وقفة صلاة وتأمل بمناسبة رسامة كهنة جدد

Khoranat alqosh20 يناير 20211095 مشاهدةآخر تحديث :
المطران  رمزي كرمو
المطران رمزي كرمو

احتفلت بعض ابرشياتنا الكلدانية في الفترة الاخيرة بمنح سر الكهنوت المقدس لعدد من أبناءها الشباب الذين من بعد ما انهوا دراستهم اللاهوتية حصلوا على هذه النعمة الكبيرة لتوظيفها في خدمة الكنيسة المقدسة .  يدعونا هذا الحدث المفرح, قبل كل شيئ, الى أن نشكر الله الذي لا ينسى كنيسته ابدا بل يرسل لها فعلة لكيما يكونوا شهودا لسر الخلاص الذي تم وتحقق بواسطة موت وقيامة ربنا يسوع المسيح له كل المجد والاكرام والسجود .  ايضا يدعونا هذا الحدث السار الى ان نسأل ونقول: ما هي الميزة الاساسية التي يجب ان يتحلى بها كاهن اليوم لكيما يكون امينا على رسالته المقدسة ؟  حسب رأيي المتواضع وخبرتي ان الميزة الاساسية التي يجب ان تميز الكاهن هي : الالتزام بالصلاة.  لا حياة كهنوتية مثمرة ترضي الله وتخدم الانسان من دون الصلاة . الكاهن الذي لا يواظب على الصلاة بصورة منتظمة ومستمرة يفقد دعوته ويكون حجر عثرة للآخرين . ان الصلاة المستمرة والنابعة من القلب تعلم الكاهن ان يضع ثقته بالله وأن يستسلم لأرادته لكي يكتشف أكثر فأكثر جمال ومتطلبات رسالته الراعوية والروحية على ضوء تعاليم الانجيل والكنيسة المقدسة . من دون الصلاة يتحول الكاهن الى موظف في مؤسسة دينية تدعى ” الكنيسة” ويفقد بذلك هويته الاصلية والأصيلة وهي أن يكون أيقونة حية وجذابة يكشف للعالم سر المسيح ابن الله الحي. لقد صدق من قال: ” ان الكاهن مسيح آخر”.    ان المجمع الفاتيكاني الثاني يقول في رسالته عن الكهنة ما يلي:” الكهنة هم منتدبوا المسيح الرأس ليبنوا ويشيدوا جسده كله , اي الكنيسة , كمعاونين للدرجة الاسقفية. فعلى هذا الاساس يجعلهم سر الكهنوت على شبه المسيح الكاهن. فلا جرم انهم بتكريسهم بالمعمودية قد نالوا كسائر المسيحيين علامة الدعوة وهبة النعمةاللتين تمكنانهم وتضطرانهم الى السعي رغم الضعف البشري وراء الكمال الذي قال فيه الرب :” فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم السماوي هو كامل” ( متى 5/48) . بيد أن هذا الكمال يلتزم الكهنة بالحصول عليه بباعث خاص: فأنهم بقبولهم سر الكهنوت تكرسوا لله بصورة جديدة ليكونوا ادوات حية بيد المسيح الكاهن الأبدي, جديرين بأن يواصلوا, على طول الزمن, العمل العجيب الذي به, بقدرته السامية, رمم الجماعة البشرية بأسرها. ومن ثم, فلما كان كل كاهن يقوم, على طريقته, مقام المسيح نفسه فهو بحكم ذلك, مجهز بنعمة خاصة, فتمكنه هذه النعمة بخدمته الناس المؤتمن عليهم وشعب الله بأسره, من السعي الى كمال ذلك الذي يمثله, وبواسطة هذه النعمة ايضا يجد ضعفه الأنساني الشفاء بقداسة ذاك الذي صار لأجلنا “الكاهن الأعظم, القدوس, البرئ, الذي لا عيب فيه, المفصول عن الخطأة”, (عبرانيين 7/26).”   على ضوء تعاليم المجمع الفاتيكاني الثاني نستطيع القول, بكل ثقة وقناعة, بأن حياة الكاهن هي امتداد حقيقي وملموس لحياة ربنا والهنا يسوع المسيح الكاهن الازلي وتجسيد لها . وبناء على ذلك يجب ان تكون حياة الكاهن مرآتا ناصعة البياض تعكس صورة يسوع المسيح الحي  . على الكاهن أن يقول بكل تواضع وتجرد : “من رآني لقد رأى يسوع المسيح. أنا وهو واحد”. هكذا كان يقول ربنا والهنا لليهود:” من رآني لقد رأى الأب , أنا والاب واحد” ( يوحنا 14 آية 9 وآية 10). نعم, ان هدف حياة مخلصنا يسوع المسيح الكاهن الأبدي, كان  أن يكشف للعالم سر الأب الذي أرسله. ولهذا حياة الكاهن لا تثمر ثمرا جيدا الا اذا تجذرت تجذرا عميقا في شخص يسوع المسيح الذي قال: ” أنا الكرمة وانتم الأغصان. فمن يثبت في وأنا فيه فذاك الذي يثمر ثمرا كثيرا لأنكم بمعزل عني لا تستطيعون أن تعملوا شيئا. من لا يثبت في يلق كالغصن الى الخارج فييبس فيجمعون الأغصان ويلقونها في النار لتشتعل” ( يوحنا 15 آية 5 و أية 6). أما الاتحاد بيسوع الكاهن القدوس, كأتحاد الغصن بالكرمة, لا يتم الا بواسطة الصلاة اليومية والتي تستمد غذاءها وخصوبتها من قراءة كلام الله الحي والتأمل به تأملا عميقا.    ان الصلاة التي يجب ان يقيمها الكاهن, بحب وشوق وحرارة, هي: احتفاله اليومي بالذبيحة الالهية التي هي مصدر وقمة الحياة المسيحية, ومن دونها تفقد الحياة المسيحية حيويتها ونشاطها الروحي والرسولي. لنسمع الى ما يقوله المجمع الفاتيكاني الثاني بهذا الخصوص: ” وبحكم كون الكهنة خدام الليتورجيا ولا سيما في ذبيحة القداس, فأنهم يمثلون فيها, بوجه خاص المسيح بشخصه الذي قرب نفسه ذبيحة من أجل تقديس الناس, فهم من ثم, مدعوون الى الأقتداء بما يتممون. أنهم يحتفلون بسر موت الرب فيجب عليهم ان يعنوا بأماتة اعضائهم , محترسين من الرذائل ومن كل ميل فاسد. فسر الذبيحة الأفخارستية , حيث يقوم الكهنة بوظيفتهم الرئيسية, هو فعل افتدائنا, من أجل ذلك يوصون بحرارة بأن يقيموا القداس كل يوم , لأن القداس, وان لم يستطع المسيحيون حضوره هو عمل المسيح والكنيسة. والكهنة بأتحادهم بعمل المسيح الكاهن يقربون كل يوم لله انفسهم بكليتها, وبأغتذائهم بجسد المسيح يشتركون في الأعماق من أنفسهم في محبة ذاك الذي يعطي نفسه غذاء للمسيحيين”  نعم, لا حياة كهنوتية مثمرة من دون الأتحاد بالمسيح الكاهم الأعظم عن طريق الأحتفال بالقداس اليومي . ولهذا لنصل الى الروح القدس, معلم الصلاة الأول وينبوع كل النعم والمواهب, أن يعطي للكنيسة المقدسة خداما ورعاة يجعلون من الصلاة عملهم اليومي والأساسي مهما كانت وكثرت التزاماتهم الأخرى, يختبرون من خلالها, حضور يسوع الحي والقائم من بين الاموات والجالس عن يمين الله الأب والذي سوف يأتي بمجده العظيم في نهاية العالم, في حياتهم اليومية ويشاركون أبناء وبنات رعاياهم بفرح وبهجة وجمال هذا الأختبار. لا ننسى ايضا أن نطلب شفاعة مريم العذراء, أم الكاهن الأبدي, التي غذت حياتها بالصلاة والتأمل بكلام الله, ان تصلي معنا ولأجلنا لكي نعيش رسالتنا الكهنوتية بروح الخدمة المجانية والتواضع والسلام الداخلي .   ” ما أجمل الكاهن الذي يصلي, طوبى له”.  ملاحظة: ما قيل عن اهمية الصلاة للكاهن في هذا التأمل ينطبق يصورة اكثر الحاحا على الأسقف الذي نال وزنات أكثر من الكاهن حينما اقتبل الرسامة الأسقفية .   أرجو من كافة الذين يقرأون هذه الأسطر أن يصلوا من أجلي كي أعيش ما تبقى لي من الحياة الزمنية بالأيمان والرجاء والمحبة وشهادة الحياة حتى النهاية . مع الشكر ولنبق متحدين بالصلاة رباط المحبة الذي لا ينقطع.  

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!