أجرى اللقاء / باسل شاماياتوجه مندوب مجلتنا الى اربيل / عينكاوا لأجراء لقاء العدد مع الاستاذ سعيد شامايا في محل اقامته الدائم عينكاوا .. وبعد ترحاب الضيف واستضافته استهل مندوب مجلة بيرموس اللقاء وبأسم هيئة التحرير بكلمة ترحيبية بالضيف شاكرا مسعاه وتعاونه من اجل اجراء هذا اللقاء ثم فسح المجال للأستاذ ليتحدث عن بطاقته الشخصية فقال : انا سعيد ياقو هرمز شامايا من مواليد القوش 1929 درست في مدارسها الابتدائية والمتوسطة ثم تخرجت من دار المعلمين الريفية عام 1948 وتعينت في السليمانية معلما حتى عام 1952 وانتقلت بعد ذلك الى قرية سناط مديرا لمدرستها الابتدائية ولمدة ثلاث سنوات ثم انتقلت الى القوش .. تزوجت عام 1954 من السيدة شكرية منصور بنيامين ورزقت بخمسة اطفال ابنة واحدة واربعة بنين حاليا ثلاثة منهم خارج الوطن واثنين يسكنان مع عائلتيهما في بغداد ومكثت في القوش حتى عام 1962 ومن هناك الى محطتي الاخيرة بغداد حتى أحلت على التقاعد عام 1977 .. وفي الوقت الحالي اسكن في ناحية عينكاوا بعد ان اشتدت مخاطر الوضع الامني في العاصمة بغداد .
س// هلا تحدثنا عن رحلتك الطويلة في صفوف الحزب الشيوعي العراقي …؟ج// كانت بدايتي في عالم السياسة وتحديدا في صفوف الحزب الشيوعي عام 1947 هذا الحزب الذي كان رمزا من رموز الحركة الوطنية في العراق كما كان مدافعا أمينا عن حقوق العمال والفلاحين وكافة الكادحين .. بالرغم من صغر سني شاركت عام 1948 في انتفاضة اسقاط حكومة صالح جبر وتواصلت بنشاطاتي بين صفوفه حتى انقلاب 8 شباط الاسود 1963 حيث راح الانقلابيون يطاردون كافة القوى التقدمية وفي مقدمتهم كوادر الحزب والوطنيين الاحرار وكان ذلك سببا باختفائي عن الأنظار فترة من الزمن فحوكمت غيابيا بخمس سنوات سجن في محكمة الثورة الاولى في كركوك بتهمة نداء السلم في كردستان ثم القي القبض علي واودعت سجن الحلة وبقيت متنقلا بين سجن وآخر اكثر من سنة وكان قد صدر قرار بفصلي من وظيفتي .. وبعد مجيء البعث الى السلطة في 1968 ابشرنا خيرا بأنبثاق فجر جديد وتشكلت جبهة وطنية بين حزبنا والحزب الحاكم وكنت احد اعضاء لجنتها العليا في العاصمة بغداد لكن الوضع أخذ يتدهور يوما بعد آخر حتى راحت الاعتقالات والملاحقات والسجن تمارس بحق الشيوعيين وكافة الوطنيين الاحرار فاختفيت مرة اخرى عن الساحة في نهاية 1979 بعد ان ضيق الانقلابيون الجدد الخناق على الحزب وكوادره وتنظيماته وصدر الامر باعتقالي ، وبعد ان عجزوا عن ذلك أصدروا حكمهم الغيابي عليّ وبالنتيجة صودرت اموالي المنقولة وغير المنقولة فأخرج كافة افراد عائلتي من دارنا في حي المعلمين / بغداد الجديدة عنوة .. امتثلت العائلة لذلك القرار المجحف فاضطرت لأستئجار شقة سكنية في حي الامين وبقيت مطاردا ومختفيا حتى عام 1989 ثم عدت بعد اصدار قرار العفو العام ولكن تحت رقابة مشددة من قبل ازلام السلطة الفاشية .
س// بعد عودتك الى حياتك الطبيعية كيف كنت تقضي اوقاتك ..؟ص// جلّ اهتمامي انصب على تعويض عائلتي عن الحرمان والمعاناة التي ذاقوا مرارته في تلك السنين العجاف التي دامت عشر سنوات وانا مختفيا عن انظار السلطة الغاشمة .. وجمعت اولادي حولي وعملنا سوية لعلنا نتمكن من تحسين وضعنا الذي ساء كثيرا بسبب ملاحقة السلطة الدكتاتورية لي ولأولادي ، وتوجهت في اوقات فراغي الى المجالات الثقافية والفنية خصوصا ، حيث كنت في فترة اختفائي قد انتجت ثروة ادبية كبيرة من القصص والمسرحيات والروايات والاشعار والمقالات فرحت اشارك في المهرجانات والامسيات الشعرية التي تقام في النوادي الاجتماعية والجمعيات الثقافية والفنية .س// يقال ان كتاباتك أشبه بالنهر الذي لا يجف هلا تحدثنا عن هذا النهر الدافق ..؟ج// كما قلت آنفا معظم كتاباتي شاهدت النور خلال فترة اختفائي حيث كتبت 40 مسرحية بالسريانية والعربية مثلت 27 منها على مسارح بغداد والرشيد والوطني ومسارح الاندية والكنائس في القوش وقره قوش وكرمليس ودهوك وعينكاوة وفي امريكا / ديترويت .. وكتبت اربع مجموعات قصصية طبع منها ثلاث كما كتبت ثمان روايات واكثر من 100 قصة للاطفال ومجموعة شعرية بالعربية والسريانية ومجموعة من الاغاني والاناشيد تم تلحين ثلاث كاسيتات منها وكذلك كتبت في السينما نصوص افلام : ( ججو .. العودة .. صوريا ) وفي مجال السياسة كتبت الكثير ومنها ( اين رست الدكتاتورية في العراق .. الافساد والتخريب في البلدان النامية .. وقصص بالسريانية مترجمة الى العربية .. الفردوس المفقود .. باقة نرجس .. اوبريت الصليب .. السياحة في كردستان . رواية مات مرتين .. رسائل ضاعت في الطريق .. الطفل ذو الصندوق الخشبي .. اوبريت حرائق نينوى . غاويتي .. الصومعة الاولى والثانية وثلاث مسلسلات عربية وغيرها الكثير ) والمئات من المقالات التي نشرت في الصحف والمجلات وعلى صفحات الانترنيت وما زلت اكتب في مختلف المجالات .س// كان لك دور فاعل في تأسيس بعض الواجهات الثقافية والاجتماعية كيف كان ذلك ..؟ج// في عام 1972 شاركت وبالتعاون مع نخبة من شباب القوش بتاسيس نادي بابل الكلداني في بغداد والذي كان معروفا بنشاطاته الفنية والثقافية والاجتماعية المتنوعة حتى باتت حديث الناس كما شاركت بتأسيس الجمعية الثقافية للناطقين بالسريانية في بغداد واصبحت سكرتيرها ( 1975 – 1978 ) وكذلك شاركت مع نخبة من الفنانين بتأسيس فرقة مسرح شيرا للناطقين بالسريانية عام 1993 التي قدمت للجمهور العشرات من المسرحيات وباللغتين العربية والسريانية وأخيرا أسست مركز كلكامش للثقافة والفنون .. وما زلت لحد هذا اليوم اعمل ضمن المركز بانتاج الاعمال المسرحية والمهرجانات في اغلب مناطق شعبناس// ما هي اهم نشاطاتك ومشاركاتك الثقافية …؟ج// شاركت في معظم المهرجانات الثقافية والفنية السريانية التي اقيمت في بغداد والقوش وقره قوش وعينكاوا ونوهدرا وفي مجالي الشعر والمسرح كما شاركت عام 1998 في مهرجان المربد الشعري الذي يقام كل عام في العراق .. ومن نشاطاتي الثقافية الاخرى القيت اكثر من عشرين محاضرة في مجال القصة والمسرح والتراث والقضايا الاخرى .س// ماذا تقول عن الهجرة التي تنخر في جسدنا العراقي عموما …؟ج// كما وصفتها انها مرض ينخر في الجسد العراقي .. نعم لقد كانت هذه الظاهرة المقيتة همي الذي أقلقني واشغلني منذ السبعينيات من القرن الماضي وكتبت عام 1977 مقالا شغل صفحتين من الفكر الجديد وقد تحدثت في كثير من اللقاءات والاجتماعات عن هذه الظاهرة الخطيرة وأفصحت عن هذا الهم عندما سافرت الى امريكا وخلال لقاءاتي بالإخوة هناك قلت لهم : اذا اردنا احتواء الهجرة علينا ان نفكر بتشكيل شركات صغيرة لإنشاء وسائل انتاجية أو سياحية بالتعاون مع أبناء قرانا وبلداتنا وذلك يساعد على ظاهرة البطالة المتفشية لكنّ الظروف العصيبة التي تمر بالبلد عموما جعلت الناس يخافون ويقلقون من الأوضاع الأمنية الخطيرة ففكروا بالهجرة للخلاص من هذه الظروف .س// ماذا يقول الاستاذ الضيف بكلمته الاخيرة..؟ج// بدءا أشكر مندوب المجلة على تجشمه عناء الطريق من القوش الى عينكاوا مستثمرا الفرصة لاجراء اللقاء .. املي ان تكون بيرموس وتبقى منبرا سياسيا واجتماعيا وثقافيا واشبه بمدرسة صحفية تستمد قوتها من حزبها المقدام .. هذه المدرسة التي تعلمنا منها افضل الثقافات والتي تربي المرء وتنوره اجتماعيا وسياسيا واخلاقيا .