حالة الطواري لشعب يعيش ازمات وجود
( لا تتردد في قراءتها حتى النهاية)
عندما يمر بلد ما بازمات عميقة تضطر الحكومات الى فرض اجراءات تسمى بحالة الطواريء من اجل التعامل الفعال والمباشر مع الازمة ومخاطرها لاجل التخلص منها سريعا. في هذه الاسطر لا اقدم درسا في السياسة، ولكن ارغب في تسليط الضوء على واقعنا المسيحي في العراق وماذا يلزمنا اليوم ( مقترحات) لكي نستطيع تجنب العاصفة القوية التي تهدد وجودنا على ارضنا. لن اتطرق الى الواقع السياسي في العراق لاني لست سياسيا، ولا اقترح اجراءات امنية لانها ليست من اختصاصي. سوف امر الى تركيبة مجتمعنا ونفسيتنا نحن. انا اؤمن بأن بناءنا من الداخل وتعميق الحس بقضيتنا في نظرتنا للواقع وعيش الحياة هي كفيلة بترسيخ مقاومتنا وان كان ما يأتينا من خارجنا قوي وغير منصف ومهدد. نعم يجب ان نستخدم امكانيات متاحة هي من صلب ايماننا ولا يتطلب تفعيلها او تطبيقها سوى ارادة طيبة. هذه الاجراءات هي:
- لنفهم بان لنا قضية: شعب ذو ثقافة واصل وايمان خاص، قضيتنا هي وجودنا وصيانته في كل جوانبه.
- نحن مسيحيين، يجب ان نغذي ايماننا المسيحي في محطة يوم الاحد في القداس والمشاركة الفعلية.
- ايمان مسيحي من دون دعوة ورسالة يكون عقيما. انا مسيحي في هذه البقعة والمسيح يريد مني ان اكون هنا. لنكتشف دعوتنا.
- ليكن ولاءنا لقضيتنا: نعم الامانة هي للوطن وقضيته، ولكن هذا لا يلغي ان نكون امناء لقضيتنا. من اجل فهم هذا يلزم ان يعي كل العاملين في المجال السياسي من خلال الاحزاب المتنوعة بدورهم بأيصال قضية وجودنا الى منظماتهم الحزبية وكسب دعمها لقضيتنا – لا نريد العكس: اي عندما ينتمي ابناء قرية واحدة الى عدة احزاب عوضا عن المساهمة في تعزيز قضيتنا كل من خلال حزبه تجدهم يتنافرون ويتضاددون غير متفقين والنتيجة تعقيد الامور عوضا عن تسهيلها.
- العائلة اساس المجتمع: هناك عدد كبير من الشباب مرشحين لتكوين عوائل جديدة، ولكن العوائق الغير مبررة تمنعهم. يمكن الزواج حسب متطلباته الاساسية ( الحب والتفاهم والايمان به بأنه وثاق لا ينحل ابدا) والتخلي عن الامورالتافهة والثانوية مثل الحلي والذهب والتقليعات والازياء المبالغ بها وغيرها. ( هل سنجد شبابا سوف يحتفلون بزواجهم حسب حالة الطواريء التي تتضمن: اعلانهم لرضاهم ببعضهم ومباركة الكاهن لهم من دون حفلة خطوبة وحجز وحفلة عرس او ذهب او ملابس خاصة ؟ )
للتذكير: بركة الرب تحل على من يتزوج سواء اقام حفلة ام لا، سواء عمل كوافير او لا، سواء ارتد ذهبا ام لا، باي حلا كان سر الزواج يكتمل.
- الارض: لننظر الى ارضنا نظرة ايمانية، اي كما نعتبر ذواتنا مسيحيين لنعتبر ارضنا مسيحية. لا تفرط بارضك ولا تقم عليها مالكا يختلف ايمانه عن ايمانك انت. لم نسمع بان احدا قد زوج انبته لشخص من دين اخر، كذلك الارض هي العرض.
- التضامن: لا يعني ان اوزع رغيف خبز او كيلو من اللحم كعمل خير، او اقيم وليمة في حال وفاة احد الاقارب وابذر فقط لاجل كلام الناس. التضامن يتطلب التزام جماعي من خلال اشتراكات رمزية شهرية يلتزم بها كل شخص تدفع لصندوق يتعامل مع الازمات الفرعية التي تصيب عائلة او قرية معينة.
- التضامن يعني: ان يتوجه اصحاب رؤوس الاموال من شعبنا الى انشاء شركة مساهمة كبيرة مثلا توظف وتشغل ابناء شعبنا فتعم الفائدة للمساهم والعامل.
- تجديد الافكار: يلزم التحرر من الافكار والاحكام المسبقة. لنشجع عوضا عن النقد. يكفي ترديد عبارات لا يقبلها العقل او الضمير، يرددها الكثيرين لان ثقافة الوقت المعاصر اصبحت استهلاك جمل من دون فهمها. لنشجع مفكري شعبنا ومن يتولى مهمة ادارية بيننا لكي ما هو بدوره ايضا يتفانى في خدمة الوطن والقضية – لنشجع اصحاب المحال والحرف في بلداتنا لكي تزدهر حركة بلداتنا الاقتصادية.
- تربية الاطفال: التربية الصحيحة ليست تقديم كل شيء لاولادنا، بل ما هو مفيد ويبني شخصيتهم ويصقلها. نحن نحيط اطفالنا بهالة من الدلال والعناية التي اصبحت تاخذ اتجاها خاطئا. نشجعهم على الكسل والخمول ونصنع منهم اتكاليين عندما نوفر كل شيء لهم.
- لنتكيف مع ما يطرأ على الواقع من تغييرات. التكيف يقوم على اساس ترتيب سلم للقيم، فلو وضعنا في اعلى السلم قضية وجودنا فأننا حتما سوف نتحمل لاجلها الصعوبات الاخرى الاقتصادية والخدمية والمناخية وغيرها. اذا كانت العائلة اهم فاننا نستطيع ان نضحي ببعض العادات السخيفة التي تيعق تكوينها، وليس العكس.
- اخيرا لا بل اولا واكثر اهمية: ان تكون لنا الجرأة لتطبيق وعيش قناعتنا الجماعية من دون خجل او مساومة او تملق. الارادة هي من تخلق التغيير.
ليست هذه الاجراءات وحيا او شريعة لا تتغير، كلا انها مقترحات تساعد في تعزيز مجتمعاتنا المسيحية وتقويتها لكي تستطيع ان تترسخ في وجودها. هناك من يستطيع ان يضيف اكثر ويطرح هذه المواضيع بصورة اوضح مما طرحته، اننا في طريق كلما تحاورنا واستنتجنا وطبقنا سيكون هذا الطريق سالكا مفتوحا يبلغنا الى قضيتنا.