” لاسو ” و ” بلو ” والمسرح في القوش

Khoranat alqosh16 سبتمبر 2010157 مشاهدةآخر تحديث :
” لاسو ” و ” بلو ” والمسرح في القوش

المسرح في القوش
الكاتب: أدمون لاسو
ومخطوطة للكاتب: نوئيل قيا بلو


صباح هرمز الشاني


أما الكاتب أدمون لاسو فقد قّسّم المسرح في ألقوش في مطبوعه الموسوم (المسرح في ألقوش) الصادر عام2001 إلى ست مراحل ، ابتداء من 1912 إلى عام 2000 و المراحل هي: التأسيس والبواكير الأولى، التعثر، الانتظار، النمو، الشلل، ومرحلة النهوض، وذلك بتقديم العدد التالي من المسرحيات في كل مرحلة:
5 و4 و0 و15 و2 و41 على التوالي، وبذلك يبلغ عدد المسرحيات المقدمة في القوش وحسب المطبوع الآنف الذكر (67)مسرحية ، بينما يبلغ عدد المسرحيات في مخطوطة السيد نوئيل قيا بلو من عام 1912 إلى عام 1997 (24)مسرحية ، أي بفارق (43)مسرحية بين المطبوعين، وبزيادة الأول على الثاني.
وبالرغم من إن لاسو ينحو نفس منحى بلو في إرجاع الحس الدرامي إلى الطقوس الدينية إلا انه لم يحصره في القوش فقط ، وإنما عممه على العراق والدول العربية كافة ، وهو صائب بلا شك في توجهه هذا، ولكن لا يمكن تقسيم المشهد المسرحي في القوش الى مراحل، لعدم نضوج كل مرحلة من هذه المراحل، وعدم تبلورأساليبها الإخراجية. وإذا كان مرد خطأ تقسيم المرحلة الأولى يعود إلى مدها إلى ثلاثة عقود ونصف العقد من عام 1912-1947التي لم تشهد فيها سوى خمس مسرحيات وبإخراج القساوسة ، فان تقسيم مراحل الأولى (الخمس) القائم على أساس عقد من الزمن لا يقل خطأ عن تقسيم المرحلة الأولى . إذْ بالرغم من انتقال العملية الاخراجية إلى بعض المهتمين بالمسرح ، فقد ظلت تدور في ذلك المسرح المدرسي.

والدليل على خطأ هذا التقسيم، وجود فترات متباعدة بين تقديم هذه المسرحيات، بالإضافة إلى إخراج المسرحيات الخمس للمرحلة الأولى على رجال الدين ،(الملكة استير) 1912 القس اسطيفان كجو ، (قلعة اوسمافا) 1924 القس فرنسيس حداد ،(مشاهد الفضيلة) 1943 القس جورج جبوري،(دوشو) 1947 الرواهب الدومنيكان،( إستشهاد بطريرك برصباعي) 1947 القس افرام بدي، ( 12 سنة بين الأولى والثانية، 19 بين الثانية والثالثة ، و4 سنوات بين الثالثة والرابعة والخامسة). إذْ أن تقديم مسرحية واحدة كل سبع سنوات، فقد شهدت القوش خمس مسرحيات خلال خمس وثلاثين سنة ، من الصعب في مناخ كهذا أن يتطور المشهد المسرحي، ومن غير الممكن – في هذا الواقع- أطلاق التسميات والمصطلحات الكبيرة عليه كالمراحل مثلا، وهذا ما ينطبق أيضا على بقية المراحل الخمس إذ قدمت في الثانية أربع مسرحيات يحصرها الكاتب بين 1948- 1959، بينما قدمت فيها اول مسرحية عام 1953 وهي (دوشو) ويرتأي أن يطلق على هذه المرحلة بـ ( مرحلة التعثر) ولا يذكر عن سبب إطلاق هذه التسمية عليها واغلب الظن لأنه قدمت في هذه الفترة مسرحيات قليلة ولكن هذا السبب غير مقنع مقارنة بما قدمت في المرحلة الأولى خلال خمس وثلاثين سنة البالغ خمس مسرحيات كما ان تسميته للمرحلة الثالثة بـ ( مرحلة الانتظار) 1960-1968 تبدو غريبة، وقد جاءت كذلك لخلوها من تقديم أي عمل مسرحي، والأغرب أن تأتي مرحلة النمو مباشرة عقب ركود عقد من الزمن في المرحلـة الرابعة 1960-1968 معتكزا في مسوغه هذا على تبني النشاط المسرحي من قبل نوئيل قيا بلو والقس يوحنا جولاغ وزملائهما، وتأسيس النادي الرياضي في القوش، وخاصة بعد قرار الحقوق الثقافية للناطقين بالسريانية في 16 نيسان عام 1972، بالإضافة إلى تقديم خمس عشرة مسرحية في هذه الفترة، أن استخدام مفردة (النمو) لهذه المرحلة يشي بوجود حركة مسرحية نشطة سبقت هذا النمو، وهذا لا ينسجم مع واقع ما قدم من مسرحيات، وهي المرحلـة الثانية والثالثة ، بينما في الحقيقة أن هاتين المرحلتين هما عكس ذلك، بدليل أن الكاتب يصفها بـ مرحلة التعثر والانتظار. فهل من المعقول بعد تعثر وانتظار اثني عشر عاما من عام 1948 إلى 1960 أن ينمو المسرح وبشكل مفاجئ ويصيبه الشلل في المرحلة الخامسة لفترة عشر سنوات أخرى من عام 1981-1991 وينهض ثانية من غفوته وسباته.
وللمزيد حول هذا الموضـوع ، أدعـو القارئ الرجوع الى مقـالي المنشـور في هـذا المطبـوع ( قراءة متأنية في مستوى مسرحنا السرياني) ولاسو كزميله بلو لا يتطرق الى الأساليب الإخراجية المتبعة في المسرحيات المقدمة وإنما يكتفي بعرض موضوعـاتهــا فقط ، وهذه مؤاخذه كبيرة خاصة بالنسبة للمسرحيات التي سبق لهما وان شاهداها وقدمت في عصرهما ، ومن المآخذ الأخرى على مطبوع لاسو هذا ، هي انه بدلا من أن يستعين بالمادة النقدية المنشورة على بعض المسرحيات في الصحف كمسرحية الضحايا مثلا ، يدعوا القارىء الرجوع الى هذه المواد من خلال الصحف التي نشرت بها و ليس مطبوعه هذا ، والأسوأ منها انه عندما ينقل بعض الجمل من المادة النقدية فأنه يستعين بما هو جاهز مطبخي و يسئ الى ذوق القارئ كجملة ( العمل جيد ضمن امكانيات صاحبه الناشئ … ص23 ) أو أن يأخذ آراء الشعراء و الأدباء كمعيار لمستوى العمل الفني و ليس رأي المسرحيين و بأستخدام مفردة ( أشاد ) كل من فلان و فلان … ص24.
و اذا اجرينا مقارنة بين مخطوطة بلو و مطبوع لاسو ، بعدد المسرحيات المقدمة في القوش ، نلاحظ أن الأول يبدي رأيه ببعض المسرحيات كمسرحية ( الملكة أستير ) و هي اول مسرحية مقدمة في العراق بلغة السورث، و لا يتوانى بالأطراء عليها ، من حيث الاقبال الجماهيري الذي لاقته ، وأداء ممثليها ، بينما الثاني يتجنب ذلك و يسعى الى البحث عن المصادر التي استقي منها فكرتها، هذه الفكرة التي لا يتوصل اليها بلو، لعدم عثوره على نص المسرحية، حيث يقول: ( ان نجاح المسرحية ، و يقصد مسرحية الملكة أستير ، دليل على نضوج الاعمال الدرامية في هذه القرية قبل غيرها من القرى و المدن العراقية الاخرى ).
أضع خطاً تحت كلمة ( نضوج الاعمال الدرامية ) وأتسآءل كيف تصل الأعمال الدرامية في القوش الى درجة النضوج مع أول عمل مسرحي ، مع أن الذين قاموا بأداء هذه المسرحية مجموعة من الهواة؟
و يضيف: ( ان الممثلين الذين قاموا بتمثيلها كانوا مجموعة من الشباب الهواة، و رغم قلة خبرتهم فقد أجادوا في تأدية أدوارهم ، و لم يعمل المخرج القس اسطيفان كجو اكثر من صقل تلك القابليات و توجهها ضمن اجتهاده و معرفته في صقل التمثيل ، حيث أنه لم يكن ممن تضلعوا بعلم المسرح و التمثيل و لم يكن له منها سوى الرغبة و الهواية ).
و لأن بلو يمتلك خبرة قليلة في التمثيل، و لم يتضلع بفنون الاخراج، فمن الطبيعي ان يتسم تقويمه للمسرحيات المقدمة في تلك الفترة بالمبالغة، وعدم الدقة، لأنه من غير المعقول أن يؤدي الممثل دوره بشكل جيد وهو يمثل لأول مرة في حياته، ولم يسبق أن شاهد مسرحية ممثلة امامه. ولعل جنوحه نحو المبالغة يتضح في مسرحية ( قلعة أوسمافا )، وهي المسرحية الثانية المقدمة في القوش (عام 1924) ، عندما يصفها بأنها فتحت آفقاً جديداً، وغيرت النهج المألوف، والبست حلة العصر الذي قدمت فيه، و هذا ما ينطبق أيضاً على مسرحية ( مشاهد الفضيلة ) المقدمة عام 1943 م ، و هي المسرحية الثالثة ، لأعتقاده بأنها قد لاقت نجاحا باهرا وعرضت بمستوى تمثيلي و اخراجي متقدم ، حيث ارتفع فيها المسرح الى درجة كبيرة من التقدم.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!