المحور السادس: ما بعد التغيير عام 2003 والانتخابات البرلمانية المقبلة عام 2014.لقد حدث التغيير بعد تاخير طويل، لقد تم التغيير من قبل الجيوش الاميركية والبريطانية ومع مشاركة دولية. في الشمال كان للاكراد دورا كبيرا في تحقيق التغيير بعد ان رفضت تركيا استخدام اراضييها من اجل العلميات العسكرية. لقد انهار النظام الذي دام اكثر من ثلاثة عقود باقل من ثلاثة اسابيع وذلك لضعف الدعم الشعبي لنظام ضرب شعبه باقسى الاسلحة ومنها الكيمياوية. سقوط النظام كان فرحة للجميع وخاصة للذين تركوا الوطن بسببه وانت واحد منهم. التغيير قد حصل ولكن الوطن ينزف الان من اثار الطائفية والفساد الاداري والمالي لاصحاب القرارات الكبيرة. لقد انقسم الوطن الى مناطق طائفية كثيرة وسالت دماء اكثر مما سالت في عصر الديكتاتورية. لقد تم صرف مبالغ طائلة من اجل التغيير وتدخلت حكومات كثيرة في ذلك. لقد تم تغيير النظام بحجة وجود اسلحة محرمة تهدد الامن القومي للدول الغربية ولكن الحقيقة كان تغيير النظام من اجل جعل العراق ساحة حرب دائمية لضرب الارهاب الذي بدأ ينتشر بسرعة في بلدان كثيرة. لقد رجعت للوطن وبعد غياب طويل. كيف كان احساسك وانت تدخله مرة ثانية امنا ومرحبا بك من قبل اهلك واصدقائك ومتى حدث ذلك؟ كيف وجدت الوطن وبلدتك القوش بعد كل هذه الغربة القاسية؟ اي الاماكن زرتها اولا وباي الاصدقاء التقيت؟ هل لاحظت تغيرا كبيرا على شخصية الانسان العراقي؟ نحن خارج الوطن كنا ننظر للوطن بعيون اخرى ولكن ما حدث كان مرعبا لهم وخاصة خلال السنين الاخيرة من حكم الديكتاتور.لقد مر العراق بفترة انتقالية من اجل انشاء نظام سياسي لادارة البلد والعمل بالنظام الديمقراطي كاساس للانتخابات البرلمانية. لقد سيطرت الاحزاب الدينية والطائفية والقومية على مقاليد الامور لان الناخب العراقي قد انتخب بصورة استراتيجية اي انتخاب اعضاء من قوميته او طائفته الدينية، العلمانية تمر الان بمرحلة صعبة جدا وخاصة بعد سيطرة المالكي على الحكم ولدورتين برلمانيتين والخوف هو من ان يفوز بدورة اخرى والكل يعرف مدى تاثير الدول المتنفذة في اختيار القائمة الفائزة فرغم فوز القائمة العراقية في الدورة السابقة ولكن لم تكن هي المفضلة (من قبل الدول التي تتدخل في سياسة العراق) لقيادة الوزارة. أتأمل ان يدرك ابناء الوطن بان العلمانية والديمقراطية هي الحل الوحيد لعراق واحد وامن ومستقر. تدخل الدين ورجاله في السياسة هو لتمزيق العراق فلا يوجد بلد متخلف والا سيطرة العقلية الدينية على ابنائه وقيادته. الاوطان المتحضرة والمتمدنة عزلوا الدين ورجاله جانبا ونتأمل ان يحدث هذا في الوطن ايضا.اخي الدكتور سعيد: كيف تقرأ الخارطة السياسية للعراق الان؟ كيف تطورت الامور لما هي عليه الان من فشل وتاخر وفساد وارهاب؟ لماذا تغير فكر العراقي في عدة قرون من علماني متحضر الى ديني متخلف؟ لقد كان العراق سابقا من الدول القليلة في المنطقة والتي كانت سباقة في التقدم نحو مصاف الدول المتقدمة. العراق يملك راسمال كبيرا من ابنائه والذين حاربهم الارهاب والقومية المتطرفة وكذلك يملك العراق حضارة كبيرة هي حضارة بلاد ما بين النهرين. متى سيعود العراق الى العلمانية والديمقراطية المتمدنة وليس فقط ديمقراطية الاكثرية؟ ما هي تصوراتك لمستقبل البلد؟الدكتور سعيد اسطيفانا:بعد عقود من الدكتاتورية امتدت منذ شباط 1963 الاسود, ما عدا فترات قصيرة من التنفيس, انهار الحكم الذي صار في العقود الاخيرة فردي مطلق غارق في دماء شعبه يتربع على راسه دكتاتور نرجسي مهووس. الانهيار السريع من حيث الظاهر جاء بفعل العامل الخارجي الذي تمثل بالحملة العسكرية المعروفة. ولكن من حيث الجوهر انهار النظام بسبب مقت الشعب له وعزلته التامة وفقدان اي دعم شعبي له مهما كان حتى ان قواعده الحزبية والتشكيلات العسكرية المختلفة من جيش وجيش شعبي وامن وغيرها ليس فقط تخلت عنه لا بل انخرط الكثير من قياداتها في التآمر عليه وتسهيل مهمة الحملة العسكرية الاجنبية. كما ان العزلة الدولية والاقليمية شبه التامة للنظام المقيت بسبب من اعتداءآته الهوجاء وتآمره على الجيران وعنجهيته في علاقاته حتى مع الدول الصديقة له وصاحبة فضل عليه كانت عوامل مسهلة في سرعة الانهيار بوجه الحملة العسكرية الاجنبية.كان لنفس العامل الخارجي, الدولي او الاقليمي, دورا في اتيان الانظمة الكتاتورية المتعاقبة على رقاب شعبنا وبخاصة دكتاتورية البعث وفي تمكين صدام من الاستحواذ على السلطة وتثبيت دكتاتوريته الفردية وذبح الشعب والقضاء على اي معارضة وفي شن الحروب العدوانية المهلكة الداخلية منها او الخارجية. كل ذلك كجزء من ستراتجية الدول المعنية (الدولية او الاقليمية) والصراع فيما بينها لتحقيق وتثبيت مصالحها بعيدة او قريبة المدى. اطراف العامل الخارجي الدولي او الاقليمي تتصارع, تتفق او تختلف فيما بينها حسب توازن القوى فيما بينها وحسب تقدم اوتأخر او تغير مصلحة هذا او ذاك الطرف. الطرف الداخلي (شعبنا العراقي في هذه الحالة) غالبا ما لا يستفاد بل يتضرر سواء من اتفاق او اختلاف اطراف العامل الخارجي. في حالات كثيرة قد يخطئ هذا او ذاك من اطراف العامل الخارجي في حساباته او خططه القريبة او البعيدة المدى المستفيد من هكذا اخطاء هو طرف خارجي آخر لخدمة ودفع مصالحه للامام وغالبا ما لا يستفاد بل يتضرر الشعب المعني من هكذا اخطاء.تعرض الشعب العراقي والخيرون والانسانيون فيه وحركته الوطنية خلال عقود السلطة الدموية لصدام وبعثه الفاشي الى قمع ممنهج وتصفية واسعة. ورغم مقاومة الشعب الباسلة والمستميتة التي تمثلت بالكفاح المسلح للانصار والبشمركة وبالحركات المسلحة في الاهوار وبالنضال السري في بغداد وكافة مدن العراق وبالخطط الانقلابية العديدة لاطراف معارضة في الجيش وحتى من داخل حزب البعث فان صدام بدمويته الشرسة وبتواطئ ودعم من اطراف اقليمية ودولية ظل جاثما على صدور الشعب حتى حان وقت تنفيذ ما خططه العامل الخارجي بالتخلص من “حليفهم” السابق الذي استنفذ فائدته في خدمة مصالحهم المستجدة. وهذا ما حصل في الحملة العسكرية الخارجية التي قضت بسرعة مذهلة على نظام اوهم نفسه قبل الاخرين بأنه باق للابد.الحركة الوطنية العراقية وغالبية اطراف المعارضة وبسبب القمع الدموي طويل الامد, وباستثناء اجزاء صغيرة منها, ولحين الانتفاضة التي اعقبت حرب الكويت انتقلت الى دول الجوار او الى دول المهجر البعيدة. بعد هذه الانتفاضة وقيام المنطقة المحمية من الامم المتحدة في كردستان العراق والتي كان للحركة القومية الكردية نفوذ ومواقع مهمة فيها عاد اليها الانصار وكذلك انتقل اليها العديد من اطراف المعارضة العراقية. هنا سعت جميع اطراف العارضة الى احداث التغيير بفعل العامل الداخلي بشكل اساسي مع دعم واسناد من العامل الخارجي. الا ان هذا المجهود لم ينجح ليس فقط لعدم توحيد جهود المعارضة وتطورها ولكن ايضا بسبب التوجه العام للعامل الخارجي (كل من جهته) لتحقيق التغيير وفق خططهم (مجتمعين او فرادى) بما يتوافق ويتلائم مع استراتجيتهم خدمة لمصالحهم (مجتمعين او فرادى) القريبة او بعيدة الامد.الذي حصل انه مع مر الزمن ونتيجة عدم توحد وتطورجهود حركة المعارضة ككل سار العديد من اطراف المعارضة مع “خطط” العامل الخارجي على امل السير بالامور باتجاه “اسلم” بعد التخلص من كابوس الدكتاتورية الرهيب. الحملة العسكرية في اذار 2003 اسقطت النظام العاتي بسرعة مذهلة الا انها على ما يبدو لم تحسب جيدا تبعات ذلك ولا عواقب بعض اجراءاتها وممارساتها كسلطة احتلال. فسادت الفوضى وعم النهب لفترة غير قصيرة وانتهكت حدود العراق وتسلل اليه الالاف من الارهابيين والمجرمين من مختلف بقاع الارض بدعم ومساندة العديد من اطراف الجوار ليس فقط لخدمة مصالحها هي بل ايضا لافساد خطط وتخريب مصالح طرف اقليمي او دولي آخر وايضا وبشكل تدريجي افاق بعض اتباع النظام المقبور من هول الضربة وبدورهم اضافوا الى التخريب والقتل والعنف الخ آملين استعادة كل او بعض ما فقدوه.لم تكن اطراف حركة المعارضة التي انتقلت الى بغداد وباقي انحاء العراق على فهم او موقف او منظور واحد لكيفية تسيير الامور او الاهداف التي تسعى نحوها. الشعب وبشكل عام وبعد عقود من الحروب والقمع والحصار والحرمان صار يتطلع الى الامن والهدوء لكي يستعيد انفاسه ويبني حياته من جديد. وبسبب مقت الشعب للبعث وما يمثله وبسبب التاثير العميق للدين والطائفة والعشيرة في صفوفه وعدم “المام” الشعب بالحركات التقدمية وتوجهاتها والبلبلة التي عمت بعد الذي حصل للاتحاد السوفييتي وما كان يعرف بالدول الاشتراكية الخ وبسبب التدخل الواسع والكبير للعديد من اطراف الجوار في دعم وتمويل واسناد الحركات والاحزاب الموالية لها سارت قطاعات واسعة من الشعب ولا تزال خلف احزاب وحركات ومنظمات يغلب عليها الطابع الديني او الطائفي الخ هذا هو ما انعكس في نتائج الانتخابات التي جرت لحد الان وان كان لشراء الذمم وبعض التزوير دور في ذلك ايضا.وبشكل عام ولحد الان ليس بمقدور القوى التي تولت مقاليد الامور كتحصيل حاصل لهذه الانتخابات وبسبب من خبراتها وخلفياتها وقناعاتها وتوجهاتها وتناحراتها وصراعاتها وارتباطاتها وعلاقاتها الخارجية الا الاتيان بسلطات واجهزة حكومية كالتي شاهدناها ولا نزال نشاهدها في العراق. فضعف الرؤية الواضحة في تسيير الوزارات والمؤسسات والهيئآت الحكومية شيئ يعترف به الجميع ويلقي اللوم على “الشركاء”, والتناحر بين السلطات المختلفة صار محل تندر الجميع, والصراع بين المركز والاقليم والمحافظات يحصل يوميا والبرلمان ومجالس السلطات المحلية شبه معطلة ولا نكاد نسمع عن اي خطط للعمل والبناء, واهدار المال العام والفساد والرشوة والمحسوبية ضاربة اطنابها, والارهاب والقتل اليومي بالمئات, والان يتلبد الجو بنذر حرب داخلية لاتبقي ولا تذر.لكن هذا ليس كامل الصورة فهناك القوى المدنية واللبرالية والديمقراطية والدينية المتفتحة المتمثلة بالتيار الديمقراطي والتحالف المدني وهناك قوى مدنية ليبرالية اخرى الى جانب الحركة الكردية ذات الاساس والتوجه الديمقراطي والتي قادت الاقليم ولا تزال بشكل سليم انتج تطورا ملموسا في كردستان العراق. كما واعتقد ان بعض الاحزاب والحركات ذات المسحة الدينية او الطائفية بمختلف انواعها ادركت وتدرك تدريجيا من خلال خبرة ممارسة السلطة اهمية اضفاء طابع مهني ومدني في تسيير شؤون الدولة بعيدا عن الانتماء او القناعة الدينية او الطائفية الخاصة بهم. في المأزق الخطير الذي يواجهه العراق الان ومن اجل مستقبله ومستقبل شعبه لا بد من تعويل الامل على هذه القوى والاطراف جميعها كي تتوصل الى القواسم المشتركة خاصة بعد الانتخابات القادمة لكي لا ينزلق العراق نحو الاحتراب والتمزق ولاخراجه من محنته ووقايته من المؤثرات الاقليمية والدولية السلبية ووضعه على سكة التعافي والبناء والتقدم.شعب العراق هو نفس الشعب الذي ناضل خلال الفترات المختلفة منذ دخول القوات البريطانية خلال الحرب العالمية الاولى هو نفس الشعب الذي اسقط معاهدة بورتسوث ووقف الى جانب المناضلين ومنهم الشيوعيين العراقيين وهو من ساند ووقف الى جانب ثورة تموز وتصدى لانقلاب شباط الاسود والدكتاتوريات التي تلت ذلك وهو نفس الشعب الذي رفد حركة الانصار وحركة البشمركة وثوار الاهوار الابطال والعمل السري في المدن بالاف مؤلفة من خيرة الشباب والشابات. الذي تغير هو “الزمن” وليس الشعب. ففي العهد الملكي عاش العراق تجربة ناقصة ومشوهة ل “الديمقراطية” لم تلب طموحاته فثار الشعب وناضل للافضل. خابت امال الجماهير خلال مرحلة قاسم القصيرة فلم يحصل تغيير بالاتجاه المنشود. الامر كان اسواء بالنسبة للتجربة القومية والبعثية حتى سقوط صدام فحال الشعب بقى كما هو وتلاشى الامل في التغيير المنشود. انهيار التجربة السوفياتية التي عقدت عليها البشرية ومنها شعب العراق امالا في تحقيق التغيير المنشود لصالح عامة الناس سبب يأسا وبلبلة عميقة لدى هولاء. هنا بزغ نجم الاسلام السياسي الذي اوحى للناس ان لديه الحل فصارت قطاعات من الجماهير التي خابت امالها في القوى الاخرى تدعم وتساند هذا التيار اضافة الى دور الدين ومكانته التأريخية في المجتمع وكذلك الدعم المالي والاعلامي والسياسي للعديد من الدول الاسلامية ذات مصادر مالية هائلة.انا لا اعتقد ان فكر العراقي العادي وبشكل عام تغير من علماني متحضر الى ديني متخلف فالجماهيرالواسعة تنشد التغيير نحو الافضل بمعزل عن من يحقق التغيير وما هو فكره ونفس الجماهيرتتمرد على من ساندته اذا لا يفي بوعوده في تحقيق مطامحها. هذا ما نعيشه اليوم بشكل ملموس بتجربة الشعب المصري مع الاخوان المسلمين ونفس الشيئ يحصل في تونس والى حد ما في كل من تركيا وايران وهلمجرا. انا على قناعة تامة بان الدين السياسي في العراق اما ان يتجاوب مع متطلبات المرحلة بان يصبح حراكا مدنيا ديمقراطيا حقا والا ستتخلى عنه الجماهير التي لا تزال تعلق عليه الامال. ان فقدان الامن واستشراء الارهاب والخوف من الاقتتال الطائفي يؤخر من اكتشاف الجماهير عقم الدين السياسي الحالي واكتشاف عدم قدرته على احداث اي تغيير تطمح اليه هذه الجماهير. الامل ان يحقق التحالف المدني الديمقراطي والقوى المدنية الاخرى مثل الوطنية العراقية ومدنيون آخرون واسلاميون متفتحون نتائج جيدة في الانتخابات القادمة تمكنهم من التأثير في ترسيخ التجربة الديقراطية الوليدة ومن اجل احداث التقويمات اللازمة للوضع الصعب والمعقد القائم في العراق وفي ابعاد العراق من التاثيرات السلبية للصراعات الاقليمية والدولية المحتدمة الان.ان استشراء الشحن الطائفي وامتداد القتال الاقليمي الى العراق يدفعني الى الاعتقاد بعدم توقع تغير جوهري في الانتخابات القادمة. فالاصطفافات القومية والطائفية ستبقى كما هي مع احتمال انتقال من هذا الفصيل الى ذاك ولكن ضمن نفس الاصطفاف ولا شك ستحصل ائتلافات واتفاقات زمنية بين مختلف الكتل على ضوء عدد المقاعد التي ستحصل عليها هذه الكتل ولا شك ايضا بانه سيكون هنالك دورا مؤثرا وقد يكون حاسم للعامل الخارجي خاصة المجاور على شاكلة ما حصل مع القائمة العراقية في الانتخابات السابقة. ويبقى الامل ان يحقق المدنيون والليبراليون والديموقراطيون والمتدينون المنفتحون نتائج تستطيع ان تؤثر نوعا ما في مسار الامور.
بعد سقوط النظام المقبور زرت العراق خلال شهري تشرين الاول والثاني 2003 وذلك لزيارة الاهل والقوش والوطن ولكن بالاساس للمشاركة في المؤتمر الكلداني السرياني الاشوري العام في بغداد (رابط 7 ). دخلنا العراق من نقطة ابراهيم الخليل قرب زاخو واخذتنا السيارة الى القوش حيث بقيت فترة قصيرة ثم انتقلت الى بغداد حيث التقيت الاهل والاقرباء وايضا شاركت في المؤتمر المذكور وقدمت خلاله دراسة عن قضية شعبنا الواحد بمختلف تسمياته وانتماءاته القروية او الكنسية الخ. بعد المؤتمر بقيت بضعة ايام في بغداد ليس فقط للقاء الاهل والاقارب ولكن ايضا للقاء بعض الاصدقاء اللذين صار قسم منهم أعضاء في مجلس الحكم وقسم صار يعمل مع السلطة المؤقتة. وجدت بغداد بحالة سيئة مقارنة مع ما كانت عليه عندما غادرتها عام 1978 فالحروب احدثت فيها خرابا كثيرا. بعدها سافرت الى القوش فالتقيت بمزيد من الاهل والاصدقاء ووجدتها على حالها مع قليل من التغيير. في القوش قدمت مع اخرين ندوة عن المؤتمر الذي حضرناه وعن قضية شعبنا الواحد. خلال هذه الزيارة رحنا الى الدير والى بنداوايا وزرنا ايضا دهوك التي لاحظت فيها تطورا لا باس به.
زرت الوطن بعد ذلك ثلاث مرات في اعوام 2011, 2012, 2013 وفي كل مرة اذهب الى بغداد والتقي اصدقائي اللذين يحتل كثير منهم مناصب وزارية او مناصب مرموقة او اعضاء برلمان او اساتذة جامعة او رجال اعمال. في كل مرة اجد بغداد على خرابها وكثرة السيطرات الامنية وقطع الجسور والطرق حسب الحوادث الامنية ومع ذلك لاحظت حرية سياسية واسعة ونشاط واضح للعديد من الاحزاب والقوى السياسية وكذلك حرية اعلامية وصحفية غير معهودة سابقا الخ. وهناك ايضا حركة سوق نشطة مع توفر البضائع والمواد من مختلف المناشئ بشكل لم يعرفه العراق سابقا.القوش في هذه السنين توسعت وصارت اضعاف ما كانت عليه فوصلت الدور الى دير السيدة واصبح مار قرداغ في وسط البلدة بعد ان كنا نصله بالدواب عندما كانت المتوسطة هناك وفي محلتنا تخطت الدور مرقد مار يوحنن ووصلت الدور الى رمتا د جونقي واختفت البيادر التي كانت بمثابة ملاعب طبيعية لنا بالاضافة لكونها مرفق زراعي هام للبلدة. كذلك زرت اربيل ودهوك والشمال حتى برور هذه المدن والمناطق قد تطورت كثيرا من حيث الطرق والمساكن والاسواق والخدمات الخ فالفرق شاسع بين اربيل ودهوك وبغداد والموصل مثلا فهما الان اقرب الى مدن اوربية بينما الموصل وبغداد يعمهما للاسف الشديد الخراب وضعف الامن والخدمات.