حوار مفتوح مع الدكتور سعيد اسطيفانا المحور الرابع: العودة للوطن والعمل المهني.عماد رمو

Khoranat alqosh24 فبراير 2014166 مشاهدةآخر تحديث :
حوار مفتوح مع الدكتور سعيد اسطيفانا المحور الرابع: العودة للوطن والعمل المهني.عماد رمو

محتويات الحوار:
المقدمة: لطيف ﭙـولا
المحور الاول: الجذور الاولى في القوش.
المحور الثاني: سعيد اسطيفانا والشيوعية.
المحور الثالث: من شيوعي ثائر الى عالم في الكهرباء.
المحور الرابع: العودة للوطن والعمل المهني.
المحور الخامس: سقوط الجبهة وهجرة الوطن.
المحور السادس: ما بعد التغيير عام 2003 والانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2014.
المحور السابع: القوش والمستقبل.
الخاتمة: لطيف ﭙـولا
ملحقات
للاطلاع على المقدمة والمحور الاول انقرالرابط التالي:
http://www.khoranat-alqosh.com/vb/sh…ad.php?t=39582للاطلاع على المحور الثاني انقر الرابط التالي:
http://www.khoranat-alqosh.com/vb/sh…374#post194374للاطلاع على المحور الثالث انقر الرابط التالي:
http://www.khoranat-alqosh.com/vb/showthread.php?t=39631المحور الرابع: العودة للوطن والعمل المهني.
الدكتور سعيد اسطيفانا: رغم ان السلطة تغيرت واستلم البعث وللمرة الثانية السلطة في انقلاب 17 تموز 1968 فقد عدت الى الوطن للعمل والبناء واستثمار خبرتك العلمية في تطوير العراق وخاصة بعد النهضة النفطية واقرار الهدنة مع الاكراد في 11 اذار عام 1970 وبعدها انضمام الحزب الشيوعي الى الجبهة الوطنية حينها. تطورات سريعة جدا على الساحة الداخلية والخارجية. حتما لقد ساهمت في مشاريع صناعية استراتيجية. اين كانت خدمتك المهنية؟ ماذا كانت تشمل وظيفتك حينها؟ في اية مشاريع عملت وماذا كانت انجازاتك حينها؟ ماذا كانت نشاطاتك السياسية والثقافية حينها؟ كيف تنظر الى تلك الفترة المهمة تاريخ العراق السياسي وما هو تقييمك لها؟
الدكتور سعيد اسطيفانا:
طيلة فترة وجودي في انكلترا التي زادت على خمسة عشر عاما لم افكر البتة البقاء هناك وعدم العودة للعراق . ولولا حكمي بالسجن الغيابي في اعقاب شباط الاسود لكنت قد عدت بعد الحصول على البكالوريوس سنة 1966. وكما ذكرت سابقا لم اقبل باللجوء السياسي والتخلي عن الجنسية العراقية والذي كان في متناول يدي . وهذا البقاء الاضطراري في انكلترا هو ما وفر لي فرصة العمل هناك وكذلك تحصيلي الاكاديمي المعروف وغير ذلك. ولولا قرار الغاء السجن ومن ثم اعادة جواز سفري اواخر عام 1972 لربما كنت قد اضطررت لتاخير عودتي فترة اطول.

وكما ذكرت في السابق وصلنا انا وزوجتي العراق شهر كانون الاول 1975 بعد رحلة بالسيارة استمرت حوالي اسبوعين. دخلنا العراق من سوريا عند ربيعة. من جملة ما لزم علينا ان نقوم به كان مراجعة دائرة الامن هنالك. اخذ رجل الامن المسؤول جواز سفري وصار يقلب فيه. بعد تفكير قال انت من القوش؟ قلت صحيح . فقال وما علاقتك بسالم اسطيفانا؟ قلت هو اخي. صمت وصار يقلب الجواز ثانية. بعد تفكير سلمني الجواز قائلا :عندما تصل القوش قل لسالم ان فلان (ذكر اسما نسيته الان) يسلم عليك. لدى وصولي ذكرت الحادثة لسالم فقال: من حسن حظك ان رجل الامن هذا لم يؤذيك لانه هو نفسه الذي ضربته وانتزعت سلاحه في سوق القوش الخ من الحادثة المعروفة للكثيرين.
عند ربيعة كان علينا ان نقوم بجملة امور اخرى مثل مراجعة الكمارك . كوننا ندخل سيارة الى العراق , لذا رافقنا شرطي منهم حتى الموصل التي وصلناها ليلا , اخذنا الشرطي الى ضابط خفر الكمارك. فاجأني الضابط بلهجة القوشية ” بشينا عزت” .فأجبته بنفس اللهجة : انا سعيد اخ عزت. فقال : انتم تتشابهون كثيرا. ثم قدم نفسه . فاذا هو اندراوس جولاغ أخ القس يوحنا .وقال انه كان في السجن سوية مع عزت. رحب بنا كثيرا فاطمأنت اليه وصرت اسئله عن الوضع وهل توجد جماعة من القوش في الموصل؟ فذكر وجود كثيرين منهم مثلا سالم وابو جوزيف حيث يداومان في مقر محلية الموصل واضاف انهما حاليا خارج الموصل. وذكر ايضا اسم صديق عائلتنا يونس زرتا. وزودني برقم تلفونه. بعدها, ولانهم اخذوا السيارة مني لاكمال معاملة الكمارك, طلبت ايصالنا الى فندق . فبعث معنا شرطي بسيارة الى فندق. في الصباح وبعد الفطور خابرت يونس الذي فرح كثيرا, واسرع الينا وأخذنا الى بيتهم وعاتبني على الذهاب الى الفندق. فقلت: لان الوقت كان متأخرا جدا. الى بيت يونس جاءت للقائنا اخواتي فريال وانصار واللتان كانت تدرسان في جامعة الموصل. وبعد الغداء سافرنا الى القوش بسيارة نفرات. بعد بضعة ايام في القوش وبعد استكمال معاملات الكمارك استلمنا السيارة واتجهنا الى بغداد.
في بغداد التقينا الاهل وخاصة طفلنا البكر قيس الذي كنا قد ارسلناه بالطائرة مع والدة احد الزملاء وبعد استراحة قصيرة رحت الى مقر اللجنة المركزية في ساحة عقبة بن نافع وسلمت على من كان موجودا. بعدها راجعت دائرة البعثات لابلغهم عودتي ,وطلب ايقاف ملاحقة كفيل بعثتي (عمي بيبو) فادخلوا الوثائق اللازمة ومنها وثيقة التخرج والعودة في الاضبارة وطلبوا مراجعة وزارة التخطيط حيث كان التعيين مركزيا. هنالك قدمت وثائقي وملأت الاستمارات اللازمة مبينا تفضيلي العمل في التعليم الجامعي. كان يراودني الامل ان اتعين في جامعة الموصل فأسكن في القوش واتنقل يوميا الى الجامعة.

بعد مضي عدة اسابيع ,ومع مراجعات عدة ولم استلم اي نتيجة. في هذه الاثناء تم تعيين زوجتي في مستشفى نفط الشمال بكركوك فانتقلت بعد مدة هي وطفلنا قيس الى كركوك. بعد توسط صديق لاهل زوجتي كان من اقارب وزير التعليم العالي (غانم عبد الجليل) التقيت الوزير الذي رحب بي وبعد تفحصه اضبارتي السمينة امامه قال لا مكان لامثالك في التعليم الجامعي وان هذا المجال فقط لاعضاء البعث حسب قرار القيادة. هذا الامر ابلغني به الحزب قبل ذلك لكن قالوا لا بأس من المحاولة. بعد اسابيع تبلغت بتعييني في وزارة الصناعة . لم يعجبني الامر وترددت في الالتحاق. فجاء رجل امن الى البيت يبلغني بضرورة الالتحاق قبل ان يتخذوا اجراءات اخرى.
تم تنسيبي الى المعهد المتخصص التابع لوزارة الصناعة والذي كان يقوم بدراسات لصالح مؤسسة الكهرباء (حينها لم يكن هنالك وزارة الكهرباء) وكنا نداوم في كهرباء بغداد. بعد اسابيع تم استدعائي للامن العامة واجروا تحقيق معي كاجراء روتيني كون عملي له علاقة بالكهرباء حسبما قالوا. بعد اسابيع ابلغتني الوزارة بنقلي من المعهد المتخصص الى مديرية القطاع المختلط مع تنسيبي الى شركة الهلال لصناعة المبردات. يبدو انهم وجدوا خطورة في ابقائي بالقرب من مؤسسة الكهرباء وان كان هذا مجال تخصصي. خلال فترتي القصيرة في المعهد المتخصص اجريت بحثا بموضوع استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء في المناطق النائية عن الشبكة الوطنية. في حينها كان موضوع الطاقة المتجددة لا زال في طور التفكير والتنظير. قدمت البحث الى مدير عام كهرباء بغداد ولا اعلم ما حل به حيث تم نقلي وانغمرت في امور اخرى.
كان موقع شركة الهلال في كمب سارة فالتحقت وراجعت مدير الشركة الذي عرفني بمدير الدائرة الهندسية وكلفونني بالمساعدة في اعمال الاشراف على اعمال بناء المنشآت والمعامل الجديدة للشركة في الزعفرانية فصرت اداوم في هذا الموقع حتى اكتمل البناء وانتقلت الشركة الى المعامل الجديدة. في الموقع الجديد هذا كلفت بمهام السيطرة النوعية لمنتجات الشركة والتي كانت المبردات واسلاك اللحيم وبعد مدة اضيف انتاج المكيفات. تدريجيا كونت قسم السيطرة النوعية بدءا ببعض العمال المهرة ثم تم تعيين مهندسين اثنين واستوردنا المعدات والاجهزة اللازمة واقمنا غرف للفحص تشبه مختبرات. مدير الشركة كان شخص محامي المهنة ولكن حزبي متقدم على ما يبدو وكان هذا يحدثني دائما بضرورة الانتماء “للحزب القائد” كنت ارفض ولكن بهدوء وادب فكان الرجل يحترم رأي ولا يضغط علي. بعد مدة نقل الرجل الى السلك الدبلوماسي وجاءوا بخريج ثانوية صناعة بدلا عنه وكان هذا مندفعا في موضوع الحزب القائد مما جعلني اركز على عملي واتفادى لقائه او الحديث معه قدر الامكان.
كما قلت تم تعيين زوجتي في كركوك مما اوجد متاعب لنا كعائلة وصعوبات لها في التنقل بين بغداد وكركوك. سعينا كثيرا لنقلها الى بغداد وبعد جهود مضنية ووساطات كثيرة لدى وزير النفط وبعد اكثر من سنة تم نقلها الى مستشفى الجملة العصبية في بغداد.
حزبيا بعد مدة قصيرة من وصولي صرت اعمل مع لجنة العلاقات الاممية في مقر الحزب وكذلك في محلية تنظيمات المثقفين وكنت اداوم في المقر بعد ساعات الدوام. وفي هذه الفترة انعقد المؤتمر الثالث للحزب الذي شاركت فيه. بعد مدة انتقلت الى لجنة منطقة بغداد وعملت في المكتب المهني لبغداد اضافة الى مسؤلية احدى المحليات الطلابية وصرت ومن بعد ساعات الدوام احضر في مقر بغداد بشكل يومي تقريبا. خلال هذه الفترة تم اختياري ضمن وفد سافرالى المانيا الديمقراطية لاجراء لقاءات والاطلاع على تجربة العمل هناك. امضينا هناك اسبوعا من اللقاءات وزيارة المواقع المختلفة. من طرفنا كنا نتحدث عن تجربتنا ومنها العمل الجبهوي وعن تشاؤمنا من مستقبل جبهتنا مع البعث.
بعد فترة قصيرة من التحاقي بلجنة منطقة بغداد تقرر ان اكون احد ممثلي الحزب في لجنة الجبهة لمحافظة بغداد. هذه اللجنة كانت تضم ايضا ممثلي البعث وممثلي احزاب كردية موالية للسلطة وممثلي اطراف قوميين عرب. كانت هذه اللجنة تجتمع شهريا ثم صارت الاجتماعات تتباعد. لم نستطع بحث او اقرار اي شيئ مثمر فاغلب الوقت كان يمر بعتاب متبادل من طرفنا عن التجاوزات والاجحاف الذي كنا نلقاه منهم ومن طرفهم عن عدم ايماننا بثورتهم وسعينا لتقويضهم. لم يدم الحال طويلا وصار واضحا وبما لا يقبل الشك ان الجبهة في احتضار وان امامنا اوقاتا عصيبة يجب التهيوء لها من دون تأخير.
خلال الاشهر والسنة الاخيرة من تدهور الوضع حصل لي شيئ في منتهى الغرابة. ففي احد الايام وانا في معامل الشركة ارسل المدير في طلبي فرحت الى مكتبه في مبنى الادارة فاذا به يقول يبدو ان لك واسطة قوية عند البكر (رئيس الجمهورية) فقلت كيف ذلك فناولني ورقة واذا بها امر من رئيس الجمهورية بتنسيبي الى الكلية العسكرية للدراسات العليا (اصبحت فيما بعد جامعة البكر للدراسات العسكرية) وان التحق فورا وعليه ابلغني المدير الذهاب الى الادارة المؤقتة لهذه الكلية والموجودة في معسكر الرشيد. كان استغرابي شديدا فانا الذي لم يقبلوا تعييني في جامعة عادية في وقت كان وضعنا مع البعث لا باس به كيف يتم الان, وقد تردت الامور معهم كثيرا, نقلي الى جامعة عسكرية خاصة وهم يتهموننا باطلا بالتغلغل في صفوف الجيش وفي تشكيل تنظيم عسكري سري ضدهم. بعد تفكير سريع قررت التوجه الى مقر الحزب في ساحة عقبة بن نافع لاعلامهم واخذ مشورتهم قبل التوجه الى معسكر الرشيد.
في المقر رأيت العديد من قادة الحزب واخبرتهم بالامر فكان استغرابهم اشد من استغرابي ومنهم من راى هذا نوع من مصيدة ليس لي فقط ولكن للحزب ايضا حيث وفي حالة التحاقي وانا كادر مكشوف قد يعتبر ذلك نوع من التغلغل في المجال العسكري. وسألتهم ماذا علي أن افعل ؟ قالوا: الامر متروك لك. فقررت التوجه الى معسكر الرشيد حيث المقر المؤقت للكلية المعنية التي ارشدتني اليها حراسة المعسكر. دخلت على سكرتيرالعميد وقدمت نفسي فرحب بي كثيرا وقال: نحن بحاجة لامثالك. بعد خروج ضيوف العميد دخلنا انا والسكرتير عنده. وبدوره رحب بي ,وشرح دور واهمية هذه الكلية ,وانني سأكون عنصرا مفيدا لها ,وان علي الالتحاق صباح اليوم التالي. كان في بالي ان اصارحه بجوهر الموضوع ولكن ليس بحضور السكرتير. لذا توجهنا لمغادرة مكتب العميد وجعلت السكرتير امامي الذي حال خروجه من الباب قفلته خلفه وعدت الى حيث العميد الذي استغرب من رجوعي اليه. وسألني ان كان هنالك اي شيء؟ فقلت أريد ان اصارحك بشيء هام قد يكون له تبعات في حالة عملي معكم, وهو انني شيوعي, وامثل الحزب رسميا في لجنة جبهة بغداد, فوقع عليه الخبر وقع الصاعقة, واصفر وجهه بشكل شديد, وصار يبحلق بي. قلقت كثيرا. فهل يا ترى سينادي على الحرس لاعتقالي؟ وهل سيسقط من شدة الصدمة؟. وبعد فترة صمت استعاد انفاسه وقال اشكرك يا دكتور على صراحتك, وانت على حق بان وجودك معنا سيسبب متاعب لك ولنا, لذا عد الى مكان عملك, ولا داعي لالتحاقك غدا. عدت الى الزعفرانية فاستغرب المدير فقلت له بانهم لا يحتاجونني الان. وبعد حوالي ثلاثة اسابيع وصل امر آخر يلغي تنسيبي الى تلك الكلية. الاشهر اللاحقة اثبتت صواب ما قمت به حيث اقدمت السلطة على اعدام كوكبة من الشباب ممن يؤدون خدمة العلم بحجة قيامهم بتشكيل تنظيم عسكري.
بعد ذلك وفي اعقاب البيان الصادر من موسع اللجنة المركزية الذي طالب باصلاح الوضع وايقاف ملاحقة واعتقال اصدقاء واعضاء الحزب, تسارع تدهور الوضع واشتد القمع ,منها اعدام الشباب المذكورين اعلاه واعتقال بعض من قادة الحزب ممن عملوا في الجيش سابقا وكان الراحل سليمان بوكا من ضمنهم. لم تـُجد حملة التضامن الاممية وجهود الحزب واصدقائه في تخفيف التردي ,لا بل تسارع واشتد القمع وبات واضحا ان نية البعث هي تصفية الحزب الذي لجأ الى ما امكن من اجراءات الصيانة. وفيما يخصني طلب الحزب مني تسليم اي امور ومسؤوليات تنظيمية الى آخرين وان اغادر الى الخارج اذا تمكنت. اخذت اجازة مرضية من العمل وتركت البيت وصرت اتنقل بين بيوت عدة حتى استكملت التغييرات اللازمة بالتنظيم الذي كنت مسؤولا عنه . ورتبت سفري للخارج مستخدما جواز سفري الصادر من لندن بصفتي طالب يدرس في الخارج. كان ذلك صباح يوم عيد الميلاد 1978 بعد مدة قليلة تزيد على ثلاث سنوات من عودتي للوطن. زوجتي وطفلنا قيس بقيا في بغداد بعد ان غيرا مكان السكن. و بعد شهرين تقريبا تركا العراق بحجة حضور زواج اخ زوجتي المقيم في استراليا. فبقيا هنالك حتى استقر بي الامر في الاردن , حيث وجدت عملا في مكتب للاستشارات الهندسية فالتقينا هناك بعد سنة تقريبا من الافتراق. وبذلك بدأنا مرحلة اخرى من الغربة سنتحدث عنها في المحاور اللاحقة.

القوش- محلة سينا في بداية السبعينات

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!