الفرصة

Khoranat alqosh10 يوليو 2022543 مشاهدةآخر تحديث :
المطران مار بولس ثابت
المطران مار بولس ثابت
الفرصة
الأحد السادس من زمن الرسل
الإنجيل ( لوقا 12: 57-59، 13: 1-9)
سألت إحدى مقدمات البرامج الملياردير بيل غيتس أثرى أثرياء العالم، عن سر نجاحه وثروته فقدم لها شيكاً وطلب منها أن تكتب الرقم الذي تريده، فاعتذرت وقالت “أنت لم تفهم قصدي, ولكن أريد أن أقول كيف أصبحت غنياً؟” فما كان منه إلا أن قدم لها ثانية الشيك لكي تضع المبلغ الذي تريده فاعتذرت فقام بتمزيق الشيك وقال لها: “هذا ما أردت أن أقوله لك: لقد خسرت الفرصة لتصبحي مليارديرة، أما أنا لم أضيع الفرص فأصبحت مليارديراً.” نعم، الفرصة والتي نستطيع أن نسميها بمصطلح ليتورجي لاهوتي ” الزمن الملائم” لإنجاز فعل ناجح. تكون الحياة الإيمانية مثمرة وناجحة، عندما نقرن إيماننا بواقعنا اليومي ونتصرف حسبه في مواقف الحياة. في نص إنجيل هذا الأحد، يعلمنا يسوع هذه الحقيقة من خلال الحث على المصالحة مع الخصم وتسوية المشكلة معه، قبل أن تأخذ بعداً قضائياً وحكماً يعقد الامور. ولكن لنعد إلى جواب يسوع على السؤال بخصوص الرجال الذين هلكوا على يد بيلاطوس ( شر بشري)، أولئك الذين انهار عليهم البرج ( كارثة طبيعية). لم يحلل يسوع الموضوع فلسفياً أو اخلاقياً، ولكنه نبه المستمعين، كما ينبهنا، ونحن أيضاً اليوم نسمع أخبار شرور كثيرة تحدث من حولنا وتفتك بالكثيرين. يدعونا جواب يسوع للتفكير في مسار الحياة التي لابد أن تنتهي يوماً ما وأن اختلفت طرق الموت. يسوع يدعونا إلى استغلال فرصة الحياة والتي يسميها ” التوبة” ” إن لم تتوبوا أنتم فجميعكم كذلك تهلكون” ( لوقا 13: 3). لقد طابقت بين التوبة وفرصة الحياة، لأن الحياة الحقيقية هي تلك الحياة الموجهة نحو الله، وعيش معنى الوجود الذي على أساسه خلقنا. الخطيئة شذوذ عن هذا المعنى وتشويه لهويته الحقيقية. التوبة ليست كما ترسخ في ذهن الكثيرين على أنها ترديد لكلمات وتقديم قائمة بالأفعال الخاطئة أمام الكاهن ( هذا نسميه الاعتراف وهو مرحلة مهمة من التوبة)، التوبة هي تصحيح مسار الحياة وعيش إرادة الله في مواقفها. هي تذكر لهويتنا كأبناء لله ونتصرف حسب هذا المقام. الفرص التي نستغلها هي المواظبة على تغذية نفوسنا وأرواحنا بكلمة الله من خلال القداس الذي به نتناول حياة الله. القداس فرصة تقودنا من مرحلة إلى أخرى ومن نجاح إلى آخر، لذلك القداس هو فعل نقوم به باستمرار كل يوم أحد من دون توقف. سواء عيش الأسرار سواء القيام بعيش إيماننا المسيحي كل يوم في تصرفاتنا، إنما هو انفتاح أمام الله الذي يعمل مثل الفلاح في رعاية شجرة حياتنا لكي تثمر. يسوع يستخدم مثل التينة التي لا تثمر ( لوقا 13: 6- 9). الفرصة التي يمنحها رب الكرمة لشجرة التين والتي هي مدة سنة إنما هي حياتنا الأرضية التي يقدم الله لنا فيها كل الفرص من أجل أن نثمر. هذه الفرص هي: الدعوة للتأمل في تقلبات الحياة، صوت الكنيسة الذي لا يتوقف عن الدعوة إلى عيش كلمة الله والأسرار، إلى التوبة ونبذ الحياة التي لا تليق بالمسيحي، لقاءاتنا مع محتاج ومريض وفقير والكثير من الفرص. إذا قمنا باستغلال هذه الفرص ( عيش الحياة كلها مسيحياً) فمن الأكيد أننا سنولد إنسان حقيقياً. اليوم، لنعتبر حياتنا على الأرض مثل فترة حياة الجنين الذي يتكون في رحم الأم ليولد إنساناً. باستغلالنا لفرص الله سوف نولد بموتنا لحياة جديدة حقيقية. ليس غريباً أن تقوم بعض الشعوب بدفن الميت بوضع يشبه وضع الجنين في رحم الأم، نحن في مسيرة حياتنا نبلغ وضع الجنين الكامل والذي سيقرر ولادتنا هي حياتنا التي عشناها هنا كل أيامنا: فاذا تجاوبنا مع الله ولدنا وإذا أغلقنا أنفسنا أمام كلمته، سوف نكون كالجنين الذي يموت قبل ولادته.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!