سأرسم لكم صورة الشيطان
في الحقيقة لا امتلك موهبة الرسم بالفرشاة والالوان لكي اصور وجه الشيطان بها. كذلك لا اريد ان اجعلكم تتصورون ان سأصف لكم صورة الشيطان تلك التي اعتدنا على رؤيته بها وهو بهيئة بشعة وبقرون او ذيل وما شابه من الرمز القبيح. كلا سأرسم لكم صورة الشيطان الواقعية التي اصبحت الكثير من تفاصيل حياتنا وتصرفاتنا عناصرا تبرزها وتنشطها. نعم الشيطان يبني ذاته على حساب نوع من تصرفاتنا التي تعكس حضوره في الواقع. في تصورنا التقليدي نظن ان الارض اذا انشقت في اعماقها تجد الشيطان، او اذا انصرف وهو يجر اذيال الخزي نتصوره مبتلعا من قبل الارض المنشقة، نعم ولكن لنفهم ماذا يعني ان تنشق الارض لتكون علامة تدل على الشيطان. ان يكون هناك انشقاق وانقسام بين سكان الارض فهذا سيكون علامة تدل على حضور الشيطان وسيادته. الشيطان يغرس قوائم عرشه في المساحة الناتجة بسبب فرقتنا. الكتاب المقدس في الترجمة اليونانية يستخدم اسم diabolos المشتق من عبارة من يفرق وهو يعني المفرق. لنفحص واقعنا الحالي لكي نجد الكثير من الفرقة والانقسام بيننا. علاقات متوترة ومقطوعة، تشنجات في طرح الاراء وسيادة ثقافة العصبية على روح الحوار. تحزبات عوضا ان تكون تنوعا فكريا وسياسيا لاجل الخير العام، تتحول الى عداوات جماعية وشخصية. خلافات عائلية تصبح هدامة ما عادت هناك رحابة صدر تحتويها. خلافات مناطقية على صعيد قرى صغيرة تتطورت لتصبح وكانها قضية مصيرية. ثم لنعود الى معنى كلمة الشيطان ( سطانا) التي تعني المحارب لنجد حضوره في واقعنا اليوم. اليس كل مرة ترفض فيها المشورة الصالحة والنصيحة هي محاربة للخير والحق؟. هناك بما يسمى ” قساوة القلب”، انها تعني الرفض المستمر لصوت الضمير وصوت الله والحق. اليست هذه المواقف عداوة ومحاربة؟. كلما تدق اجراس الخطر لتعلن ان تصرف ما هو هدام يتعمد الناس الى سلوكه. البطالة والسهر والسكر وتدخين الاركيلة والقمار في صالات البينغو وغيرها، نعم بهذه المواقف يقوم الشيطان وتظهر ملامحه في مجتمعاتنا. نظن احيانا انفسنا احرار وحريتنا تقاس بقدر اعتدادنا بنفسنا وصيانة كبريائها، ولكن بهذه المواقف نحن نخسر حريتنا بالذات لنصبح اداة يحركها الشيطان. الشيطان هو المستفز، في سفر التكوين 3 نجد ان الحية التي هي الشيطان تستفز حواء بقولها: ” حقا ان الله قال لكم لا تأكلوا من جميع شجر الجنة؟”. اشارت الحية الى شيء غير واقعي ولم يكن، اي ان الله لم ينه ادم وحواء عن الاكل من جيمع اشجار الجنة. اليوم نجد ان اشخاصا يتصرفون بردود افعال غير موفقة وغير صحيحة لمجرد ان شخص ما استفزهم او فسروا كلماته او حركاته وكأنها استفزاز. اصبح ردود الافعال التي تثار ردا على حركة استفزازية كثيرة، لا بل عند الكثيرين اصبح الرد على اية حركة يقوم به شخص لا نألفه مبدأ وشهامة. اليس الشيطان اذن حاضر هنا؟.اذا حللنا مواقفنا حسب هذا المنظور سوف لن نستنتج صورة الشيطان، وانما بتصرفاتنا هذه نكوّن الشيطان وندعمه لا بل نشيطن مجتمعنا وحياتنا، وهذا هو الأسوأ. الشيطان ليس كلمة من الموروث، انه حالة واقعية قد استشرت في مجتمعاتنا علاجها هو كلمة الله التي تغير حياتنا وتمسح كل امكانية يستغلها الشيطان ليبرز ويسود.
شكرا لشجاعتك في طرح ما تؤمن به والتحليل منطقي ومن الكتاب المقدس . وضمن هذا التعرف الشجاع الذي تفضلتم به سيادتكم للشيطان ، فان الكثرين من المحسوبين – رجال دين – بل قادة كنسيين سيقعون ضمن دائرة هذا التعريف الواقعي، وقد لا يفرحون بطروحاتكَ الشجاعة. احيي فيك هذي القوة المستمدة من الروح القدس ومن عمق ايمانك وغيرتك على تعاليم مخلصنا يسوع المسيح. نحن بحاجة الى رجال دين امثالكم امناء على الايمان الذي استلموه من قديسي كنيستنا وليس المستجدين والمؤونين لتلك الدُرر الموروثة. تحياتي واحترامي لسيادتك. الشماس الانجيلي: قيس سيپي