مـوفـق ســاوا / ســيــدنــي
الفصل الثالث
المحــتـوى
أولاً /الموصل والمسرح السرياني
ثانيا ً/ألقوش والمسرح السريانــــي
– فرقة مسرح الدير في ألقـوش
– فرقة مسرح ألقوش
– الاسـتـنـتـــــــــــــاج
ثالثاً / قره قوش والمسرح السرياني
-فرقة مسرح قره قوش للتمثيل
-الاسـتـنـتـــــــــــاج
رابعا / كـركـوك والمسرح السـريانـي
أولاً / الموصـل والمسرح السريانـي
***************************************
البـدايــــــات
نسعـى إلى تقـديم دراسة عـن البدايات الفنية للناطقيـن بالسريانية في مجال المسرح عبر توثيـق مـا أمكـن توثيقـه، ومـا قـدمـه هـؤلاء الآبـاء والأدبـاء مـن نتاجـات فنيـة وتمثيليات مختلفة على مدى أكثر مـن قـرن، معـتمـديـن علـى بعـض المصادر والمراجع القليلة، وإلى ما وثـقــه كاتب هـذه السطور في مجلة ( المثـقـف الآثـوري الـعـــدد 13 و 14 )، وعلى فولـدرات بعض المسرحيات والمشاهــدات الخاصـــة.
لا يمكـن أن نـثـبـت بـأن بـدايـة المسـرح فـي الـعـراق عـموما كانت منـذ عـام 1750م كما تـناقـلـتـه بعـض المجلات والجرائـد العراقيـّة القديمة آنـذاك لأنهـا لاتعـتبر مرجعاً لأي باحث يتوخى الدقـة العلمية في بحثـه ” ولم يتفـق الباحثـون حتـى الآن علـى تاريخ يوم، وشهر، وسنة بـدايـة هـذا النشاط. وكل ما يستطيع الباحث قوله بهـذا الصدد، بـأن هــذه الانطلاقـة التي تُـعـنـى بـالـفـــن المسـرحي كانـت ضمــن النطـاق الـدينــي للـكـنـيســـة والأديــــرة ” “10”
لا بـد فـي هـذا البحث أن نوضـح حـقـيقـة هـي غـايـة فـي الأهـميـة التـي غـابـت أو تغـيـّبـت عـن فكـر بعـض البـاحثـيـن وهي أن للآبـاء والشمامسة، فـي نينـوى، اليـد الطولـى وفضـل كبيـر فــي إدخــال هــذا النـوع مــن الجـنــس الأدبـي ( الفـن المسـرحي ) إلـى المشـهــد الثـقـافـي العـراقـي، إضافـة إلـى جماعـة التبشيــر الدينــي المسيحي الذين كانـوا بالفعــل عـامـلا مساعــدا فـي نشــر وتشجـيـع واستمـرار النشاط الفـنــي والأدبــي، وذلـك مــن خــلال مطـابعـهـم ومـدارسهـم والكـتـب المتـرجـمــة، مـُقـدمـيـــن خـدمـاتهــم الجليلـة، بـغــض الـنـظــر عـــن تـوجهـاتهــم وأهــدافـهـــم وأغـراضهــــــم.
ويـتـفـق اكـثـر مـن بـاحـث علـى أن بـدايـات النشـاط المسرحي في الـعـــراق انـطـلـقــت من نـيـنـوى ( فـي مدينــة الموصـل وألقـوش) بـقـيــادة الآبــاء والأدبــاء الـنـاطقـيــــن بـالسـريـانيـــــة.
ولـم يكـن المسـرح فـي العــراق تـراثــاً غـربيـاً صـرفــاً كـمـا وصفـه د.علي جــواد الطاهــر فـي كـتابــه ( مسرحـيـات وروايـات عـراقـيــة فـي مـآل الـتـقــديــر النقــدي ) الصـادر عـن دار الشوؤن الثقـافـيــة العـامـة/ بغــداد عـام1993م، بل ( أكدت دراسات عراقية و عربيـة وأجـنـبـيــة أن العـراقـيـيـن الـقــدامـى الـذيــن عـاشوا قبل الميـلاد قــد عـرفــوا أشـكـالاً ذات طـابـع مسـرحـي، وقـدمـت تـلـك الـدراسـات شـواهــد مـا زالـت قـائمـة عـلــى وجــود المسـرح فـــي العـراق القـديـم، كـمــا فـي بـابـل وأُروك… وبـأن لبـلاد الـرافـديــن وفـي عـصـورهــا المخـتـلفــة، مسـرحهــا الــذي امـتـلك مـقــومات شكله الفني).”11″
وعـنــد الحـديـث عـن المسـرح في العـراق، بصورة عامة، لابـد ان نمـر ونـقــر ونعـتـرف بـأولـويـــة الابـاء الافـاضـل ( مـن قساوسـة وشمامسة) الـذيــن انــاروا ، بمشـاعلهــم وروحهـم النيـرة، الطريـق الـى عـالــم الفــن المسـرحــي ابـتــداءً مــن المـرحـلـــة الاولـــــى
( مـرحلــة الـــولادة ).
وفيمــا يلـي أهــم الــــرواد في محافظـة نينـوى الـذيــن اشتغـلـوا وزرعـوا البـذور الاولــى فــي هــذا المجــال :
القس حـنـا حـبـش ( 1820- 1882م )
*********************************************
وهــو مــن النـاطقيــن بـاللغــة السـريـانيــة، فـقــد كان شمـَّاساً ثم رُسِــمَ كـاهـنــا، وولـــِدَ فــي بـغــديـــدا
( قـره قـوش عام 1820م )، وخــدم فـي الموصـل وزاخـو وتـوفــي عــام 1882م”12″.
إن الباحث العـراقـي يعـتـرف ضـمـنـيـاً بـريـادة النـاطـقـيــن بـاللغـة السـريـانيـة في مجـال الـفـنــون المسـرحيــة، حينمــا يـُنـسـب تاريخ نشــوء المسرح العـراقـي إلى هـؤلاء الآبــاء والشمامسـة، وخاصـة القـس حنَّـا حـبـش ( شماس سابقاً ) الذي على” يديه اكتمل أول نص مسرحـي فـي الموصـل، وطبع في كتاب عام 1880م باسم كوميديا آدم وحـواء، ويوسـف الحســن وكــوميـــدا طـوبيــّا….. وعـرضــت هـــذه الـتـمـثـيـلـيــات الـديـنـيــــــة الـثــلاث داخـــل الأديــــره .”13″
المعلم نعـوم فتـح الله سحـار ( 1855- 1900 م)
************************************************** *******
وهــو معـلـم مـن مـديـتــة الموصـل، وتلميــذ الآبــاء الـدومنيكـــان الـذيــن اختــاروه مـعـلمـاً فــي مـدرستهــم، واستمـر فــي التعـلـيـــم لمــدة 25 عـامـــاً.
لـقـد تـرجـم نعــومَّ بعـض المسرحيات من الأدب العالمي، وخاصة مـن الأدب الـفـرنسي مـثـل النـص المسرحي، لـطيـف وخـوشـابـــا، المطبوعــة فـي مـطبعــة ديــر الآبـاء الــدومنيكــان فـي مـدينــة المـوصـل عـام 1893م ( وتحتــوي على83 صفحـة ) فـقـــد اسقـط سحـــار مـوضـوعـهـا عـلـى واقـــــع المجـتـمــع العـراقــي وصـاغ حــوارهـــا بـلـغــــة دارجــــة. “14”
تعتبـر مسـرحيـة ( لطيـف وخـوشابا ) أول نص مسرحـي تطرّقـت إلـى القضـايــا الاجتماعيّـة وهـمـوم المجتمـع اليومي. وإضافـة إلـى هـذه المسرحيـة، فقــد ترجم سحار أيضا مسرحيات عدة، من الأدب الفرنسي، منهـا مسرحيـة ( الأميـر الأسيـر) التي مثلت علـى مسرح مدرسـة الآبـاء الدومنيكـان فـي الموصـل عام 1895م ..” وأرى أن ما حقـقـه نعـوم فتح الله سحار هـو نضـج فـي وعيـه بأهمية المسرح كرسـالـة اجتماعيـة، وشكلا فنيا جميلا، وفي ذلك ايضاً دلالة أخرى تتمثـل فـي وجــود نشــاط مسـرحــي جـار، لـه إنجـازات تحـقـقـت فـي زمـن مضــى….”.”15″
الخـــوري هـرمــز نورســو الكــلــــــداني
وسبـق ( لطيـف وخـوشابـا )، الخـوري هـرمـز نـورسـو الكـلـدانـي الماردينـي الـذي كتب مسرحيـة تاريخيــة عـن نبـوخـذنصـر التـــي قدمهــا عــام 1888م عـلـى مســـرح المـدرســة الإكـليـريكيــة فــي مـدينـة الموصل “16 “
ثم قـدم القــس الألـقــوشي إسطيـفــان كـجــو مسرحـيتــه ( الملكــــة إستير) عام 1912م، وبعـده عرض القس فرنسيس حــداد مسرحيـة ( قلعــة أوسمــاوا ) عـام 1924م، وتـلاهــم كتـّاب مـن الآبـــــاء والشمامســة أمثـــال القـس سـليمـان الصائـغ، والقـس انـدراوس صنـا، والأب افــرام الخــوري، والأب يـوسـف حـبـي، وجــورج جـبـوري خــوشــو وغـيــرهـــــم.
( انظـــر القـــوش والمسرح السريانـــي ) .
ويتضـح جـليــاً ممــا سبــق مـدى الـدور الـذي نهـض بـه هــؤلاء الشمامسـه والآبــاء مـن رجـال الـديــن وبعـض الأدبـاء الناطقـيــــن بالسـريـانـيـة فــي بنـاء النــواة الأولــى للفـن المسرحـي في العـراق لـكــونـهـــــــم :
1- يـمـتـلـكــون روحــا فـنـيــة وخــاصـة الحـس المسرحـي بسـبـب ممــارســة الطقــوس الــديـنـيـــة وبشـكـل تـمـثـيلـي كـالـتـراتيــل .
2- إلمـامـهــم بـلغــاة أجـنـبـيـــة مـمــا سـهــل مهـمـتـهـــم لـلاطـلاع عـلــى الـفـنـــون المسـرحـيــــة الـغـــربـيــة .