اجرى الحوار السيد منذرحبيب كلّه القوش في 21/12/2016
المقدمة “
الاستاذ يوحنا حسقيال بابانا شخصية تربوية غني عن التعريف لامكانياته المميزة في مجال عمله في التعليم و حرصه الشديد على الطلاب للنجاح بتفوق ، يدرس مادة علوم الحياة للصف السادس العلمي ، أفنى حياته ملتزما مواضبا صبورا متواضعا لم يدع طلبته يوما يشعرون أنفسهم بعيدين عنه بل اصدقاء له وخاصة المتميزين منهم ، خدم الاستاذ يوحنا في عدة مدارس منذ تعينه في( 26/10/1971 ) كرسول يؤدي واجبه بكل أمان ومحبة مع زملائه وطلبته اينما حلّ وفي اية مدرسة عمل يضرب به المثل في الاخلاص والتعاون .
كان الاستاذ يوحنا من المدرسين المتميزين في الاعدادية الشرقية في الموصل التي اشتهرت بتخرج معظم الطلبة المتفوقين والمتميزين والذين التحقوا المجموعة الطبية والهندسية .
ولكونه احد ابناء بلدته (القوش ) فله حضورا اجتماعيا وثقافيا معروفا ، قام بطبع ونشر كتاب (القوش عبر التاريخ ) بطبعتيه الاولى والثانية والذي تركه له عمه المرحوم المطران بابانا كمسودات جمعها ونضدها ودققها ثم طبع الكتاب ونشره لتحقيق هدف مؤلفه بعد ان بذل جهودا استثنائية وبالتعاون مع شقيقه الاستاذ جورج بابانا ،
يساهم الاستاذ حنا في تحرير مجلة شراغا كاحد اعضاء هيئة التحرير منذ بداية اصدارها في 2004 ولحد هذا اليوم مساهما في رفد المجلة بمقاله واحدة لكل عدد .
اجريت الحوار مع الاستاذ يوحنا بابانا بهدف التعرف على مايبذلونه ابناء شعبنا ومنهم الاستاذ يوحنا في خدمة مدينته العزيزة نينوى و بلدته العريقة القوش وطلابها اسوة ببقية زملائه من المعلمين والمدرسين واساتذة الجامعات والموظفين وحتى العمال والمزارعين واصحاب المهن الحرة المختلفة منذ تاسيس الدولة العراقية الى يومنا هذا ،
نأمل وننتظر بفارغ الصبر عودة نينوى وسهلها الى احضان الوطن ليتسنى لكل ابناء شعبنا ممارسة حياتهم الطبيعية والعيش بحرية وكرامة والمساهمة في بناء و إعمار المحافظة وبلدنا الجريح العراق .
اتمنى للاستاذ يوحنا الصحة الجيدة والراحة والاستقرار وطول العمر بعد احالته على التقاعد يتهنأ بين اصدقائه واقربائه في احضان البلدة القديمة القوش التي ولد واستقر فيها وتمسك وثبت بالرغم من المصاعب والظروف الحرجة التي مرّت بها ،
كما اشكر الاستاذ يوحنا على اتاحته الفرصة للّقاء الشيّق هذا والتعرف على شخصيته الكريمة الطيبة
نص الحوار “
السيد منذر كلّه ” من هو الاستاذ يوحنا حسقيال بابانا
الجواب ” يوحنا حسقيال من اسرة بابانا الالقوشية المعروفة ، اسكن بلدتي القوش منذ الولادة في 1947
ماهو تحصيلك العلمي “
الجواب ” بكلوريوس بايولوجي ( علوم الحياة ) من كلية التربية جامعة بغداد للعام الدراسي 1970 _1971
منذر كلّه ” متى تعينت وكم سنة أمضيت في التعليم
الاستاذ يوحنا ” تعينت عام 1971 في حينها كان كل خريجي كلية التربية يتم تعينهم مباشرة عم طريق مجلس الخدمة ، وأمضيت في التعين 40 سنة
ماهي المناطق التي مارست التعليم فيها “
الجواب ” كان اول تعيني في ثانوية عقرة المختلطة ، ودرست منهج علوم الحياة لكل مراحل الثانوية اضافة الى تدريس مادة الكيمياء لثلاث مراحل دراسية لعدم توفر مدرس للكيمياء في الثانوية ، وبعد مضي ثلاث سنوات قدمت طلب النقل الى ثانوية القوش ولعدم وجود شاغر تم نقلي الى مركز الموصل في متوسطة الحدباء ومن ثم متوسطة الجمهورية ، وفي عام 1978 نقلت الى الاعدادية الشرقية الى بداية عام 2005 .
تحققت امنيتي بالخدمة في القوش منذ بداية 2005 الى 2010 علما ان طلب نقلي الى القوش كان يحجب مرارا بالتنسيق بين ادارة الشرقية ومديرية التربية وبعذر عدم وجود مدرس بديل مناسب
منذر كلّه “
امضيت فترة طويلة في الاعدادية الشرقية العريقة ، ماهي الصعاب التي واجهتك في اداء خدمتك
الاستاذ يوحنا ” امضيت 27 سنة في الخدمة في الشرقية وهي اعدادية عريقة غنية عن التعريف تاسست عام 1932 وفي ذلك الوقت يتم نقل المدرس اليها بترشيح من ادارة التربية وكان المقياس الكفاءة ونتائج الطلاب في الامتحانات العامة ،
لم تواجهني صعوبات تذكر خلال خدمتي في الموصل ،وكان التعامل مع الادارة والكادر التدريسي والطلاب واولياء امورهم على خير مايرام ، وبالنسبة لي لم اشعر يوما كوني من خارج مركز المحافظة بل على العكس من ذلك .
بعد تغيير النظام عام 2003 فان الشيء الذي كان يقلقني احيانا هو العبوات المزروعة في شوارع المدينة التي تستهدف القوات الامريكية والعراقية وقد يكون ضحيتها من المدنيين .
سؤال آخر “
كيف كانت نتائجكم في الامتحانات العامة ، وهل تكرمتم يوما
الجواب ” الشرقية كانت تضم 28شعبة وبحدود 1400طالب ، وعدد طلاب المرحلة المنتهية يتراوح بين 400-300 طالب ، وكانت من الاوائل على نطاق المحافظة ، وسنويا يلتحق من 30 الى 40طالب بالمجموعة الطبية وضعف هذا العدد بالمجموعة الهندسية ،
وحول تكريمنا فلقد تكرمت عدة مرات ومنها مكرمة رئاسة الجمهورية وهي سيارة من نوع ( كوريلا ) سنة 1990 ، حيث احرزت الشرقية المركز الاول على المحافظة والمركز الثالث على مدارس العراق ، وفي تلك السنة كان عدد المكرمين في المحافظة 8مدرسين ، وكان مقياس التكريم ثلاثة شروط وهي معيارية الدرجة ومعدل الطالب ونسبة النجاح .
منذر كلّه “
اذا سألتك عن ثانوية القوش التي امضيت فيها السنوات الاخيرة من خدمتك الوظيفية واحلت على التقاعد ، ماذا يدور في ذهنك عن تلك المدرسة العريقة من ناحية المستوى العلمي ومعدلات النجاح مقارنة بالاعدادية الشرقية ،
الاستاذ يوحنا ” عندما كنّا طلاب في ثانوية القوش في الستينات من القرن الماضي كان جلّ اهتمام الطالب هو المنهج الدراسي ، وكانت ثانوية القوش من الاوائل على مستوى مدارس المحافظة واحيانا يوفد الى خارج العراق عدد من الطلاب المتفوقين لاكمال دراستهم العليا في الجامعات العالمية ، اما اليوم فان فكر الطالب منشغل بالهجرة وترك الوطن وتردي الوضع الامني والاقتصادي وندرة التعيين مما ادى الى ترك الكثير من الطلبة مقاعدهم الدراسية واللجوء الى دول اخرى على امل تحقيق حلمهم المنشود ،
ومن الامور الاخرى التي اشغلت الطالب حاليا وسائل التقنية الحديثة التي لم تكن متوفرة آنذاك كالهاتف النقال والانتر نيت وغيرها من الوسائل التي اخذت حيزا من وقت الطالب على حساب الدراسة رغم وجود عدد من المدرسين الاكفاء ، ومع هذا لازال بعض من الطلبة مواكبين على الدراسة ويحرزون نتائج متقدمة تؤهلهم للالتحاق بالمجموعة الطبية والهندسية وغيرها ، ومقارنة بالاعدادية الشرقية التي ضمت خيرة مدرسي المحافظة ، كما ان ادارة المدرسة كانت تطالب المدرس بنتائج كل امتحان شهري وبطريقة تربوية يتم محاسبة الطلاب المقصرين في الامتحانات ومتابعتهم وتشجيع المتفوقين مما ينعكس ايجابا علة المستوى العلمي للطلبة وتفوقهم .
السيد منذر “ماهي اهم نشاطاتك العلمية والثقافية
الاستاذ يوحنا ” عند نقلي الى ثانوية القوش كان مختبر الاحياء خاليا عدا مقاعد الطلاب وعدد قليل من وسائل الايضاح ، وبالتنسيق مع ادارة الاعدادية الشرقية والمشرف الاختصاص تمت مناقلة ستة مجاهر ( ميكروسكوب ) متنوعة من مختبرات الشرقية ، وبالتعاون مع طلبة الثانوية اكملت معظم وسائل الايضاح والمجسمات التي تخص منهج الاحياء للمرحلة المنتهية ،
كما قمت باعداد مساعد الطالب لمنهج الاحياء للسادس العلمي والذي لقي اقبالا واسعا لدى الطلاب وقد انتشر في معظم مدارس المحافظة ومنها الى العديد من مدارس بغداد ، وكان عونا كبيرا للطالب في تذليل عقبات المنهج ،
ومن النشاطات الثقافية ساهمت بطبع ونشر كتاب القوش عبرالتاريخ الطبعة الاولى 1979 لمؤلفه عمي المرحوم المطران يوسف بابانا ، حيث ان الكتاب لم ير النور في حياة المؤلف بعد ان وافته المنية فجأة قبل ان يرى جهده الكبير محققا منشورا وتركه لنا بصورة مسودات أولية ، ووفاءا لجهوده وخدمة لتاريخ وتراث بلدتنا بادرنا نحن ورثة المؤلف وبعد جهد جهيد بطبع الكتاب .
وبعد عقود من نفاذ الطبعة الاولى باشرنا باعداد الطبعة الثانية 2012التي هي استمرار للطبعة الاولى وامتداد تاريخي لها وبشكل يحافظ وبأمانة على فكر المؤلف وماجاء به ، ورفدنا الطبعة الثانية وبصور تراثية ومعالم اخرى عن بلدة القوش منذ القدم والتي لم يتح للمؤلف الاشارة اليها في حينها ، مع متغيرات اخرى مرّت بها بلدة القوش والى تاريخ صدور الطبعة الثانية ليتواصل التاريخ القديم والحديث قبل ان يحيل الى عالم النسيان فاصبحت الطبعة الثانية في 55 6 صفحة وهي استمرار للطبعة الاولى التي كانت تقع في 236 صفحة وقد اشرنا على الفقرات المضافة بعلامة ( * )،
ومن النشاطات الاخرى التي زاولتها ولحد الان هو اعدادي لكتاب (مخطوط ) في الطب الشعبي الموروث ، بدأت به منذ اوائل السبعينيات من القرن الماضي ،
السؤال الاخير ” ماذا تعمل اليوم وكيف تقضي اوقاتك بعد احالتك على التقاعد وانت تساهم ايضا مع زملائك في هيئة تحرير مجلة شراغا والتي تصدرها جمعية القوش الثقافية ،
الاستاذ يوحنا ” ابرمج وقتي بين المطالعة والكتابة والانترنيت وبعض الهوايات الاخرى اضافة الى اقامة دورات تقوية لطلاب المرحلة المنتهية ، كما اساهم في رفد مجلة شراغا بمقالة واحدة لكل عدد منذ صدورها عام 2004واعمل مع زملائي في هيئة التحرير وتهيئة المجلة للطبع ،
منذر كلّه ” كلمتك الاخيرة عن القوش ومستقبل الطلبة وخاصة في ظل الظروف الحرجة التي مرّت بها القوش والهجرة خارج الوطن ،
الاستاذ يوحنا بابانا ” نأمل مستقبلا بعودة الامان والاستقرار النسبي بعد طرد داعش الارهابي واكمال تحرير بلدات سهل نينوى ، واملنا من العوائل المتبقية الثبات في ارض الاباء والاجداد ونحن سكان البلاد الاصليين ولسنا غرباء في ارضنا ، ولابد للّيل ان ينجلي ويبزغ فجر مشرق جديد يملؤه الامل في حياة هانئة سعيدة لنحافظ على هويتنا وارضنا وتراثنا ومقدساتنا .
شكرا للاخ منذر كلّه لاجراء هذا الحوار الشيّق
والله الموفق