حوار عن الطبيعة في القوش

Khoranat alqosh17 مارس 2014151 مشاهدةآخر تحديث :
حوار عن الطبيعة في القوش

اجرى اللقاء: جلال جما

قبل ان تلوج في مسالك وهدة دير الربان هرمز وعلى يمينك انشأت منطقة خضراء جميلة منذ تسعينات القرن الماضي خصص لها شخص يرعاها ويهتم بها, وعلى نفس الاتجاه والى الشمال منها وجنوب منطقة سارجتا لمحت ذات يوم رجلان يعملان بمثابرة وتأني وقد اجتاز عمرهما السن القانوني للتقاعد لكنهما ماهران وفي عملهما لا يحتاجان الى رقيب.

لقد حسبت ان مشروعا جديدا يجري تنفيذه في المكان ,وفي قرارة نفسي قلت يا لنباهة المقاول فوجد ضالته في هذين العاملين الشغوفين بالطبيعة المخلصين في عملهما. ومرت الايام وكنت كلما رأيتهما اتأمل نشاطهما ,وفي ذات الوقت القي العتب على اولادهما بسبب سماحهما لهما العمل الشاق في هذا العمر ,ولم يمر الوقت طويلا حتى اكتشفت انهما يقومان بعمل طوعي ..يعملون في الحفر وتسوية التربة ورص الاحجار فيبدو المكان بيئة صقلتها يد انسان كحال ما فعله آبائنا واجدادنا ففي هذه الزيارة عرفت ان السيد حميد كوركيس سكماني هو صاحب المبادرة والعمل ثم التحق معه فيما بعد السيد داؤد دنو التلسقفي ,ومن الجدير بالذكر ان السيد حميد سبق له مع السيد خالد متي جما ان اعاد زراعة كرم المسمى (رابي علطون)على السفح الشرقي لكلي الدير كعمل طوعي أيضا.

اذن الامر ليس غريبا عليهما فلقد عرف عنهما حب الطبيعة والرغبة في الاهتمام فيها فلا يبتغون مدحا او مالا او شهرة ,ولهذا السبب فان مقابلتنا لم تكن سهلة مع السيد حميد سكماني الذي رفض تسليط الضوء على ما يقوم به ولكن عندما عرفته بهدف هذا الحوار وافق على مضض.

لقد بدأ العمل في هذا المكان في شباط عام 2010 ثم التحق به فيما بعد السيد داؤد التلسقفي والعمل لازال مستمر الى الآن..

وكان سؤالنا الاول
س1:ما الذي دفعكم الى هذا العمل؟

ج:محبتا للطبيعة ورغبتنا في الاعتناء بها ..لقد سبق لي ان غرست كرم رابي علطون مع السيد خالد جما.

س2:هل واجهتم اعتراضات محددة؟
ج:على العكس تماما فلقد لمسنا التشجيع من كل من التقى بنا.

س3: ما طبيعة هذا التشجيع؟
ج:الحقيقة تجلى التشجيع في كلمات الثناء وطرح بعض المبادرات والافكار فهو في الغالب يخص في الجانب المعنوي ولكن أيضا التحق معنا بعض المثقفين وآزرونا في بعض الاعمال الزراعية وتوفير الشتلات وهم يتواجدون معنا ولا يبخلون باي خدمة نطلبها منهم.

س4:ما هي المشاكل التي تعترض عملكم؟

ج:المشكلة الاساسية كانت بسبب دخول الاغنام الى المتنزه والتي سبق ان الحقت الضرر في كرم رابي علطون الذي غرسناه في عام 1999 ثم جاء الحريق ليقضي عليه تماما. طبعا الآن الظروف احسن بفضل تواجدنا اليومي وابتعاد الاغنام عن المكان.

س5:ما الذي تبتغونه من هذا العمل؟
ج:مردود العمل هو جمالية المنطقة, كما ان التعامل مع البيئة يكسبنا راحة واطمئنان فضلا عن قتل وقت الفراغ في عمل نافع يستفيد منه جميع الناس

س6:ما هو وجه الاستفادة
ج:هذه البيئة الجميلة هي محط انظار الزائرين وهي متاحة للجميع لقضاء وقت ممتع, كما ان هذه المبادرة والمبادرات الشبيهة هي درس مفيد في اشاعة الرغبة في الاعمال التطوعية وروح المسؤولية النابعة من ذات الانسان ,كما ان لقاءا يوميا يجري هنا قبل ان يتوارى النهار بين الاصدقاء تدور بينهم احاديث وحوارات في كنف الطبيعة بعفوية وحرية فالطبيعة هي افضل من يحتضن الانسان وهي في هذه الايام ملجأ نهرب اليه من صخب الحياة وضجيج السياسة والصراعات المتنوعة وفي ظل غياب الرؤية الموحدة للمستقبل .

نعم الطبيعة بصدقها تبتسم لحواراتهم المثمرة وتمتص النكد والغضب وتفرج عن النفوس الحزينة ,وتضحك لمرحهم والفتهم فكل ما يحيط بهم هنا هو جميل. على مشارف هذا الجبل ذو التاريخ العريق الذي آوى اليه الربان هرمز في القرن السابع التي لا تزال اثاره باقية تشهد لعظمة القداسة وروعة الرجال الذين حولوا الطبيعة الجرداء الى جنة ثرية اعتاش منها وعليها المئات من الرهبان في نظام قل نظيره في عالم اليوم ان لم نقل انعدم تماما .

يجدر الاشارة أيضا الى اعمال تطوعية مشابهة قامت بها جماعة يد بيد لألقوش في التشجير والتنظيف ,كذلك جماعة متبرعة في حفر القبور ففي الواقع هؤلاء يعيدون المجد الى بلدتنا العتيدة بتاريخها, وربما يوجد اعمال اخرى مماثلة ..انها الذخيرة التي تثرينا وتجمعنا وتصوب نظرنا نحو المعاني الجليلة والمصلحة العامة التي تعود بالنفع على الجميع .. امام الشباب اليوم مشوار للحذو على مثال المتطوعون فالروعة دائما تكمن بالعطاء لان كل عطاء نابع من ثراء النفوس فالذي يعطي باستمرار يشبه ساقية تجري فيها المياه اما البخيل فهو البركة الراكدة التي يفسد فيها كل شىء .لننظر الى الامام ونشمر عن الساعد ففي انتظارنا حقل بحاجة الى قدراتنا ومحبتنا ولمساتنا ,انه في الواقع حقلنا جميعا. مع تحياتي..

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!