أيّها الشّباب الأعزّاء،
كان موضوع اليوم العالمي للشّبيبة في بنما هو: “أَنا أَمَةُ الرَّبّ، فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ” (لوقا 1، 38). بعد ذلك الحدث، استأنفنا طريقنا نحو هدف جديد هو- لشبونة 2023 – ودعوة الله الملحة يتردّد صداها في قلوبنا، لنقوم ونتابع المسيرة. في سنة 2020، تأمّلنا في كلمة يسوع: “يا فَتى، أَقولُ لَكَ: قُمْ!” (لوقا 7، 14). في السنة الماضية، ألهمتنا شخصيّة القدّيس بولس الرّسول، الذي قال له الرّبّ يسوع القائم من بين الأموات: “انهَضْ! سأَجعَلُ مِنكَ شاهِدًا لِهذهِ الرُّؤْيا” (راجع أعمال الرّسل 26، 16). في الفترة التي ما زالت تفصلنا عن لشبونة، سنسير مع عذراء النّاصرة، التي “قامَت ومَضَت مُسرِعَةً” (لوقا 1، 39) مباشرة بعد البشارة، وذهبت لتساعد قريبتها أليصابات. الفعل المشترك في المواضيع الثّلاثة هو ”قام/قامت“، وهو تعبير – لنتذكّره جيّدًا – فيه أيضًا معنى ”القيامة“، و”الاستيقاظ على الحياة“.
في هذه الأوقات الصّعبة الأخيرة، التي تمزّق البشريّة بسبب مأساة الحرب، والتي عانت من قبل من صدمة الجائحة، فتحت مريم للجميع وخصوصًا لكم، أيّها الشّباب مثلها، طريق التّقارب واللقاء. أتمنّى، وأؤمن بشدّة، أنّ الخبرة التي سيعيشها الكثيرون منكم في لشبونة، في آب من السنة القادمة، ستكون بداية جديدة لكم أيّها الشّباب – ومعكم – للبشريّة جمعاء.
قامَت مَريم
بعد البشارة، كان بإمكان مريم أن تركّز على نفسها، وعلى همومها ومخاوفها بسبب وضعها الجديد. لكنّها لم تفعل ذلك. عكس ذلك، وضعت كلّ ثقتها بالله. وفكّرت بالحريّ في أليصابات. قامت وخرجت مع ضوء الشمس، حيث الحياة والحركة. على الرّغم من أنّ بشارة الملاك الصّادمة أحدثت شبه ”زلزال“ في خططها، إلّا أنّ الشّابة لم تتأثّر ولم تتوقَّف حركتها، لأنّ يسوع في داخلها، وهو قوّة القيامة. إنّها تحمل في داخلها منذ الآن الحمل المذبوح والحيّ دائمًا. قامت وتحرّكت، لأنّها واثقة أنّ خِطط الله هي أفضل الخطط لحياتها. أصبحت مريم هيكل الله، وصورة للكنيسة التي تسير، والكنيسة التي تخرج وتضع نفسها في الخدمة، والكنيسة التي تحمل البشرى السّارّة!
اختبار حضور المسيح القائم من بين الأموات في حياتنا الشخصيّة، ولقاؤه ”حيًّا“، هو أعظم فرح روحيّ، هو انفجار نور لا يمكن أن يترك أحدًا ”جامدًا“ في مكانه. إنّه يحمل على الحركة فورًا ويدفعنا لنحمل هذه البشرى إلى الآخرين، ولنشهد لفرح هذا اللقاء. هذا ما حرّك التّلاميذ الأوائل لكي يسرعوا ويروا ما حدث في الأيام التي تلت القيامة: “فتَركَتا القَبرَ مُسرِعَتينِ وهُما في خوفٍ وفَرحٍ عَظيم، وبادَرتا إِلى التَّلاميذِ تَحمِلانِ البُشْرى” (متّى 28، 8).
تستخدم الروايات عن حدث القيامة غالبًا فعلَين: ”أيقظ وقام“. مع هذين الفعلَين، يدفعنا الرّبّ يسوع إلى أن نخرج إلى النور، لنتركه يقودنا لكي نتجاوز عتبة كلّ أبوابنا المغلقة. “إنّها صورة معبّرة للكنيسة. نحن أيضًا، بكوننا تلاميذ الرّبّ يسوع وجماعة مسيحيّة، مدعوّون إلى أن نقوم سريعًا للدخول في ديناميكيّة القيامة وللسماح للرّبّ يسوع بأن يقودنا على الطرق التي يريد أن يَدُلَّنا عليها” (عظة قداسة البابا فرنسيس في مناسبة عيد القديسَين بطرس وبولس، 29 يونيو/حزيران 2022).
أمّ الرّبّ يسوع هي نموذج للشّباب المتحرّك، غير المتجمّد أمام المرآة ليتأمّل في صورته الخاصّة أو ”المقيّد“ في شبكة الإنترنيت. إنّها مندفعة كلّها نحو الخارج. إنّها امرأة الفصح، وفي حالة خروج دائم، خروج من نفسها نحو الآخر الكبير الذي هو الله، ونحو الآخرين، الإخوة والأخوات، لا سيّما أكثرهم حاجةً، كما كانت قريبتها أليصابات.
… فمَضت مُسرِعَةً
كتب القدّيس أمبروسيوس من ميلانو، في شرحه لإنجيل لوقا، أنّ مريم انطلقت مسرعة نحو الجبل “لأنّها كانت سعيدة بالوعد وترغب في أن تؤدّي الخدمة بإخلاص، مع الحماس الذي ملأها بفرحها الداخليّ. امتلأت بالله، فإلى أين كان يمكنها أن تذهب مسرعة، إلّا نحو العُلى؟ نعمة الرّوح القدس لا تتحمَّل الإبطاء”. لذلك، سرعة مريم هي اندفاعها للخدمة، ولحمل البشرى السّارّة، ولاستجابتها الفورية لنعمة الرّوح القدس.
تركت مريم نفسها تسمع، سمعت حاجة قريبتها المسنّة. فلم تتراجع، ولم تبقَ غير مبالية. فكّرت في الآخرين أكثر من تفكيرها في نفسها. فأضفى هذا على حياتها ديناميّة وحماسة. يمكن لكلّ واحدٍ منكم أن يسأل نفسه: كيف أتفاعل مع الاحتياجات التي أراها من حولي؟ هل أفكّر مباشرة في مبرّر كي لا ألتزم، أم أهتمّ وأكون مستعدًّا للخدمة؟ بالتّأكيد، لا يمكنكم حلّ مشاكل العالم كلّها. لكن، ربّما يمكنكم أن تبدأوا بمشاكل القريبين منكم، وبقضايا بلدكم. قالوا مرة للأم تيريزا: ”ما تفعلينه أنت هو مجرّد قطرة في المحيط“. فأجابت: ”لكن، إن لم أفعله، سينقص المحيط قطرة واحدة“.
أمام حاجة عملية ومُلِحّة، يجب أن نتحرّك بسرعة. كم من الناس في العالم ينتظرون زيارة من شخص ما لكي يعتني بهم! كم من المسنّين، والمرضى، والمساجين، واللاجئين يحتاجون إلى نظرتنا العطوفة، وزيارتنا لهم، وإلى أخ أو أخت يتجاوز حواجز اللامبالاة!
أيّة ”سرعة“ تحرّككم، أيّها الشّباب الأعزّاء؟ ما الذي يجعلكم تشعرون بضرورة التحرّك، لدرجة أنّكم لا تستطيعون أن تبقوا جامدين مكانكم؟ كثيرون – الذين أصيبوا بشدائد مثل الجائحة، والحرب، والهجرة القسريّة، والفقر، والعنف، وكوارث المناخ – يتساءلون: لماذا حدث هذا لي؟ ولماذا أنا بالتّحديد؟ ولماذا الآن؟ فيتوارد السّؤال الجوهري الوجودي: أنا لِمَن؟ (راجع الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس، المسيح يحيا CHRISTUS VIVIT، 286).
إنّ سرعة امرأة النّاصرة الشّابّة هي مثلُ سرعة الذين تلقّوا مواهب مميّزة من الرّبّ ولا يسعهم إلّا مشاركتها، وإلّا أن يجعلوا النعمة الكبيرة التي اختبروها تفيض على غيرهم. إنّها سرعة الذين يعرفون كيف يضعون احتياجات الآخرين فوق احتياجاتهم. مريم هي مثال الشّابّة التي لا تضيّع وقتها في البحث عن انتباه الآخرين أو موافقتهم – كما يحدث عندما نكون تابعين لــ ”أعجبني“ على وسائل التّواصل الاجتماعيّ – بل هي تتحرّك لتبحث عن التّواصل الأصيل، الذي يأتي من اللقاء، ومن المشاركة، ومن المحبّة والخدمة.
منذ حَدَثِ البشارة وما بعده، ومنذ أن غادرت مريم بيتها لأوّل مرّة لتزور قريبتها، ما زالت مريم تجتاز المسافات والأزمنة لكي تزور أبناءها المحتاجين إلى عونها ومحبتها. إنْ سَكَنَ الله مسيرتنا، فإنّه يقودنا مباشرة إلى قلب كلّ أخ وأخت لنا. كم من الناس يشهدون لزيارة مريم لهم، أمّ يسوع وأمّنا! كم من الأماكن النّائية على الأرض، وعلى مرّ القرون، زارت مريم شعبها – بالظهورات أو بنِعَمٍ خاصّة -! عمليًّا، لا يوجد مكان على هذه الأرض لم تزره مريم. أمّ الله تسير في وسط شعبها، يدفعها حنانها المليء بالمحبّة، وتتحمّل معنا ما ينتابنا من القلق وتقلّبات الزمن. وحيثما يوجد مزار، أو كنيسة، أو ”كبيلا“ مخصّصة لها، يتدفّق عليها أبناؤها بأعداد كبيرة. كم من الطرق للتعبير عن التّقوى الشعبيّة. رحلات الحجّ، والأعياد، والتضرّعات، واستقبال الصّور في البيوت وأمثلة أخرى عملية تدلّ على العلاقة الحيّة بين أمّ الرّبّ يسوع وشعبها، في زيارة متبادلة!
السّرعة الجيّدة تدفعنا دائمًا نحو الأعلى ونحو الآخر
السّرعة الجيّدة تدفعنا دائمًا نحو الأعلى ونحو الآخر. هناك أيضًا السّرعة السيّئة، على سبيل المثال السّرعة التي تقودنا إلى أن نعيش بشكل سطحيّ، ونأخذ كلّ شيء ببساطة وخفّة، دون التزام أو اهتمام، ودون أن نشارك فعلًا في الأمور التي نعملها، السّرعة عندما نعيش، وندرس، ونعمل، ونتردّد على الآخرين، دون أن نضع عقولنا ولا حتّى قلوبنا في ذلك. يمكن أن يحدث هذا في العلاقات بين الأشخاص: في العائلة، عندما لا نستمع حقًّا للآخرين ولا نخصِّص وقتًا لهم أبدًا، وفي الصّداقات، عندما ننتظر من صديق أن يمتّعنا ويستجيب لمتطلباتنا، ثمّ نتجنّبه مباشرة ونذهب إلى آخر إن رأينا أنّه في أزمة وفي حاجة إلينا، وحتّى في العلاقات العاطفيّة، بين المخطوبين، قليلون هم الذين يصبرون حتى يعرفوا ويفهموا بعضهم بعضًا في العمق. هذا التصرّف نفسه يمكن أن نجده في المدرسة، وفي العمل وفي مجالات أخرى في الحياة اليوميّة. حسنًا، كلّ هذه الأمور التي نعيشها بسرعة من الصّعب أن تُؤتِيَ ثمرًا. والخطر هو أنّها ستبقى عقيمة. نقرأ في سفر الأمثال ما يلي: “أَفكارُ المُجِدِّ إِنَّما هي لِلرِّيحْ، وكُلُّ عَجولٍ – السّرعة السيّئة – إِنَّما هو لِلعَوَز” (21، 5).
عندما وصلت مريم أخيرًا إلى بيت زكريّا وأليصابات، حدث لقاء في غاية الجمال! أحسَّت أليصابات في نفسها تدخّلًا عجيبًا من الله، الذي منحها ابنًا في شيخوختها. كان لديها كلّ الأسباب لتبدأ فتتكلّم على نفسها أوّلًا، لكنّها ليست ممتلئة من نفسها، بل مندفعة لتستقبل قريبتها الشّابّة وثمرة بطنها. ما أن سمعت سلامها، امتلأت أليصابات من الرّوح القدس. تحدث هذه المفاجآت واندفاعات الرّوح، عندما نعيش الضيافة الحقيقيّة، وعندما نضع الضّيف في المكان الأوّل، لا أنفسنا. هذا أيضًا ما نراه في قصة زكّا. نقرأ في لوقا (19، 5-6): “فلَمَّا وَصَلَ يسوعُ إِلى ذلكَ المَكان [حيث كان زكّا]، رَفَعَ طَرْفَه وقالَ له: يا زَكَّا انزِلْ على عَجَل، فيَجِبُ عَلَيَّ أَن أُقيمَ اليَومَ في بَيتِكَ. فنَزَلَ على عَجَل وأَضافَه مَسرورًا”.
حدث للكثيرين منّا أنّ يسوع جاء للقائنا بشكل غير متوقّع: كانت المرّة الأولى لمّا أحسَسْنا بقُرب الغير منّا، وبالاحترام، وغياب الأحكام المسبقة والإدانات، وبنظرة الرّحمة التي لم نلقَهَا قط من قبل في الآخرين. ليس ذلك فحسب، بل شعرنا أيضًا أنّ يسوع لا يكتفي بأن ينظر إلينا من بعيد، بل يريد أن يبقى معنا، ويريد أن يشاركنا حياته. أثار فرح هذه الخبرة فينا السّرعة لأن نستقبله، والاندفاع للبقاء معه ومعرفته بشكل أفضل. أليصابات وزكريّا استضافا مريم ويسوع! لنتعلّم من هذين الشّيخَين معنى الضّيافة! اسألوا والديكم وأجدادكم، واسألوا أيضًا الشّيوخ في جماعاتكم، ماذا يعني بالنّسبة لهم أن يكونوا مضيافين لله وللآخرين. من الجيّد أن تستمعوا إلى خبرة الذين سبقوكم.
أيّها الشّباب الأعزّاء، لقد حان الوقت لكي تنطلقوا بسرعة من جديد نحو لقاءات عمليّة، ونحو استقبال حقيقي لمن هو مختلف عنّا، كما حدث بين مريم الشّابّة وأليصابات الكبيرة في السّنّ. هكذا فقط نتغلّب على المسافات – بين الأجيال، وبين الطّبقات الاجتماعيّة، وبين المجموعات العرقيّة، وبين المجموعات والفئات من كلّ نوع – والحروب أيضًا. الشّباب هم دائمًا الأمل في وحدة جديدة للبشريّة المجزّأة والمنقسمة. لكن على شرط أن تكون لديهم ذاكرة، وفقط إن استمعوا إلى مآسي وأحلام كبار السّنّ. “ليس من قبيل الصّدفة أن تعود الحرب إلى أوروبا في الوقت الذي يختفي فيه الجيل الذي عاشها في القرن الماضي” (رسالة قداسة البابا فرنسيس في مناسبة اليوم العالمي للأجداد وكبار السّن). نحن بحاجة إلى أن يتحالف الشّباب مع كبار السّنّ، حتّى لا ننسى دروس التاريخ، وحتّى نتغلّب على الاستقطاب والتطرّف في هذا الزّمن.
أعلن القدّيس بولس عندما كتب إلى أهل أفسس، قال: “في المسيحِ يَسوع، أَنتُمُ الَّذينَ كانوا بالأَمْسِ أَباعِدَ، قد جُعِلتُم أَقارِبَ بِدَمِ المسيح. فإِنَّه سَلامُنا، فقَد جَعَلَ مِنَ الجَماعتَينِ جَماعةً واحِدة وهَدَمَ في جَسَدِه الحاجِزَ الَّذي يَفصِلُ بَينَهما، أَيِ العَداوة” (2، 13-14). يسوع هو جواب الله على تحدّيات البشريّة في كلّ زمن. وهذا الجواب، كانت مريم تحمله في داخلها عندما ذهبت للقاء أليصابات. أعظم هديّة منحتها مريم لقريبتها المتقدمة في السّنّ هي أنّها حملت إليها يسوع. بالتأكيد، أيضًا، المساعدة العمليّة التي قدّمتها لها هي ثمينة جدًّا. لكن، لا شيء كان بإمكانه أن يملأ بيت زكريّا بفرح عظيم ومعنى كبير مثل حضور يسوع في بطن مريم العذراء، الذي أصبح مسكن الإله الحيّ. في تلك المنطقة الجبليّة، يسوع، بمجرّد حضوره، ومن دون أن ينطق بكلمة واحدة، أعلن ”عظته الأولى على الجبل“: أعلن، بصمت، تطويب الصّغار والمتواضعين الذين يسلمون أنفسهم لرحمة الله.
رسالتي إليكم، أيّها الشّباب، والرّسالة الكبرى التي تحملها الكنيسة هو يسوع! نعم، هو نفسه، ومحبّته اللامتناهية لكلّ واحد منّا، وخلاصه والحياة الجديدة التي منحنا إيّاها. ومريم هي النّموذج الذي يعلّمنا كيف نستقبل هذه العطيّة الكبيرة في حياتنا وكيف نوصلها إلى الآخرين، فنصبح بدورنا حاملين للمسيح، وحاملين لمحبّته الرؤوفة، ولخدمته السخيّة للبشريّة المتألّمة.
كلّنا معًا إلى لشبونة
مريم كانت فتاة مثل الكثيرين منكم. كانت واحدة منّا. هكذا كتب عنها المطران تونينو بيلّو: “يا قدّيسة مريم، […] نحن نَعلَم جيّدًا أنّه كان مقدّرًا لك أن تبحري في البِحار العميقة. لكن إن أرغمناك على أن تبحري بالقرب من سواحلنا، هذا ليس لأنّنا نريد أن ننزلك إلى مستويات سواحلنا الضيقة. بل لأنّنا عندما نراكِ قريبة جدًا من شواطئ إحباطنا، يمكنك أن تؤكدي لضمائرنا بأنّنا مدعوّون نحن أيضًا إلى المغامرة، مثلك، في محيطات الحريّة” (مريم امرأة من أيّامنا، مطبعة سان باولو، 2012، 12-13).
من البرتغال، كما ذكرت في الرّسالة الأولى لهذه الثلاثيّة، غادر شباب كثيرون في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، – من بينهم مرسَلون كثيرون- إلى عوالم مجهولة، وليشاركوا أيضًا خبرتهم مع يسوع مع شعوب وأمّم أخرى (راجع رسالة قداسة البابا فرنسيس في مناسبة اليوم العالمي للشّبيبة 2020). وإلى هذه الأرض، في بداية القرن العشرين، أرادت مريم أن تقوم بزيارة خاصّة، حيث أطلقت من فاطيما إلى جميع الأجيال الرّسالة القويّة والمذهلة لمحبّة الله التي تدعو إلى الارتداد والحريّة الحقيقيّة. إلى كلّ واحد وإلى كلّ واحدة منكم أجدّد دعوتي الحارّة إلى المشاركة في الحجّ الكبير للشّباب عبر القارّات، الذي سيبلغ ذروته في اليوم العالمي للشّبيبة في لشبونة في آب من السّنة القادمة، وأذكّركم أنّه في 20 تشرين الثّاني القادم، في عيد المسيح الملك، سنحتفل باليوم العالمي للشّبيبة في الكنائس الخاصّة المنتشرة في جميع أنحاء العالم. في هذا الصّدد، يمكن أن تكون الوثيقة الأخيرة التي أصدرتها دائرة العلمانيّين والعائلة والحياة – ”توجيهات رعويّة للاحتفال باليوم العالمي للشّبيبة في الكنائس الخاصّة“ – مفيدة جدًّا لكلّ الأشخاص الذين يعملون في رعويّة الشّباب.
أيّها الشّباب الأعزّاء، أحلم أنّه في اليوم العالمي للشّبيبة يمكنكم أن تختبروا من جديد فرحَ اللقاء مع الله والإخوة والأخوات. بعد فترات طويلة من الابتعاد والعزلة، ستجدون معًا في لشبونة – بعون الله – فرح العناق الأخويّ بين الشّعوب وبين الأجيال، وعناق المصالحة والسّلام، وعناق الأخوّة الجديدة المُرسَلة! ليُضرم الرّوح القدس في قلوبكم الرّغبة في النّهوض وفرح السّير معًا بأسلوب سينودسيّ، فتتخلّوا عن الحدود الزّائفة. الآن حان وقت النّهوض! لننهض بسرعة! ولنحمل مثل مريم، يسوع فينا، ولنوصله إلى الجميع! في هذه المرحلة الجميلة جدًّا في حياتكم، تقدّموا، لا تؤجّلوا ما يمكن أن يعمله الرّوح فيكم! أبارك من كلّ قلبي أحلامكم وخطواتكم.