهبان. يحكى يوما ان الشيطان ظهر بمظهر انسان لراهب وقال له: انا المسيح، فجاوبه الراهب: لا اريد ان ارى المسيح بهذه الصورة. نعم انها الصورة المزيفة التي يتوق اليها الكثيرين، حيث تتزيف بسبب امور منها: ان يبقى الايمان بالمسيح مجرد مصدر لنيل امور وقتية او نفعية لا غير. هناك من يتوق ليرى المسيح كقوة خارقة تصلح من شأن العالم على طريقة خيال الروايات التي تتكلم عن ( السوبرمان). اصحاب هذا الموقف ينسون ان قوة المسيح كلها تجلت على الصليب، اثناء العذاب والموت والنكران، هناك كان المسيح ممجدا ( حسب انجيل يوحنا). اصحاب هذا الموقف ينسون ان الغفران هو قوة كبيرة تحطم اسوار الكراهية العالية. اصحاب هذا الموقف يتهربون من الشهادة لاسم المسيح مبررين موقفهم بكلمات مقطوعة من اقوال يسوع. انهم يقدمون يسوع المزاج ويظهرون صورة لا تمت له بصلة. نعم لا نريد ان نرى يسوع وكأنه صورة يعلقها شخص ما على حائط ليس لجمالها ولكن ليخفي وراءها عيوبا اخرى في بنائه. لا نريد ان نرى صورة يسوع يشجع تلميذه على الهرب من التزاماته وشهادته في واقعه وان كان صعبا، هذا ما يفعله البعض عندما يبررون قلة التزاماتهم باقوال مقطوعة من الانجيل. اصبحت وسائل التواصل اليوم منفذا تمر عبرها صورة المسيح المشوهة والمحدودة بسبب تقديمه من قبل اناس يغريهم مزاجهم اكثر من ايمانهم. ان الصوت المسيحي هو الصوت النبوي، اي صوت يعلو مدافعا عن الحقيقة، غير اضخ بما يهدده، واثقا ان كل ما يضادده ويضطهده ليس شئيا، لا بل هو مصدر فرح كامل: ” افرحوا وابتهجوا في ذلك اليوم.. هكذا اضطهدوا الانبياء من قبلكم”. نعم صوتنا النبوي هو عيش محبة المسيح ضد القيم الباطلة التي تمجد الانتقام والعنف والتهرب والالتفاف على صوت الضمير. صوتنا النبوي ان نرى المسيح القائم، اي صورته الحقيقية التي تجلت بعد ان اثبت مواقفه وكلماته مائتا لاجلها، من هنا فقط نستطيع الذهاب الى العالم، من هنا فقط نستطيع ان نقدم صورة للمسيح في كل وسائل تواصلنا، بعد هذا فقط نستطيع الذهاب لان يسوع بعد قيامته ولقائه بتلاميذه قال: اذهبوا الى العالم واعلنوا كرازة الانجيل.