تابع البابا فرنسيس يقول إنه لأمر مهمٌّ أن يكون المسيحيون الأوائل قد دُعوا “تلاميذ الطريق”. فالمؤمن يشبه السامري بشكل كبير: فهو مثله مسافر وابنُ سبيل. هو يعرف أنه ليس شخصًا قد “وصل”، ولكنه يريد أن يتعلم كل يوم، واضعًا نفسه على خُطى الرب يسوع، الذي قال: “أنا الطريق والحق والحياة”. إن تلميذ المسيح يسير خلفه فيصبح هكذا “تلميذ الطريق”. إنه يمشي خلف الرب، الذي ليس ساكنًا، بل هو في مسيرة على الدوام: في الطريق يلتقي بالأشخاص، ويشفي المرضى، ويزور القرى والمدن.
أضاف الأب الأقدس يقول لذلك يرى “تلميذ الطريق” أن طريقة تفكيره وتصرفه تتغير تدريجياً، وتصبح أكثر فأكثر مُتطابقة مع أسلوب المعلِّم. بالسير على خطى المسيح، يصبح مسافرًا، ويتعلم – مثل السامري – أن يرى ويُشفق. أولاً يرى: يفتح عينيه على الواقع، فهو ليس منغلقًا بشكل أناني في دائرة أفكاره. أما الكاهن واللاوي فقد رأيا الضحية، ولكن الأمر كان كما لو أنهما لم يرياه، لأنهما مالا عَنهُ وَمَضيا. يعلمنا الإنجيل أن نرى: وهو يرشد كل واحد منا لكي يفهم الواقع بشكل صحيح، ويتخطّى الأفكار المسبقة والعقائدية يومًا بعد يوم. ومن ثمَّ يُعلمنا اتباع يسوع أن نتحلّى بالشفقة: أن نتنبّه للآخرين، ولاسيما للذين يتألّمون، والمعوزين. وأن نتدخل على مثال السامري.
تابع الحبر الأعظم يقول أمام هذا المثل من الإنجيل، قد يلوم المرء نفسه أو يلوم الآخرين، ويوجه أصابع الاتهام إليهم بمقارنتهم بالكاهن واللاوي، أو يلوم نفسه من خلال تعداد للمرات التي غاب فيها اهتمام بقريبه. لكني أود أن أقترح عليكم نوعًا آخر من التمارين. بالطبع، علينا أن نعترف بالمرات التي كنا فيها غير مبالين وبرّرنا أنفسنا، ولكن لا يجب أن نتوقّف عند هذا الحد. لنطلب من الرب أن يخرجنا من لامبالاتنا الأنانية ويضعنا على الطريق. لنطلب منه أن نرى الذين نلتقي بهم على طول الطريق ونشفق عليهم، ولاسيما الذين يتألّمون والمعوزين، لكي نقترب منهم ونفعل ما في وسعنا لتقديم يد المساعدة.
وختم البابا فرنسيس كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي بالقول لترافقنا العذراء مريم في مسيرة النمو هذه. ولتساعدنا هي، التي “تُظهر لنا الطريق”، أي يسوع، لكي نصبح نحن أيضًا “تلاميذ الطريق”.