هل يسلبنا استشراء التكنولوجيا في مجتمعنا إنسانيتنا؟

Khoranat alqosh18 يونيو 2023765 مشاهدةآخر تحديث :
الإكليريكي إيفان عبد الكريم
الإكليريكي إيفان عبد الكريم

هل يسلبنا استشراء التكنولوجيا في مجتمعنا إنسانيتنا؟

نعلم جميعًا ما تشكّله الشبكة العنكبوتيّة من أهميّة في حياتنا اليوم بكلّ ما تقدّمه من خدمات تجعلها أسهل وأسرع. لكن مواقع التواصل الاجتماعي، رغم أهميتها وخدماتها، لا تخلو من جانبٍ سلبيّ عنوانه سوء الاستخدام وقلّة الوعي عبر جعلها وسائل لإضاعة الوقت وإهداره.
يثير استخدام نسبة لا يستهان بها من أبناء مجتمعاتنا في الشرق للتكنولوجيا الرقميّة الحديثة في التفاهات واللغو الفارغ والتهجّم على الآخرين وانتهاك خصوصيّتهم العجبَ في نفسي من نفسي ومن الآخرين أيضًا. وأتساءل: لماذا يحصر كثيرون أنفسهم في الاستخدام السلبيّ لهذه التكنولوجيا؟
إجابتي البسيطة عن هذا التساؤل تتلخص في أنّ كثيرين يبحثون عن شيء يفتقدونه ولم يحصلوا عليه في حياتهم الواقعيّة، لعدّة أسباب، ربما تكون قيود وعادات المجتمع أبرز تلك الأسباب. فيلجأ هؤلاء إلى البحث عن أوهام وتخيّلات غير واقعية يتصوّرون وجودها، أو هي موجودة فعليًّا كواقع ولكن في مجتمع آخر لا ننتمي إليه.
تقودنا هذه الأوهام التي ينميها الجانب السلبيّ للتكنولوجيا، إلى أن نصبح سجناء لها وللهاتف أو الجهاز الذي يربطنا بها، فنتيه عن واقعنا ونبتعد من تحقيق أحلامنا وآمالنا في أرض الواقع، وتلهينا أيضًا عن مسؤولياتنا وواجباتنا اليوميّة وتجذبنا نحو الأوهام فنصبح غرباء عن واقعنا ومجتمعنا وعائلاتنا، وربما تنسينا في كثير من الأحيان أن الله خلقنا لنكون أحرارًا لا عبيدًا.
ومن سلبيّأت الاستخدام المفرط والخاطئ للتكنولوجيا الحديثة أنها تسلبنا حريتنا، حريّة أبناء الله، بل تدفعنا للهروب منها فنتعرض للإحساس بعواطف مؤلمة متعددة، كالحزن وفقدان الثقة بالذات والقلق وربّما تقود بعضهم إلى الانتحار.
لا يقتصر استخدام التكنولوجيا الحديثة على الاستغلال السلبيّ لها وحسب، فهناك بالتأكيد فئة واعية من محبّي العطاء تستخدمها للتواصل المعرفي وإغناء المعلومات ودعم المواهب وتنميتها.
أمّا الجهلة الذين يستهلكون طاقاتهم ومواردهم ومواهبهم في الاستخدام السلبيّ للتقنيات الحديثة محاولين تسقيط الآخر وتشويهه والانتقاص من شخصه وخدماته بطرق عدّة، فهؤلاء ربما يشعرون بالنقص فيحاولون الانتقاص من الآخرين.
نحن مدعوون لتوخّي الحذر من هؤلاء الاشخاص الذين يبذلون جهدًا كبيرًا في استغلال الجانب السلبيّ من التكنولوجيا لكي ينصبوا فخاخًا للآخر ويتمنّون أن يقع فيها. ولكنهم لا يعرفون أن الشخص الذين يحاولون إسقاطه، رغم ضعفه البشري، لكنه قويٌّ بإيمانه الراسخ وثقته بمحبّة الرب يسوع المسيح المساندة للإنسان رغم أخطائه وخطاياه والمستعدّة دائمًا لمنح المغفرة لطالبيها.
لنطلب إذن من الرب أن يساعدنا لندرك ونفهم أهميّة عطاياه الغزيرة في حياتنا ونقدّر كلّ هباته لنا، لا سيّما نعمة العقل والحكمة التي نرجو أن تقودنا إلى كلّ ما هو خير وصالح، لنا وللآخرين.
الإكليريكي إيفان عبد الكريم

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!