حوار مفتوح مع الدكتور سعيد اسطيفانا المحور الثالث: من شيوعي ثائر الى عالم في الكهرباء. عماد رمو

Khoranat alqosh20 فبراير 201496 مشاهدةآخر تحديث :
حوار مفتوح مع الدكتور سعيد اسطيفانا المحور الثالث: من شيوعي ثائر الى عالم في الكهرباء. عماد رمو

محتويات الحوار:
المقدمة: لطيف ﭙـولا
المحور الاول: الجذور الاولى في القوش.
المحور الثاني: سعيد اسطيفانا والشيوعية.
المحور الثالث: من شيوعي ثائر الى عالم في الكهرباء.
المحور الرابع: العودة للوطن والعمل المهني.
المحور الخامس: سقوط الجبهة وهجرة الوطن.
المحور السادس: ما بعد التغيير عام 2003 والانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2014.
المحور السابع: القوش والمستقبل.
الخاتمة: لطيف ﭙـولا
ملحقات
للاطلاع على المقدمة والمحور الاول انقرالرابط التالي:
http://www.khoranat-alqosh.com/vb/sh…ad.php?t=39582
للاطلاع على المحور الثاني انقر الرابط التالي:
http://www.khoranat-alqosh.com/vb/sh…374#post194374

المحور الثالث: من شيوعي ثائر الى عالم في الكهرباء.

اخي الدكتور سعيد: يقول زميلك المهندس الخبير سالم رزوقي في حوار مفتوح سابق حول دورتكم الدراسية ما يلي: دخل الامتحان أكثر من 40 طالبا: نجح منهم 8 طلاب فقط في الدور الاول، وأكمل 16 طالبا، ورسب الباقي في حين لم ينجح من المكملين عدا طالب واحد ورسب 15 طالب اخر. من مجموع التسعة الذين نجحوا، حصل اربعة منهم على بعثات وواحد على زمالة، فقد التحق كل من الاخوة يوسف حنا شميكا وسعيد يوسف اسطيفانا ببعثة الى الجامعات البريطانية، والتحق الأخ وجدي متي “المصلاوي”(ابن العقيد متي) ببعثة الى جامعة دانماركية ( لم يكمل دراسته هناك بسبب المرض وعاد الى الوطن)، في حين التحق المرحوم حميد عيسى يلدكو بزمالته الى الاتحاد السوفييتي , والتحقت انا ببعثتي الى الولايات المتحدة الامريكية، في حين التحق الاخ الدكتور افرام حنا بكلية الطب والاخ حميد عقراوي بكلية الهندسة والمرحوم برهان سنحاريب پـولا بمعهد الهندسة العالي وتعين الاخ وجدي موسى هيلو (كجو) في محطة “الدبس”، واعاد الباقي السنة الدراسية، وكان بينهم طلاب اذكياء –متميزون ,الا ان الحظ لم يحالفهم في المحاولة الاولى اذ دخل العديد منهم في السنة اللاحقة الى الجامعات،والتحق احدهم بزمالة الى الاتحاد السوفييتي، في حين لم يكمل بعض زملاء المرحلة الثانوية ابدا، الا ان بعضا منهم توفق (بدون حسد) بشكل جيد في الامور المالية (في السوق).
الاخ سعيد، لم تكن انت فقط ثائرا وناشطا في اتحاد الطلبة العام العراقي- وهو المنظمة الطلابية للحزب الشيوعي العراقي- فقط، ولكن كنت ايضا طالبا ذكيا ومجتهدا فبالرغم من جميع التطورات السياسية المتسارعة والميدانية والمحلية ,والقوش قريبة من مركز القومية العربية (الموصل)- كما كان الكثير من مدرسي ثانوية القوش من الموصل ايضا- لقد اثبتَّ لجيلنا وللاجيال الاخرى بان النشاط الطلابي والسياسي ليس عائقا امام التفوق والحصول على بعثة الى انكلترا لدراسة علوم الكهرباء. ما هي ذكرياتك خلال هذه الفترة ؟ هل لك احصائية تقريبية لعدد الطلاب الذين انظموا لاتحادكم في القوش؟ ماذا كانت ابرز النشاطات حينها وماذا كان دورك فيها؟
لقد سافرت الى انكلترا عام 1961 للحصول على البكالوريوس في علوم الكهرباء وتابعت مسيرتك الاكاديمية لغاية حصولك على الدكتوراه في ( Electromangetic Levitaion ) عام1974 . ما هو محتوى اختصاصك الاكاديمي؟ هل كان اختيارك للكهرباء اختيارا شخصيا ام نتيجة رغبة وزارة التعليم؟ في لندن ايضا مارست السياسة ضمن اتحاد الطلبة العام وتعرفت على طلبة اخرين من الوطن. كيف سارت الاحداث وخاصة بعد مقتل الزعيم عبد الكريم قاسم وسيطرة البعث القومي المتطرف على السلطة؟ هل تستطيع ان تسرد اهم ما تخزنه ذاكرتك من احداث مهمة وشخصية لهذه الفترة؟
الدكتور سعيد اسطيفانا
صحيحة هي المعلومات التي يسردها زميل الدراسة المهندس والخبير سالم رزوقي فذاكرته اوضح من عندي وسيكون مفيدا من زملاء صف الثانوية المنتهي (الخامس آنذاك) ان يضيفوا ما تسعفهم به الذاكرة. كنا الوجبة الاولى التي انهت المرحلة الثانوية من دون الاضطرار لمغادرة القوش لاكمال الدراسة الثانوية خارجها. ترى هل سنرى طلبتنا يواصلون المرحلة الجامعية في كليات, سواء كانت حكومية ام اهلية ام فروع لجامعات عالمية مشهودة, داخل القوش؟ اود كثيرا ان اكون متفائلا في هذا الطموح ولتحقيقه ارى ان على جميع الخيرين من ابناء القوش تكاتف كل جهودهم فالآن الفرص مواتية وخير مثال هو جامعة بغديدا.
في البداية وخلال صيف 1958 بدأت بحلقة من عدد من الطلاب اشرح لهم ما كان متوفرا من تاريخ ومواقف اتحاد الطلبة. كان هناك حماس واستعداد كبير لدى الاغلبية الساحقة لمن فاتحتهم بالامر, ورغم ضغوط وممانعات من الاستاذ منصور واطراف كنسية, فلقد توسعت دائرة الحلقة حتى شملت وبشكل سريع غالبية طلبة المتوسطة. لم يكن هناك بدل اشتراك او سجل بالاعضاء وكنا نعتمد على الجهد الشخصي والتبرعات الشحيحة التي كانت تصلنا. نشاطاتنا في الاشهر الاولى كانت دعوة الطلبة لاجتماعات مفتوحة نعقدها خارج البلدة خاصة بالقرب من كلي الدير اتحدث فيها عن تاريخ ونضال الاتحاد والحركة الوطنية والحزب كما كنت ارد على جميع ما يثار من اسئلة وملاحظات. قمنا ايضا بسفرات جماعية الى بندوايا والدير الاعلى واخرى الى الموصل للقاء الاتحاد في المحافظة. نشاطي لانشاء وتطوير الاتحاد كان يسير يدا بيد لانشاء وتطوير المنظمات الاخرى وفي مقدمتها المنظمة الحزبية . الوضع الثوري الجديد وما رافقه من مد جماهيري ساعد كثيرا وعمل جميع من بدأت معهم او التحق بنا بكل همة ونشاط وبروح الفريق الواحد. لم تكن الامور سهلة ولكننا انجزنا مهامنا بشكل جيد.
بعد ان اعترفت حكومة الثورة بالاتحاد كمنظمة رسمية تعاونت ادارة المدرسة بشكل تام واصبح جميع الطلبة اوتوماتيكيا اعضاء في الاتحاد وتم انتخابي وحسب التوجيهات لامثل مدرستنا في لجنة محافظة الموصل للاتحاد. صار نشاطنا اكثر في داخل المدرسة فمثلا فتحنا مكتبة داخل المدرسة وضعنا فيها ما توفر من كتب تقدمية وادب ثوري وما شابه كما وعملنا نشرة حائط تنشر مقالات ادبية وعلمية تقدمية حسب امكانياتنا واحيانا نقيم بمناسبة راس السنة سهرة متواضعة في داخل المدرسة وكما ذكرت سابقا قمنا بتنظيم نادي طلابي خلال العطلة الصيفية داخل المدرسة التي في السوق, مدرسة العزة الابتدائية .
في بداية الدراسة في ايلول 1958 جاء امر من الوزارة بعدم تعطيل الدراسة ايام الاحد فرفضنا ذلك وقررنا عدم الحضور الى المدرسة ايام الاحد. بعد بضعة اسابيع الغت الوزارة هذا الامر. بعد عودة البرزانيين من الاتحاد السوفييتي بقرار من حكومة الثورة كنت من ضمن وفد طلابي من المحافظة للقاء ملا مصطفى في بغداد حيث رحبنا به واستمعنا لحديثه الذي اطرى به كثيرا على الثورة وعلى عبد الكريم قاسم. كما ذهبنا كطلاب ضمن وفد القوش الى اربيل للقاء البرزانيين الواصلين حديثا حيث التقيناهم في نادي المعلمين هناك ورحبنا بهم. وساهم طلابنا من وفد القوش الى مهرجان انصار السلام في الموصل. كما ساهم الاتحاد بشكل نشيط في احياء الذكرى الاولى للثورة في تموز 1959 بشكل لم تشهده البلدة من قبل. وكممثل لمدرستنا في اتحاد طلبة المحافظة ساهمت في المؤتمرات السنوية للاتحاد في بغداد التي كان يفتتحها عبد الكريم قاسم شخصيا وكانت تجربة ثمينة لي ان اشارك في مؤتمرات واسعة مثل هذه حيث كان يحضر, ليس فقط مندوبي الفروع من كل العراق, ولكن ايضا وفود عالمية كثيرة.
بعد صيف 1959 تغيرت الاوضاع المحيطة بعملنا. فالمد الجماهيري اخاف قاسم وآخرين من قادة الحكم وحتى بعض الاحزاب الوطنية التي هابها التأييد الواسع الذي حظى به الحزب الشيوعي والمنظمات الجماهيرية كالاتحاد وغيرها . فبدأ قاسم بالضغط والتضييق على الحزب والمنظمات بشكل عام كما وخفف من الضغط على المتآمرين على الثورة بمختلف اصنافهم, لا بل فتح امامهم العديد من المجالات ظنا منه احداث توازن ما مع الزخم والقوة التي اكتسبها الشيوعيون وحلفاؤهم. النتيجة كانت, كما هو معروف الان, كارثة شباط الاسود والتبعات الرهيبة التي لا زال العراق والمنطقة بشكل عام تدفع ثمنها لحد الان. فبدأت الاعتقالات في الموصل بحجة التجاوزات اثناء اخماد حركة الشواف ثم كركوك بعد اضطرابات مفتعلة اثناء احياء الذكرى الاولى للثورة ثم شملت الاعتقالات بغداد وجميع انحاء العراق. بدأت وفي نفس الوقت حملة اغتيالات للناشطين والوجوه المعروفة خاصة في الموصل وكركوك. عند بدء حملة الاعتقالات هرب الى القوش اربعة من الناشطين في تلكيف لتفادي الاعتقال بعد يومين طمأنهم اهاليهم فعادوا اليها فاعتقلوا وحكم عليهم بالاعدام بتهمة قتل اثنين من اهل الموصل اثناء حركة الشواف (نفذ الاعدام بحق هولاء بعد انقلاب شباط). في القوش لم تجر اعتقالات ولا اغتيالات ولكن تغير مزاج البعض نحونا وتوجهوا نحو اطراف اخرى. لم نكترث كثيرا لذلك وبقى الجو العام لا باس به لكننا صرنا حذرين في تحركنا ونشاطنا. وفي الموصل صار نمط العمل اشبه بالعمل السري. شخصيا كنت انزل الى الموصل للالتقاء بالمنظمة هنالك بتحفظ واحتياط شديدين . في هذه الفترة انتقل عدد من ابناء الموصل الى ثانوية القوش هربا من الحالة المأساوية هنالك وعين الشيء عمله عدد من الدرسين والمعلمين. كما ذكرت في السابق جرى توقيفي انا وعدد من الطلاب في شتاء 1961 بعد الحادثة المفتعلة برمي كومة بيانات في المدرسة مؤيدة للعمل الكردي المسلح.
كما ذكرت سابقا وبعد تفوقي في وزاري الصف الخامس حصلت على بعثة وبعد مناقشات مع مسؤولي المنظمة في الموصل قررت قبول البعثة فسافرت الى لندن في ايلول 1961 مع طلبة بعثة آخرين وهناك لم يكن همي فقط انجاز الدراسة بافضل واسرع ما يمكن بل مواصلة عملي النضالي بالاشكال المناسبة للظروف الجديدة لخدمة الخير والتقدم بشكل عام. قبل السفر بايام التقيت في القوش بالعائد حديثا من انكلترا المهندس جلال الياس ﭙـولا فافادني ببعض المعلومات الاولية بما في ذلك معلومات عن جمعية الطلبة العراقيين هنالك ,والتي كان لدي علم مسبق عنها من ممثل هذه الجمعية الذي حضر مؤتمر اتحاد الطلبة في بغداد.
في مطار لندن استقبلنا موظف من الملحقية الثقافية وممثل عن جمعية الطلبة. في صباح اليوم التالي وبعد الافطار الانكليزي الذي كان غريبا جدا علينا ذهبت الى دكان صحف مجاور للفندق لشراء جريدة الديلي وركر (جريدة الشيوعي البريطاني) فلاحظت نوع من امتعاض على وجه صاحب الدكان عندما سألته عن هذه الجريدة. رويت الحادثة لممثل الجمعية الذي جائنا بعد قليل لمساعدتنا اخبرني ان هذه الجريدة لا تتوفر لدى جميع باعة الصحف بل لدى اماكن معينة او عندما تتطلب كاشتراك لدى اي بائع صحف لذا بعدما سجلنا في الكلية واستقر بي الامر رحت الى اقرب بائع صحف وسجلت اشتراك في عدد من الجريدة لي ولزملاء معي في الكلية.
في صباح اليوم التالي زودتنا الملحقية باسماء وعناوين الكليات التي سجلتنا فيها قبل وصولنا وببطاقات سفر القطار اللازمة كان نصيبي واثنين آخرين الكلية التكنيكية في مدينة دونكاستر في مقاطعة يوركشاير التي وصلناها بعد اربعة ساعات بالقطار فاخذنا نحن الثلاثة, ومعنا حقائبنا البسيطة, تاكسي . فاذا الكلية قريبة جدا من المحطة. اخذونا الى مساعد العميد الذي كان يتوقعنا فقال وبالاشارة ما معناه اتركوا الحقائب هنا واتبعوني.. وسار في ممر ثم فتح باب صالة تدريس مدرجة فدخلنا وجلسنا حيث توفر مكان لنا . كانت الدراسة قد بدات منذ اسابيع والاستاذ كان في خضم شرح درس بدا لي من الرسوم على السبورة انه الفيزياء. الاستاذ يشرح ويكتب بسرعة والطلاب ينقلون ويكتبون بشكل اسرع ونحن مصدمون لا قلم ولا دفتر ولا نفقه شيئ البتة. وصرنا نحن الثلاثة ننظر لبعضنا نقول في باطننا ما هذه الكارثة؟ وكأن ما تعلمناه من الانكليزية في العراق لا علاقة له بما نسمعه حوالينا. بعد هذا الدرس “الكارثة”, وكان الاخير لذلك النهار, رجعنا الى غرفة مساعد العميد الذي اعطانا قائمة باسماء الكتب واللوازم القرطاسية واخذنا الى مكتبة قريبة وساعدنا في شراء ما يلزم ثم اخذنا الى فندق متواضع لنقضي ليلتنا فيه ومنه ننتقل في صباح اليوم التالي للسكن كل واحد منا في غرفة استأجرها لنا مع عوائل انكليزية متباعدة .وقال هذا افضل من ان تسكنوا سوية. وسوف تتعلمون اللغة اسرع وافضل كما وستتأقلمون اسرع. كل شيء كان غريبا الى حد الصدمة, اللغة, طريقة التعامل, الاكل, الطقس, التلوث الصناعي (فدونكاستر مدينة مليئة بالمصانع والمناجم . ولم يكن موضوع تلوث البيئة امرا ذا شأن انذاك). ألم بنا الحزن والكآبة لبضعة اسابيع ,وراودتنا فكرة العودة الى الوطن مرات عديدة. الا ان الاصرار والعزيمة وتشجيع زملائنا الذين سبقونا وكانوا في نفس الكلية جعلنا نصمد ونثابر وتدريجيا تمكنا من اللغة وصرنا نفهم الدروس ونكتب المحاضرات ونراجع الكتب ونستخدم المكتبة ونحضر الواجبات الدراسية وتجارب المختبرات الخ. كما اعتدنا على الاكل المحلي وقللنا التردد على المطعم الصيني الوحيد في المدينة (كان اكله نوعا ما قريب من اكلنا). وصرنا نخالط الطلبة الاخرين والناس عامة. تسارع تأقلمنا وتمكنا من فهو واستيعاب الدراسة لأكون في امتحانات اخر السنة في المرتبة الاولى على الصف .وحصلت على جائزة تقديرية من عمادة الكلية. طبعا الى جانب الدراسة واصلت ومن دون تاخير نشاطي النضالي .فصرت عضوا في جمعية الطلبة العراقيين ,وارتبطت بالمنظمة هنالك وبانتظار التحويل الحزبي من العراق الذي على ما يبدو لم يكن قد وصل. وكنت قد سجلت اشتراكا في( الديلي وركر) التي كنا نقرأها داخل الكلية ,وكان ذلك يثير استهجان البعض . ولكن احد الاساتذة شجعنا وتحدث معي وقال انه عضو في الشيوعي البريطاني, وعن طريقه تعرفت على منظمتهم في المدينة وصرت احضر بعض فعالياتهم خاصة التثقيفية.

المرحلة الجامعية في بريطانيا آنذاك كانت تتكون من دراسة في كلية تكنيكية لمدة سنتين وبعد اجتياز امتحانات عامة وحصول على الدرجات اللازمة وفي المواد ذات العلاقة بالتخصص يتم القبول في الجامعة لدراسة التخصص والتخرج بعد ثلاث او اربع سنوات حسب تقدم الطالب. انهيت مرحلة الكلية بتفوق جيد في حزيران 1963, وذلك رغم انغماري الشديد في العمل وسفري الكثير الذي استوجب علي القيام به مباشرة بعد شباط الاسود لاغراض حملات التضامن ضد الانقلاب الدموي ونشاطات اخرى تتطلبها الوضع الجديد. فتم قبولي في قسم الهندسة الكهربائية والالكترونية في جامعة مدينة ليدز الشهيرة في مقاطعة يوركشاير وباشرت الدراسة هناك في اواخر آب من ذلك العام. بعد شهور من ذلك استلمت رسالة من الملحقية الثقافية تبلغني بفصلي من البعثة وسحب جواز سفري نتيجة صدور قرار الحكم بالسجن ضدي من قبل المجلس العرفي. اثار هذا الاجراء التعسفي استنكارا شديدا في الجامعة والمدينة . وتضامن معي ليس فقط الطلبة وانما الاساتذة ورئاسة القسم وعمادة الجامعة . وقررت الادارة اعفائي من اجور الدراسة التي كانت باهظة, واعطتني سكنا في القسم الداخلي دون مقابل ,وكذلك تشغيلي في المختبرات مقابل اجور كلما سنحت الفرصة كي اغطي مصاريفي الاخرى. وهكذا استطعت انجاز دراسة البكالوريوس بثلاث سنوات وبدرجة شرف وذلك في حزيران 1966. في اعقاب فصلي من الدراسة ابلغني صديقنا الحميم (ويلي غريفث )العمالي اليساري وعضو البرلمان البريطاني باستعدادهم لاستحصالي اللجوء السياسي والجنسية والجواز البريطاني . فشكرته كثيرا وقلت لا اريد التخلي عن جنسيتي العراقية . فقال سنعطيك اقامة دائمية ووثيقة سفر بريطانية لتسافر وتعود كما تشاء. وهذا ما تم واستخدمت وثيقة السفر في كل الرحلات التي قمت بها الى مختلف البلدان الاوربية وغيرها, وجددت هذه الوثيقة عدة مرات وبقيت معي حتى مغادرتي بريطانيا نهائيا في اواخر 1975.(رابط 2)
خلال الدراسة الجامعية بقي نشاطي على عهده من حيث العمل في جمعية الطلبة والمنظمة الحزبية ومن حيث السفر داخل بريطانيا وخارجها لاداء المهام المطلوبة او المشاركة في اجتماعات اللجان ذات العلاقة او حضور مؤتمرات او مهرجانات الخ. فساهمت بنشاط في كل الاجتماعات السنوية لجمعية الطلبة العراقيين التي كانت تعقد وحتى سنة 1965 في عطلة الكرسمس بعدها ونتيجة لتقلص في العمل وتوفيرا للجهد والوقت صرنا نعقدها سوية مع مهرجان الربيع الذي كنا ننظمه خلال عطلة عيد القيامة في مدينة ساحلية مختلفة كل عام حيث نحجز عدة فنادق كافية ولمدة اسبوع للذين يسجلون للحضور. كان يسبق المهرجان جهد هائل من حيث حجز المكان المناسب واعداد البرامج التثقيفية والرياضية والترفيهية وتسجيل الراغبين بالحضور وتشجيع غيرهم بذلك وايضا توجيه الدعوات للضيوف الخ. كما قلت ومنذ عام 1966 صرنا نخصص اليوم الاول من المهرجان للمؤتمر السنوي. كان يحضر المهرجان الكثير من الطلبة العراقيين من البلدان الاخرى ومنها الدول الاشتراكية وغيرها كما حضرها شعراء مثل الراحل زاهد محمد والفنانين مثل المغني الراحل احمد خليل. وحضرتها وجوه سياسية معروفة مثل عبد الرزاق الصافي وفخري كريم وآرا خاجادور ومهدي الحافظ وغيرهم. كانت هذه المهرجانات فعاليات ناجحة بامتياز مليئة بالمحبة والصداقة والزمالة الخالصة ومفعمة بالحيوية والنشاطات التي لا تنسى .ولا يزال من شارك فيها يتذكرها ويحن اليها. بالاضافة للحضور والمساهمة في التنظيم والاعداد كنت اساهم في تقدم محاضرات في امور راهنة وآنية وحسب حاجة المهرجان. وكنت اكتب مقالات ذات علاقة في مجلة وحدة الطلبة التي كانت تصدرها الجمعية بشكل فصلي.

في اعقاب شباط الاسود واجهتنا مهام التصدي للانقلاب الدموي فمباشرة بعد الانقلاب قمنا باحتلال السفارة في لندن لعدة ساعات ثم خرجنا بمظاهرة طافت شوارع لندن وواصلنا اعمال ونشاط فضح الانقلاب في كل المدن والجامعات والكليات التي تواجدنا فيها. بعد مدة تشكلت لجنة التضامن مع الشعب العراقي برئاسة الجواهري الكبير فصارت هذه اللجنة توجه وتقود العمل التضامني. الجميع وانا منهم لم نألوا جهدا في هذا الخصوص وان كان على حساب الدراسة والصحة والجيب خاصة بعد فصلي من البعثة.
وكان هناك العمل الحزبي وما يلزمه من وقت للاجتماعات والسفرداخل بريطانيا وخارجها لحضور اجتماعات بعض المنظمات وكذلك لجان وموسعات الخارج. وكانت لي علاقات جيدة مع الاشقاء الانكليز سواء في لندن او المدن الاخرى التي درست وعملت فيها وشاركت في الكثير من فعالياتهم ونشاطاتهم مثل الاحتفال السنوي لجريدتهم( الديلي وركر)والتي فيما بعد غير اسمها الى المورننغ ستار. كما وشاركت, وآخرون ايضا, في العديد من دوراتهم الحزبية الصيفية التي كانت تعقد لمدة اسبوع في احدى المنتجعات العائدة لهم ويحاضر فيها خيرة مفكريهم وكوادرهم وقادتهم مثل بالم دات وجاك واديس وجيمس كلوغمان وادريس كوكس وآخرون. حقا فادتني هذه الدورات في توسيع فهمي وتعميق مداركي. وحضرت كضيف احدى مؤتمراتهم السنوية. وكمساهم في لجنتهم للعلاقات الاممية كنت مع وفدهم الذي دعي لزيارة العراق في خريف 1972 لدعم اقدام العراق على تأميم النفط.
وكنت بحكم موقعي على علاقات عمل وطيدة مع منظمات وفروع الاحزاب الشقيقة في بريطانيا, وما اكثرها, اذكرمنها حزب جنوب افريقيا والمؤتمر الوطني الافريقي. ويسعدني ذكر عملي في مجال التنسيق بين المنظمات الطلابية الاجنية مع ثابو مبيكي الذي تولى رئاسة جمهرية جنوب افريقيا بعد رئاسة القائد العالمي الفذ نلسون مادنيلا. بهذا الخصوص اضيف مساهمتنا في الحملة العالمية لاطلاق سراح مانديلا عندما اعتقل في اوائل الستينات وفي حملة مناهضة الابارتايد فيما بعد. وبنفس الروحية كانت العلاقات مع اشقاء آخرين منهم السودانيين الذين عملنا معهم في فضح اعمال النميري القمعية واعدامه قادة الحزب الشقيق. وهكذا كانت العلاقات مع آ خرين مثل القبارصة والاتراك واليونانيين والايرانيين والتشيليين والبرتغاليين وغيرهم.
علاقاتنا مع الاخوة الاكراد كانت وثيقة وعن قرب فقد كنت عضو في جمعية الطلبة الاكراد في اوربا فرع بريطانيا فكنت احضر اجتماعاتهم السنوية والكثير من نشاطاتهم. توثقت علاقاتنا اكثر في اعقاب انقلاب شباط والحرب الشعواء التي شنتها الانظمة التي استولت على السلطة في اعقاب ذلك ضد الشعب الكردي وساهمنا معهم في النشاطات التضامنية التي قامت آنذاك. وعين الشيء حصل بالنسبة للعلاقة مع الطلبة الفلسطينيين ومختلف منظماتهم. كانت علاقتي قوية جدا مع ممثل منظمة التحرير في لندن الشهيد سعيد حمامي الذي أغتيل في لندن واشارت اصابع الاتهام الى صدام البائد.
كثيرة هي الحملات والاعمال التضامنية التي ساهمنا بها بكل امكانياتنا لعل من اهمها كانت حملة التضامن مع الشعب الفيتنامي وثورته ضد العدوان الامريكي الشرس .هذه الحملة بدأت في اوائل الستينات واستمرت حتى انتصار الشعب الفيتنامي في اواسط السبعينات. وكان هناك الحملة التضامنية مع شعب التشيلي ضد انقلالب بينوشي الفاشي.
بالاضافة الى مهرجانات الربيع السنوية في بريطانيا ساهمت ضمن وفودنا في مهرجانات الطلبة العراقيين في الخارج مثل مهرجان روستوك على بحر البلطيق في المانيا الشرقية وغيرها. كما وساهمت ضمن وفودنا الى مهرجانات الشبيبة العالمية مثل مهرجان صوفيا ومهرجان برلين. واود ان اذكر ايضا مساهمات في نشاطات اتحاد الطلاب العالمي منها مؤتمره العالمي العام في بودابست وفي عدد من لقاءاته وندواته التي انعقدت في عواصم مختلفة مثل وارشو وبخارست ولندن ودبلن وغيرها. وكمنظة حزبية كنا نساهم سنويا في حضور مهرجان جريدة الاومانيتيه الفرنسية والاعداد له والذي كان يستمر لعدة ايام في بارك جميل في ضواحي باريس.
بسبب قرار الحكم السجن الغيابي بحقي لم استطع العودة الى العراق بعد تخرجي في حزيران 1966 واضطررت للبقاء, وحسب التوجيه, في بريطانيا وفي تموز بدأت رحلة عملي بمجال تخصصي الهندسي هذه الرحلة المهنية التي استمرت الى قبل عامين عندما احلت نفسي الى التقاعد. رحلة العمل هذه شملت بلدان عديدة في اوربا والشرق الاوسط واستراليا وغطت العديد من مجالات الهندسة الكهربائية والتي ربما سآتي الى أهم تفاصيلها لاحقا. ما اود ذكره الآن ان باكورة عملي المهني كانت في مصنع للمعدات الكهربائية في ليدز. بعد عدة اشهر وبفعل متطلبات العمل ولتفادي ارهاق السفر ومصاريفه وجدت عملا في شركة صناعات كهربائية في نفس لندن ,وكان عليَّ الانتقال اليها ,وكان لهذا اثرا جيدا في تركيز عملنا والسير به الى الامام خاصة بعد عودة بعض النشطاء او مغادرتهم انكلترا وعدم مجيئ طلبة لنا في بعثات ما بعد انقلاب شباط والتأثير السلبي في حينه للتيار المتياسر تحت تأثير الافكار التروتسكية والماوية وما اصطلح عليه بالبؤرالثورية ,وكذلك انكفاء وانسحاب البعض في اعقاب ما عرف بخط آب 1964 وزاد هذا الانكفاء بعد انشقاق الحزب من قبل من عرف ب”جماعة القيادة المركزية”. وفي لندن عملت بشكل حثيث ومثابرة لترتيب الامور وضبطها وبدأ وضعنا يتحسن خاصة مع مجيئ طلبة مؤيدين لنا في اواخر الستينات واوائل السبعينات.

في آب 1969 سجلت وعلى حسابي الخاص لدراسة الماجستيرمسائيا في احدى كليات جامعة لندن في مادة التسرب الكهربائي في الغازات. مدة الدراسة كانت سنتين كنت احضر الى الكلية بعد العمل واداوم من السادسة وحتى التاسعة مساءا سواءا في المحاضرات او في المختبر حيث اجري التجارب اللازمة. نشاطي بقى كما هو والدراسة كانت تسير جيدا. في الاشهر الاخيرة من الدراسة حصل شيئا كاد ان يضع نهاية لهذه الدراسة. في مساء يوم جمعة وهو آخر ايام العمل والدراسة في الاسبوع كان علي السفر مع آخرين الى مدينة سوانزي غرب مقاطعة ويلز لمشاركة طلابنا في نشاط وبرنامج ليومي السبت والاحد وكان علي ان اقدم محاضرة كجزء من البرنامج. وبالفعل وبعد مغادرتي الكلية التاسعة مساءا ومعي حقيبتي , وفي داخلها نتائج التجارب التي كنت اجريها في المختبر. استقلينا الباص الذي سار بنا لساعات وصلنا وشاركنا في النشاط هذا و قدمت محاضرتي بعد ظهر يوم الاحد. بعدها مباشرة انطلق بنا الباص عائدا الى لندن ولشدة تعبي واراهقي نسيت الحقيبة في قاعة الاجتماع وفي داخلها نتائج تجارب البحث. حال وصولنا لندن اتصلت بجماعتنا في سوانزي وطلبت ارسال الحقيبة بالبريد . ولسوء الحظ بدأ في نفس اليوم اضراب عمال البريد واستمر اسابيع عدة, وعلى اثره لم تصل االحقيبة ابدا . وبذلك فقدت نتائج البحث الذي عليه تستند الاطروحة. بعد نقاش طويل مع الاستاذ المشرف لم نجد مخرجا غير اعادة التجارب من جديد. فاضطررت لاخذ اجازة طويلة من العمل ورابطت في المختبر بشكل شبه دائم حتى اكملت اعادة التجارب وتسجيل النتائج . وبعدها اعددت وكتبت الاطروحة ثم حضرت الامتحانات النهائية التي كان يجب اجتيازها وهذا ما تم, حيث جرى مناقشة الاطروحة التي نالت التقدير والتثمين ,وكذلك اجتزت الامتحان بشكل جيد.
بعد الماجستيرقدمت لمنحة دراسية اعلن عنها لبحث لشهادة الدكتوراه في جامعة لندن لصالح هيئة الطاقة الذرية البريطانية حصلت على هذه المنحة ,وكان ذلك في ايلول 1971. ونظرا لقلة مبلغ المنحة قدمت طلبا لاكون معيدا في الجامعة لبضع ساعات في الاسبوع ,وتمت الموافقة على ذلك. وبذلك تمكنت من السير بشكل لا باس به في بحوث الدكتوراه ,وفي مواصلة نشاطي والتزاماتي بشكل جيد.
في آذار 1972 تم زواجي من خطيبتي آرمنوهي واغيناك التي جاءت في بعثة شركة النفط (وكان ذلك قبل التأميم) لدراسة التمريض في انكلترا. تعرفت عليها عام 1970 في دار عائلة عراقية في لندن بعده تقدمت لخطوبتها وبعد سنتين تقريبا عقدنا القران. في شهر كانون الثاني 1975. رزقنا بابننا البكر قيس ,الذي هو الان نفسه ابٌ لثلاثة اطفال . وطالما انا بهذا الصدد اود ان اذكر اننا رزقنا طفلنا الثاني, حنا, في نيسان 1983 في عمان ,وهو متزوج الان .وطفلنا الثالث, هي ابنتنا شيرين في شباط 1985 في عمان ايضا.

في سنة 1972 حصل تاميم النفط,وكنا مع القرار لذا ايدناه وساندناه . وكنت من ضمن وفد الى السفارة لابداء دعمنا وتأييدنا. ومما قلته في حينه في مقابلة السفير وبحضور بعض من قادة منظمة البعث: ان التأميم اجراء ثوري يحتاجه العراق وما يعزز ويرسخ هذا وغيره من القرارات هو تحقيق الديمقراطية . فرد علي احدهم قائلا: وهل البعثيون غير ديمقراطين؟ قلت له :وان كان هذا ليس الموضوع ولكن انت وانا نعيش هنا ونلمس الديمقراطية بشكل يومي وفي كل نواحي الحياة, ومن الصعب القول ان هنالك ولو شيئا يسيرا من هذا في العراق. بعدها انتقلنا بالحديث الى اهمية بناء العلاقات الايجابية والتعاون في القضايا المشتركة. بعدها باسابيع بلغنا بقدوم وفد مشترك لايجاد اسناد ودعم للتاميم. قمت بترتيب برنامج واسع من اللقاءات والاجتماعات مع الاحزاب والنقابات واتحاد طلبة بريطانيا واعضاء البرلمان والصحف الخ. كنت ضمن مستقبلي الوفد في المطار. وكما ذكرت في السابق ضم الوفد نوري عبد الرزاق, زيد حيدر وعبيد الله البرزاني وآخرين. بعد عودة الوفد بشهور وبعد جهود طويلة من قيادين في الحزب (حسبما علمت لاحقا وبخاصة المرحوم المحامي عامر عبدالله) صدر امر من البكر رئيس الجمهورية بالغاء حكم السجن الغيابي بحقي. بعدها اتصلت بي السفارة وابلغتني باعادة جواز سفري. بعدها بمدة تمت دعوة وفد من الشيوعي البريطاني لزيارة العراق. وكما ذكرت اعلاه جئت مع هذا الوفد وحضرت معهم بعض اللقاءات في بغداد وبعدها عاد الوفد الى لندن سافرت الى القوش (وكانت معي زوجتي) لزيارتها ولقاء الاهل والاحبة. وصلنا مساءا واستقبلني الكثيرون وكان فرحي كثيرا بلقائهم. بعد ساعات جاء ابو جوزيف وكان لقاءا حميميا معه وبعد حديث شيق عبر لي عن رايه بمغادرة القوش من دون تاخير وهذا ما تم حيث رجعنا الى بغداد بعد الغداء في اليوم التالي. وبعدها بايام عندنا الى لندن من دون شيئ يذكر.
في سنة 1973 وبعد سنوات من النقاش والحوار والذي سار بمد وجزر تم توقيع ميثاق الجبهة بين البعث والشيوعي. في انكلترا وبعد التاميم تحسنت علاقتنا مع البعثيين في لندن بعد ان كان يسودها الجفاء. حتى اننا اصدرنا بيانا مشتركا وقعته انا عن منظمتنا والدكتور اياد علاوي عن منظمة البعث, فيه ما معناه تأييد لقيام الجبهة ومناشدة للاسراع بذلك. وقتها نشر البيان في جريدة الفكر الجديد الاسبوعية ونال البيان كثيرا من الاستحسان حسبما ذكر لي في حينه.
في صيف 1974 وبعد ثلاث سنوات من البحث اعددت وطبعت اطروحتي وتقدمت بعد اشهر للدفاع عنها. نالت الاطروحة كثيرا من التقدير ولا زالت كلمات البروفسور لايثوايت رئيس هيئة الدفاع بان ما انجزته وتقدمت به في اطروحتي يكفي لعدد من الدكتوراه وليس دكتوراه واحدة. بقيت في الجامعة سنة اخرى اجري بحوث ما بعد الدكتوراه قدمنا انا والاستاذ المشرف نتائج هذا البحث في مؤتمر علمي في لندن ثم نشرناه في مجلة علمية. بعدها عقدت العزم على العودة ولم تنفع مناشدات الاستاذ المشرف البقاء والاستمرار في بحوث ما بعد الدكتوراه .فقمت تدريجيا بنقل مسوولياتي للآخرين الذين عملنا سوية لسنوات. في هذه الاثناء وصل توجيه بتجميد نشاط جمعية الطلبة العراقيين في مسعى على ما يبدو لتخفيف حساسية حليف الجبهة. عبرت عن راي للمسؤول الجديد عن عدم صواب هكذا اجراء وكررت هذا الرأي لمسؤولينا بعدما وصلت الى بغداد. على كل حال صفيت ما كان عندي من حساب بسيط في البنك وما كان عندي من اغراض في الشقة وتوجهنا بالقطار والباخرة الى المانيا بعد ان ارسلنا طفلنا قيس وهو بعمر بضعة اشهر مع والدة احد الزملاء سافرت الى بغداد بالطائرة حيث استلمته حماتي حتى وصولنا بغداد قبيل عيد الميلاد بالسيارة التي اشتريناها في المانيا. استغرق معنا السفر حوالي اسبوعين قطعنا خلالها كل من المانيا, جيكوسلوفاكيا, النمسا, يوغوسلافيا, بلغاريا, تركيا وسوريا وكان لنا توقفات واستراحات قصيرة هنا وهناك. دخلنا العراق عند ربيعة ثم وصلنا الموصل ليلا وفي اليوم التالي صعدنا الى القوش وبقينا بضعة ايام ثم نزلنا الى بغداد لنبداء مرحلة اخرى. اترك الكتابة عنها الى محور آخر.

رابط2: http://www.youtube.com/watch?v=1OS4w3o_lFU

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!