الشماس : يوسف شامايا
سدني/استراليا
ان عيد القيامة كما يعلم كافة المسيحيين يأتي بعد خمسون يوما من الصيام ( الصوم الكبير ) ومن خلال هذا الصوم تمارس الاهالي في هذه المدينة الصغيرة القوش مناسبات خاصة وفريدة موروثة من الاباء والاجداد وقد مرت هذه الاحداث على كل شخص من هذه المدينة الذي ولد وعاش فيها وعيد القيامة المجيد يصادف أحلى ايام السنة الا وهو الربيع شهر نيسان واحيانا في نهاية شهر اذار حسب التقويم الكنسي وسوف اذكر للقراء الاعزاء هذه المناسبات المتبعة حتى يومنا هذا …
يبدأ الصوم يوم الاثنين كما يعلم الجميع من كل سنة وينتهي عشية يوم الاحد الاول من عيد القيامة المجيد أي بعد 48 يوما صيام مستمر . ويكون البرنامج كالآتي …
الصلوات الطقسية تتلى يوميا ًصباحا ومساءاً وتختلف عن باقي ايام السنة وهذا ما يخص الكهنة والشمامسة تـُمارسْ داخل الكنيسة . وفي بداية الصوم يـُعلنْ للاطفال الذين يـُقدمون على التناول الاول لمن يتجاوز عمره عشر سنوات فصاعداً. وفي بداية الدورة يبدأ الشمامسة بتدريب وتعليم الطلاب على الصلوات والتراتيل الدينية الخاصة بالتناول في الكنيسة او في مدرسة مار ميخا التاريخية التي انجبت العشرات من اصحاب الكفاءات العالية العلمية والادبية والفنية ووووو . أو في اي مكان آخر ملائم للدراسة لهؤلاء الاطفال . وفي هذه المناسبة يشارك فيها كل طالب وطالبة من الصف الخامس والسادس الأبتدائي . وتبقى المناسبة سعيدة وعزيزة في قلوب الجميع وبهذا اليوم المبارك يكون اهالي المدينة كعائلة واحدة تبتهج وتفرح وترتل بهذه المناسبة وتصدح الالحان الشجية الخاصة في اجواء القوش العزيزة .
وعملية درب الصليب تجري كل يوم الجمعة بعد صلاة الرمش جولة داخل الكنيسة . يقرأ الكهنة والشمامسة الطريقة التي تعاملوا اليهود مع السيد المسيح وهو حامل صليبه وبطريقه الى الجلجثة . التعذيب والاهانة التي تلقاها منهم . وكذلك في أيام الصوم يُدرب الطلاب في مدارسهم الاناشيد الخاصة ب ( أوشعنا ) وهذا اليوم هو ذكرى دخول المسيح الى أورشليم . وخرجوا الاطفال والنساء حاملين أغصان الزيتون مرتلين أوشعنا بمرومي أوشعنا لوري داويذ وهذه الجولة تخرج من الكنيسة والى كل أحياء مدينة القوش . وتكون من فريقين يديرها شمامسة كبار مع فريقين من الطلاب بترتيل الاناشيد الخاصة بالمناسبة وبألحان كنسية شجية داخل المدينة ومروراً باسواقها ومحلاتها للبركة . علما قبل الاحتفال بايام قليلة تزين الشوارع والمحلات والازقة والمدارس والدوائر . ويكون مظهر المدينة نظيفا ومزينا ويجلب انتباه الجميع . وفي يوم السبت كل عائلة تجهز التنور لعمل خبز خاص لهذا اليوم وهي ( تخراثا دأوشعنا ) وتكون مصبوغة بصبغة صفراء ( عيرُق ) يخلط مع البيض ويطلى على القطعة ( تخرتا ) وتوضع في التنور لتكون جاهزة للاكل . وفي اليوم الثاني الاحد توزع في الكنيسة أغصان الزيتون كبركة لبيوتهم ومزارعهم ومصالحهم . وفي الاسبوع الاخير من الصوم يكون حافلا بالمناسبات ( الخميس ) الفصح المقدس وكل الشعب يتقدم لتناول القربان المقدس خلال القداس الالهي بهذا اليوم وفي المساء يقام قداس الهي آخر وخلاله يغسل الكاهن ارجل اثني عشر طالب من المرحلة الابتدائية . وهذا الطقس الكنسي يحيي الذكرى
العظيمة للسيد المسيح عندما غسل ارجل تلاميذه الاثني عشر . وهذه الطقوس كلها مدونة في التاريخ الكنسي .
وفي الليل يكون الاجتماع في الكنيسة بعد اعلان الناقوس الى صلاة الحزن . أي بعد القاء القبض على مخلص العالم ( يسوع المسيح ) وتقديمه للمحكمة , وفي الكنيسة يقرأ كبير الكهنة الانجيل وتُعتم الكنيسة
وتطفأ الشموع الاثني عشر . ويعني ذلك هروب تلاميذ المسيح ويبقى هو رهن الاعتقال الى اليوم الثاني جمعة الآلام . وفي المساء تجتمع الجماهير في الكنيسة وتـُلقى خطابات الجمعة الثلاث . يتخللها الالحان الكنسية الحزينة وبعدها موكب التشييع الجنائزي في حفل يقوده مجموعة من الكهنة والشمامسة والطلاب مرتدين الزي الكنسي ويمر الموكب داخل الكنيسة وينتهي بوضع الجنازة على درج المذبح ويجري التبارك من الجنازة يبداءه راعي الكنيسة والكهنة والشمامسة وجميع الحضور من الاهالي . ويبقى الجناز الى اليوم الثاني في مكانه لزيارته لكل من لم يحضر هذا الاحتفال والاكثرية يزوروه مرتين او ثلاث للدعاء وطلب الغفران . وخلال الاسبوع الاخير من الصوم يستعد الشباب بجمع البيض للسباق بكسر البيض . والمراهنة على الفوز وكل من له بيضة قوية بحوزته يفوز الكثير . وهناك شباب لهم خبرة وفنية لجعل البيضة سليمة وكل من تنكسر البيض التي بحوزته يخسرها ويسلمها للفائز . أن هذه اللعبة مسلية وتاريخية موروثة من الاجداد ومتبعة الى اليوم ونقلتها الاجيال معهم الى بلدان الهجرة لاحياء ذكرى اجدادهم العظام . وكان البيض يسلق سلقا جيدا مع قشور البصل ليعطي لونا احمرا يختلف عن الطبيعي لأن لم توجد في ذلك الوقت صبغات متنوعة كما موجودة في وقتنا الحاضر .
وفي السبت الاخير من الصوم يسمى سبت النور يقام قداس الهي يسمى قداس غياب الشمس . حيث يعلن قيامة السيد المسيح من بين الاموات والاحد عيد القيامة المجيد الذي يحتفل به جميع المسيحيين في المعمورة من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب من الكرة الارضية . ويعم الفرح في كل ارجاء العالم المسيحي . ولهذا سمي بالعيد الكبير ويليه الاحد الجديد ( وشيرا للربان هرمز ) .