ساعة لفضلك

Khoranat alqosh16 يوليو 2022533 مشاهدةآخر تحديث :
المطران مار بولس ثابت
المطران مار بولس ثابت
نحن مطالبون احيانًا بكامل حريتنا أن نتوقف دقيقة أو لحظة، لإبداء رأي أو القيام بعمل لسنا ملزمين به، لذلك تضاف كلمة: من فضلك. الفضل يعني ما هو زائد ،وما ياتي من أحد من دون مقابل. إنه مصطلح قد يقابله في اللغة اللاهوتية مصطلح ” النعمة”. وكذلك أيضاً في اللغة الاعتيادية نستخدم هذه الكلمة أو غيرها مثل ” تنعم على – تكرم على”. من يطلب منه، هو صاحب الفضل. لكن لنقلب الأمور، لنظهر الحقيقة في مسألة مهمة، إلا وهي الالتزام بوصية الأحد: ” احفظ يوم الرب” والتي تتجسد من خلال القيام بفعل دون الأفعال الأخرى، إنه فعل المشاركة في قداس الأحد. ساعة لفضلك وليس ساعة من فضلك. إن المشاركة في القداس ليست فضلاً نقدمه لله، ولكن نستلم من أفضاله خيرات خاصة. إن مسالة ممارسة متطلبات الإيمان المسيحي ليست إضافة ثانوية أو مكملة، كما ليست عادة اجتماعية ولا أصلاً هي مظاهر دينية. كلا، عيش الإيمان المسيحي من خلال ممارسات خاصة نسميها طقسية أو ليتورجية هو فرصة ولقاء ومبادلة: الفرصة تعني الوقت المناسب من أجل إنجاز عمل ما بنجاح. القداس فرصة للحصول على إجابة لما يداخلنا من قلق عميق بخصوص وجودنا. – القداس لقاء، وهذا يعني أن نتواجه مع شخص ما. نلتقي في القداس أعظم كائن، الله. لطالما فكر الإنسان في الموجود الأعظم والأسمى، في الكثير من الأحيان، كون عنه صورة سلبية مخيفة أو اعتبره مصدر قلق. في القداس نلتقي الله الآب الذي أرسل ابنه ليقدم لنا عنه صورة صحيحة ملئها الحب والحنان. نلتقي الروح القدس الذي يقيم في دواخلنا، أي عمق العلاقة الحميمة التي تربطنا بالله. لقاء الحب هو لقاء تشغف له القلوب ويحبذه الوجدان، لا بل يتوق إليه. – القداس مبادلة ولا نقول عنه مقايضة، لأن المقايضة تعني أن أعطيك بقدر ما تعطيني، ولكن القداس هو مبادلة: طرف يتحمل محدوديات الآخر، والآخر يكسب مواصفات وإمكانيات الطرف الأول. يهب الله ذاته لأجلنا متحملاً حكم خطايانا ومحدوديتنا البشرية ووضعنا المتدني. سواء كان هناك فرصة أو لقاء أو مبادلة، ففي كل حال الله هو الفاعل من أجل إيجادها. نحتاج إلى فرصة بها نطمئن ذواتنا وشكوكنا. نحتاج إلى ترسيخ كل أيام حياتنا بالثقة تجاه مخاوف العدم المتجددة مع كل ساعة تمر ونقترب نحو نهايتنا. نحتاج إلى اللقاء المشحون بالحب، نحتاج إلى الآخر الذي يبادر إلينا ويخرجنا من تعاسة الوحدة. نحتاج إلى الحوار الذي يجعلنا شخصاً إنسانياً حقيقياً. نحتاج إلى المبادلة، إلى من يستطيع أن يرفع عن كواهلنا ثقل واقعنا المحدود والمغلق. مهما كانت خبرة الإنسان الدينية ودرجة ممارسته واعتقاده، يبقى محتاجاً للغفران. لا يوجد إنسان مهما كان قلبه قاسياً يرفض أن يعفى عن هفواته أو تجاوزاته، تبقى الديون النفسية والروحية حملاً نحتاج جميعاً للتخفيف منه. عزيزي المسيحي، أنت تضيع ساعات طويلة في أمور تنتهي حال الانتهاء منها من دون أن تضيف شيئاً لحياتك، بينما ساعة واحدة أسبوعياً تبني وجودك الإنساني وتساعدك لكي تعطي معنى لحياتك كلها تستهين بها. إخوتي، لا نستطيع أن نستغني عن وجبة طعام يومية لأن جسمنا يصرخ طالباً الطعام. لنفكر في ما هو أكبر من جسمنا، لنفكر في وجودنا الشخصي الكامل الذي يصرخ من الأعماق طالباً الجواب والمعنى والسلام والثقة، وهذه لن تلبى له إلا بالقداس. ساعة إذن لفضلك ولخيرك استثمرها.
اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!