المربي الفاضل المرحوم يوسف عبو ساكو (زرقا) 1932-2000

Khoranat alqosh29 أبريل 2019943 مشاهدةآخر تحديث :
المربي الفاضل المرحوم يوسف عبو ساكو (زرقا) 1932-2000

عماد رمو/ هولندا نيسان 2019

لو كان بامكاني من توثيق صفحة واحدة فقط لكل معلم من معلمي ابناء بلدتي العزيزة القوش ، لكنت قد الفت كتابا كاملا وشرحا مفصلا لتاريخ بلدة شامخة في العلم والثقافة. ولكن الامر اصبح شائكا الان ونحن اليوم في الغربة، حيث ابتعدنا كثيرا عن منبع هذا التاريخ في حين كان هؤلاء يوما ما بالقرب منا، ومنهم المرحوم المربي الفاضل المعلم يوسف عبو ساكو، والذي كان معرفا بين ابناء بلدته وخاصة محلته سينا ب (زرقا برد ودي) وكنيته ابو عبد. بالنسبة لي كان المرحوم الاستاذ يوسف مثالا لشخصية المعلم الواثق من نفسه والكفوء جدا في مهنته التي خدمها بكل تفان واخلاص. ليس من السهل كتابة مقال واحد للتعرف كليا بمزايا هذه الشخصية الالقوشية المعروفة بين كل ابناء بلدته والمنطقة. المربي الفاضل زرقا لم يكن معلما فقط، بل كان ايضا انسانا محبا ومخلصا لبلدته وابنائها والمنطقة باكملها، ومن اجل ذلك قررت ان نحيط بصفات ومزايا هذه الشخصية الالقوشية من خلال ثلاثة محاور:
الاول من وجهة نظر احد اصدقاءه وابناء محلته وزملائه (المرحوم زرقا كصديق واحد ابناء القوش)، والثاني من خلال احد طلبته (المرحوم زرقا كمعلم ومربي لاجيال عديدة)، والثالث من خلال احد ابناءه (المرحوم زرقا كآب مكافح)، لربما سيكون ذلك مفيدا للقاريء الكريم ليطلع على التاريخ ايضا والمجتمع باحداثه وتفاصيله حينها، وكما يرويها لنا هؤلاء ونظرتهم الشخصية نحو الانسان والمربي الفاضل يوسف عبو.

ليس افضل صديق وزميل للمرحوم زرقا، ومن الاحياء منهم، كوالدي، اطال الله بعمره، المعلم ابو عامل (داويذ يوسف رمو) والمعرف بين الكثيرين ب داويذ كبو، واحيانا (داويذ برد حبي)، فهو من ابناء بلدته ومحلته ولهما تقريبا نفس الظروف التي مرت على كل معلم من ابناء بلدتي القوش. كلاهما يشتركان بتوافق الاحداث وحتى الشخصية منها.

يقول والدي عن المرحوم زرقا بانه كان انسانا كريما واجتماعيا يحب السفرات وجلسات السمر للاصدقاء ويشترك في اكثرها، وعندما كنا نحن الاصدقاء نقوم بسفرة الى بندوايا او قرى الشمال للترفيه فكان زرقا الاول الذي يخدم الجميع حيث يهيأ اللحم والنار. اما بيته فكان بابه مفتوحا دائما للجميع ومضيفه امناً للمقربين والغرباء، وبلغتنا السورث نقول (بيثح ديشا وبثيخا تناشي دماثا ونخراي).لقد كان المربي زرقا متميزا وحاذقا في مهنته كمعلم للرياضيات وكان يهتم بطلبته كثيرا ويتسابق في اخذ الدروس الاضافية، حيث ان المادة العلمية كانت سابقا مادة صعبة مقارنة باليوم، وكان المعلمون حينها يبدأون من عطلة نصف السنة باعداد جدول للدروس الاضافية لطلبة الصفوف المنتهية (الوزاري)، علما انها كانت مجانية للجميع، لا بل اخلاص المعلم حينها يفوق ما يتصوره العقل اليوم.

عن سيرة حياة المرحوم زرقا يقول والدي ابو عامل بانه تيَّتمَ من جهة الاب وهو صغير جدا، فقامت المرحومة والدته ودي ججو تمو بتربيته ومع اختيه ملي وتريزا. اما عن المرحوم عبو ساكو والده، فيقول والدي انه كان فلاحا ويقوم برعاية الماشية ايضا، ولكنه تمرض وهو في شبابه، ويتذكر والدي بانه حينها كان قد اشترى صندوقا (كرامافون) لتسليته وللتقليل من ازمته تلك. وبعد وفاة والده المبكر رعاه بعد ذلك جده لامه، الشخصية الالقوشية المعروفة المرحوم ججو تمو، حيث لم يكن قد رزقه الله ببنين فاصبح زرقا له بمثابة ابنه حقا.

انهى زرقا تعليمه الابتدائي في مدرسة مارميخا الابتدائية في القوش وكان من الطلبة الاذكياء والمجدين في دروسهم وذو شخصية محبوبة من قبل معلميه. وبعد ان انهى تعلميه الابتدائي عمل لمدة سنتين عند المرحوم الخياط بطرس بسقا ليعين عائلته. وعندما علم بذلك معلماه المرحوم سليمان بوكا وحبيب عبيا اطال الله في عمره ذهبا ومن حرصهم الشديد عليه الى والدته واختيه وطلبوا منهن ان يرسلن زرقا لدراسة الاعدادية في الموصل من اجل مستقبله، وشجعوا النساء لذلك لمعرفتهم قيمة العلم في ذلك الوقت. وعندما التحق الطالب يوسف بالاعدادية في الموصل، تمكن وبسهولة من النجاح وبمعدل عالٍ كان يؤهله للانتساب الى كلية الهندسة العسكرية، ولكن حينها كان من شروط التقديم للكليات ان يكون للطالب كفيل له (50 دينارا)، ولكن تعذر هذا الامر للطالب زرقا ودخل حينها دورة التعليم التربوية ليصبح معلما بسهولة حيث عمل سنة واحدة في بغداد في احدى المدارس الاهلية ثم انتقل لاحقا الى القوش معلما في مدرسة القوش الابتدائية الاولى ثم لينتسب للتدريس في ثانوية القوش ايضا.

اما عن مواقف المرحوم زرقا من اجل بلدته القوش سواءا في ايام المحن او لخير ابنائها، فيروي والدي بانه عندما حدثت ازمة سياسية بين القوش والاخوة اليزيدية عام 1969م، وعندما كان الطرفان على شفة التناحر واطلاق النار على الحدود الشرقية لالقوش، فان المرحوم زرقا، ولعلاقاته الجيدة مع الكثير من المتنفذين خارج القوش من الاكراد واليزيديين، ولمعرفته باميير اليزيدية المرحوم فاروق، فانه تبرع ومع المرحوم عابد بتي حنا الصفار واحد رجال الدين للتفاوض مع اليزيديين لحل الازمة بصورة سلمية. وهم في الطريق، وقبل ان يصلوا الى تلك الشجرة التي كانت مقابل (كرم العنب لبيت جما)، بدأ المسلحون باطلاق النار ونجوا من هذا الموقف باعجوبة، لقد كان المرحوم زرقا دائما مندفعا لعمل الخير حتى لو كان على حسابه الشخصي.

ومن احد المواقف الشجاعة له، وحين كانت الحكومة تسيطر على مقاليد السلطة في جميع اطراف الوطن بعد انهيار الجبهة، علم المرحوم البطل ابو جوزيف، بان معاون الشرطة حينها في القوش، ابو نشوان، كانت له اعمال جيدة ومواقف انسانية متميزة قلما تجدها في رجال الدولة تجاه الشيوعيين في ذلك الوقت، وخاصة بان الشيوعيين كانوا مطاردين حينها من قبل حكومة البعث. ومن اجل هذا الموقف سال المرحوم ابو جوزيف المرحوم زرقا اذا كان بامكانه ان يكرم ويقوم بامر ضيافة معاون الشرطة في بيته في محلة سينا كي يشكرهو يُقيّمَ جهوده تلك. فلبى زرقا الامر ذلك من دون تخوف او تردد رغم خطورته. وفي ليلة كان معاون الشرطة ابو نشوان مدعوا الى بيت المرحوم زرقا، دخل غرفة الضيافة واندهش من جلوس المرحوم ابو جوزيف في صدر الغرفة. وبعد سقوط البعث التقى والدي ابو عامل معاون الشرطة ابو نشوان في مجمع افروستي في دهوك وروى له تفاصيل هذا اللقاء وقال له: لو كانت الحكومة قد علمت بامر هذا اللقاء لكان البعث قد اعدمنا سوية انا والمرحوم زرقا.

لم يكن المرحوم زرقا فقط تربويا ناجحا، ولكنه كان من انشط الفلاحيين في القوش ويقوم بنفسه بادارة اراضيه الزراعية التي ورثها عن اجداده واخرى كان قد اشتراها بنفسه من بيت ساكو. كنت اراه دائما يجلس في بيادر محلة سينا في مجالس الفلاحيين ويقوم بخدمتهم كلما سنحت ظروفه لذلك وخاصة اذا ما تعلق الامر بالاتصال بالجمعيات الزراعية لمكافحة حشرة السنك او مثلا لتجهيز فلاحي القوش بالسماد الكيمياوي. وكان ايضا يقوم بتجارة صغيرة لتجهيز القوش مثلا باللحوم او المنتجات الغذائية الاخرى حيث كان يعرف المنطقة بصورة جيدة وخاصة انه كان له علاقات مع عائلة علي طاهر (ابو ناجي) منذ زمن والده، حتى يقال بان المرحوم زرقا وعلي طاهر كانوا اخوة بالرضاعة، وكان لعلي ايضا مواقف جيدة من القوش حيث كان قد ابدى استعداده ومجموعة من الاكراد للدفاع عن القوش اثناء الازمة اليزيدية عام 1969م.

من ناحية اخرى كان للمرحوم زرقا اصدقاء من خارج السلك التعليمي في القوش، يقول والدي بان المرحوم زرقا كان من جيل يكبرنا بقليل (قاطع اكبر)، حيث كان ومع المرحومين حبيب شدا وعابد بتي حنا الصفار من اقدم معلمي الجيل الثاني لالقوش. الجيل الاول يقصد به والدي: المرحوم سليمان بوكا والمربي الفاضل حبيب عبيا اطال الله بعمره. وهناك حادثة اخرى لن تنساها القوش ابدا في تلك الليلة التي قتل فيها المرحوم ابراهيم جبو حيدوعام 1968م حيث حزنت القوش عليه كثيرا وبتفاصيلها المؤلمة. عن هذا الحادث يقول والدي بان مجموعة من اصدقاء زرقا ومنهم الله يرحمهم جميعا: بطرس خياطا، حنا ايوب رمو، ابراهيم جبوحيدو كانوا يتسامرون ليلا عند صديقهم موظف المالية انطوان، حيث كان انطوان من احد ابناء تلكيف يعمل في القوش. وبعد ان انتهى اللقاء، تفرق جميع الاصدقاء في ساعة متاخرة من الليل في منطقة (رش كوزا)، حيث دخل المرحوم بطرس خياطا الى بيته، وذهب المرحوم حنا ايوب رمو ايضا الى بيته، اما زرقا وابراهيم فدخلا عند بيت زرقا لشرب فنجان قهوة. وعندما خرج ابراهيم من بيت زرقا للذهاب الى منزله مر من امام فرن الصمون في السوق واُطلقَ النار عليه من قبل الحرس، فمات مقتولا الله يرحمه ولم يعرف اصدقاؤه بنبأ مقتله حتى الصباح، لان الجميع توقعوا بانه قد ذهب مباشرة الى بيته. هناك تاويل لامر هذا القتل السياسي المتعمد،اولا لمكافحة الشيوعية، وثانيا لان اخاه المرحوم زورا جبو حيدو، كان مختارا لاحدى محلات القوش وكان قد اشتكى على مدير ناحية القوش حينها عند قائمقام تلكيف لانه كان يرتشي الاموال من ابناء القوش، لذا اراد ان ينتقم منه فقتل اخوه لذلك.

المرحوم زرقا كان رغم معرفة الكثيرين بانه صَلبُ الارادة وغالبا ما كان ينزعج من الذين لا يحققون نتائج جيدة وخاصة في دراستهم، وهذا ما يمكن تحليله من جهة اخرى نتيجة حرصه للعمل الذي كان يقوم به. لقد كان المرحوم ايضا انسانا حساسا ومرهفا في ذلك الى درجة انه كان بامكان طفل صغير يجعله ان يبكي ايضا. وهنا يتذكر والدي بانه وعندما تم تعيينه معلما عام 1960-1961م في قرية باقوفة، طرق احد الايام باب البيت مجموعة من الاصدقاء والاقارب ومنهم: المرحوم حنا ايوب رمو، المرحوم بطرس خياطا، المرحوم ابراهيم حيدو ومعهم المرحوم زرقا ايضا، فجاؤا اولا للسلام ومعرفة امور العائلة الصغيرة حينها، حيث كان المرحوم حنا ايوب رمو هو الذي يتكفل بشراء اللحوم والمواد الغذائية الاخرى من القوش وارسالها الى باقوفة، ولكن هذه المرة قرر الاصدقاء جميعهم ان يلتقوا في البيت عندنا هناك في باقوفة. يقول والدي بان اخي عامل حينها كان صغيرا لم يتجاوز من العمر السنتين، وكعادة الاطفال فان شقاوتهم تزداد عندما يحل الضيوف البيت. البيوت سابقا كانت لها غرف داخل غرف، وخاصة ما كانت الغرفة الامامية غرفة جلوس والغرفة الخلفية هي غرفة نوم. في هذه الاثناء قام والدي بتصحيح شقاوةالطفل عامل، فبكي عامل بكاءً شديدا واخذته امي الى الغرفة الداخلية كي لا ينزعج الضيوف من بكاءه. وبعد قليل وبينما الجميع منشغلون في احاديثهمالطيبة، يقول والدي رايت بان الدموع تنهمر من عيون المرحوم زرقا، فاندهشت للموقف وقلت له: ماذا في الامر يا ابا عبد؟ هل هناك شيء لاسامح الله قد ازعجك من كلامنا او تصرفاتنا؟ فقال لهم:كلا، لا استطيع ان اسمع بكاء طفل صغير ابدا الا وابكي معه!!! المرحوم زرقا كان يحب الاطفال كثيرا وانجب ومع قرينته المرحومة اسيت ميناس توماس تسعةابناء، وله اليوم اثنا وثلاثون حفيدا وستة وعشرون من ابناء الاحفاد، الله يحفظهم جميعا ويرحم كريمته الاولى المرحومة امل. واثنان من ابناءه وخمسة عشر من احفاده انهوا دراساتهم في المعاهد والجامعات.

ومن اجل معرفة القليل وليس الكثير عن شخصية المعلم والمربي الفاضل زرقا، فليس افضل من ان تسأل احد طلبته حوله. المهندس الصديق وحيد كوريال ياقو هو احد اقرب الاصدقاء لي، حيث درسنا الاعدادية سوية وكانت لنا ميول متقاربة سواء فكرية او ثقافية او علمية. كلانا دخل الهندسة بفضل حصولنا على معدلات جيدة وخاصة في الدروس العلمية ومنها الرياضيات والمجسمة والفيزيا والكيمياء وهي الدروس المهمة جدا في الفرع العلمي. لقد كانت حصة الرياضيات من اجمل والذ الحصص لنا حيث انها مادة شيقة وتحتاج الى الكثير من التحليل والتفكير، وهذا ما تعلمناه مذ كنا طلابا في الابتدائية، حيث المرحوم زرقا كان مدرس الرياضيات لمدرسة القوش الاولى والمرحوم عابد بتي الصفار كان مدرسا للرياضيات في القوش الثانية (العزة سابقا). ولانه كان لنا اساس فكري وتحليلي قوي في هذه المادة، وبفضل هؤلاء الاساتذة المتمكنين من مادتهم، تمكنانحن حقا من الوصول الى اهدافنا لاحقا وتحقيق مستقبلنا. لقد شقوا هؤلاء الابطال الطريق الصعب امامنا، ولولا ارادتهم القوية واخلاصهم الكبير، لما تمكن المئات من ابناء وبنات القوش من تكملة علومهم الجامعية وفي جميع الفروع لاحقا. الطالب ليس بامكانه لوحده من التفوق واحراز المعدلات العالية من دون تفان المعلم واستقرار اوضاعه الاجتماعية في البيت والمحلة.

ومن اجل رسم صورة للمعلم زرقا كنت قد طلبتُ من الصديق المهندس وحيد كوريال ياقو ان يكتب قليلا حول هذه الشخصية المتميزة من ابناء القوش، وكانت جميع اسئلتي حول شخصية المرحوم زرقا كمعلم ومربي لاجيال كثيرة، لذا حاولت ان اعرف اكثر واكثر وبصورة محايدة ومن مصدر مباشر وموثوق عندي شخصيا. لذا فقد ارسلت له رزمة كبيرة من الاسئلة:

هل كان للمرحوم زرقا شخصية قوية خرزماتية مقارنة بالمعلمين الاخرين؟ هل كان يتقن مادته العلمية بصورة جيدة وهل كان واثق من تمكنه لهذا الامر؟ كيف كان الصف يتفاعل معه اثناء شرحه للدرس؟ هل كان له طريقتة الخاصة في ايصال الموضوع الى ذهن الطالب ؟ حول تعامله مع الطلبة وهل كان يعاملهم جميعا بصورة متساوية؟ هل كان محبوبا من قبل طلبته؟ كيف كانت نسبة النجاح في دروسه؟ هل كان ياخذكم دروس اضافية؟ كيف كان هندامه وتعبيره اللغوي وادراته للصف؟ هل تتذكر حادثة انسانية ظلت في ذاكرتك؟

ومن اجل ذلك ارسل لي الصديق وحيد ردا اشبه ما يكون برد العرفان من طالب نهل علومه من استاذه القدير والذي لم ينس ولحد الان – ورغم مرور حوالي خمسة عقود من الزمن – تلك الصورة الرائعة التي كان قد رسمها المرحوم زرقا حول شخصيته وانسانيته وقدرته التربوية والتعليمية وخاصة ذكاءه الكبير في الحساب والرياضيات. وسوف اضع بايدي القاريءالنص الذي كتبه صديقي المهندس وحيد وكما ارسله لي لجماله النثري ودقة محتوياته واسلوبه الرصين في نقل رؤيته الشخصية حول معلمه المرحوم زرقا.

” الصديق العزيز عماد:
تحياتي الحارة، هذا ما استطيع ان اتذكره بعجالة عن المعلم يوسف عبو الملقب (زرقا) الذي كان معلما في مدرسة القوش الاولى للبنين طيلة فترة دراستي فيها (1966 – 1972)، واعتقد انه درسني الرياضيات في الصف السادس الابتدائي (الوزاري) فقط .. كان بالاضافة الى كونه معلما مقتدرا جدا في مادة الرياضيات، كان ايضا ذو شخصية قوية ومهيبة، وكان معروفا بتواضعه وطيبته وعلاقاته الواسعة والمتوازنة مع كل الاطراف، ليس في القوش فقط، بل حتى في القرى والمناطق المجاورة لالقوش .. وفيما يخص التعليم، فقد كان المرحوم زرقا من المعلمين القلائل الذين كنا نحترمهم من دون ان نخافهم، بالرغم من انه كان شديدا وقاسيا في معاقبة المسيئين والمخالفين وايضا المهملين في واجباتهم ومن دون تمييز سواءكان الطالب ابن معلم او ابن فلاح! ولهذا كان الجميع يهابه، وحنى ابنائه، ويحسب له الف حساب ليس فقط في الدرس بل حتى عندما كان يصبح المعلم المشرف على الساحة فيكون ذلك اليوم يوم هدوء في الساحة وهذا ما لم يكن يروق للكثير من المشاكسين والمسيئين … وكان من المعلمين الحريصين بشدة على مستوى طلابهم، متمكنا جدا في الحساب والرياضيات، ومتميزا في تبسيط المسائل الرياضية التي كانت غالبا مصاغة بلغة غير مألوفة لدينا فيترجمها الى لغة بسيطة سلسة ويأتي بامثلة من واقع البلدة، ولهذا كان معظم الطلاب يتفاعلون معه اثناء الدرس وبذلك كان يحصل على ما اعتقد على نسبة نجاح عالية جدا .. بالاضافة الى هذا فقد كان المرحوم زرقا من المعلمين الحريصين على استغلال الدروس الشاغرة واحيانا الدروس الثانوية مثل الرسم والرياضة والدين وخاصة قبل الامتحانات الوزارية لأعطاء دروس اضافية لتقوية الطلبة ورفع مستواهم الدراسي وخاصة في الصف السادس الوزاري .. واتذكر انه عندما كنت في الصف السادس الابتدائي (الوزاري) انه كان يدرسنا بالاضافة الى الرياضيات مادة الدين المسيحي– حيث كان درس الدين المسيحيمن المواد الغير الاساسية لانها لم تكن تدخل ضمن امتحانات الوزاري بالنسبة لنا المسيحيين – فغالبا ما كان يستغلها المرحوم زرقا في نهاية السنة لدروس اضافية في الحسابوالرياضيات .. واتذكر انه وقبل يوم واحد من الامتحانات الوزارية، عمل لنا درس اضافي شرح فيه ما كان يتوقعه من ضمن اسئلة الوزاري، وكان درسا شيقا ومفيدا حقا، وفي نهاية المحاضرة وقف امام الباب، وطلب مني ان اقف في مكاني وان لا اخرج من الغرفة الا بعد ان يخرج جميع الطلبة، كي أعِدَّ له كم مرة سيقول كلمة مئة(100) للطلاب الذين سيمرون من امامه ويتوقع انهم سيحصلون على درجة(100) في الامتحان الوزاري، وبصراحة لا اتذكر كم (100) حسبت له، ولكني اعتقد ان درجاتنا في الرياضيات (الحساب) بعد ظهور النتائج الوزارية كانت احسن مما توقع هو نفسه، وهذا مما كان يُفرحهُ كثيرا! .. واما فيما يخص الجانب الاخر الاجتماعي، فبالاضافة الى كونه معلما، وما كان للمعلم انذاك من هيبة ووقار واحترام وتقدير ، فقد كنا نسمع عنه انه كان احد رجالات البلدة المتميزين بمواقفهم المعتدلة والمتوازنة مع كل الاطراف، وكان له مواقف مشرفة ومميزة عند الشدائد والازمات والظروف الصعبة التي مرت على القوش خلال تلك الفترات العصيبة، ولربما اصدقائه وزملائه ومعاصريه يعرفونه اكثر منا في هذا الجانب .. صادف ان شاهدته اكثر من مرة عندما كان يتمشى مع زملائه المعلمين مساءً، يتوقف ليمازح عجوز جالسة امام البيت او كبير في السن لا يقوى على المشي .. وسمعت انه كان يتبادل المسائل الحسابية المستعصية مع المرحوم (متي ابونا) المعروف بدهائه الفطري في الحساب والشعر.. حدثني احدهم انه انقذه ومجموعة شباب من محلة قاشا من غرامة خمسة دنانير لكل واحد منهم (انذاك كان مبلغا كبيرا) وذلك لمخالفتهم غير المقصودة لتعليمات البلدية والحكومة المحلية حيث سبحوا في عين ماء المحلة وكان ذلك ممنوعا .. وسمعت من اخر انه انقذه من رجال الامن حيث ارادوا القاء القبض عليه عندما كان راجعا ليلا من نقطة الحراسة ومعه بندقيته فاعتقدوا انه من (العصاة) ، ولكنه، اي المرحوم زرقا، تواجد هناك صدفة فتدخل في الامر واطلقه على مسؤوليته حيث كان معروفا لدى الحكومة ورجال الدولة .. هذا باختصار كل ما يخطر ببالي عن المرحوم المعلم (زرقا) الذكر الطيب للانسان الطيب”.

هذه كانت فقط شهادة طالب واحد من طلبته فكيف لو كان بامكاني من توثيق شهادة العشرات من الطلبة الذين تخرجوا على يديه؟

والان بقي ان اجد اجوبة لاسئلتي الشخصية حول الانسان زرقا كأبٍ لتسعة ابناء، الله يحفظهم جميعا ويرحم كريمته الاولى أمل. ولو كان يسمح لي الوقت بالاتصال بهم جميع لفعلت ذلك، ولكن وبصراحة انه صعب جدا الان وخاصة اننا جميعا افترقنا في بلدان كثيرة متباعدة واصبحنا نلتقي فقط على هذا الموقع الذي اصبح بيادرنا الثانية. وقد اخترت من اجل هذا المقال، ومن جميع ابناءه ولده عامر، ليس لان عامر يعرف اكثر عن المرحوم من اخوته الاخرين، ولكن لاني عشت ومع عامر صيفا كاملا في بداية الثمانينات في غرفة واحدة، لقد اكلنا سوية وضحكنا سوية وتبادلنا الاحاديث سوية وكانت تلك الغرفة ومع الكثير من ابناء بلدتي القوش بيتنا الثاني. ومن اجل التعرف على سر هذا الصيف اكتب لكم هذه المقدمة.

لقد كبرت وترعرت في محلة سينا/القوش وترعرع معي جميع ابناء المرحوم زرقا، حيث كنا نتعلم في نفس المدارس ونلعب في نفس الطرقات والبيادر. ابناءه عبد وظافر يكبرونني قليلا واعتقد بانني كنت ومع ثامر في نفس المراحل الدراسية. اما عامر فيصغرني قليلا ولكن معرفتي به عن قرب كانت صيف عام 1982م وهنا ايضا قصة بامكان المرء معرفة تفاصيل بعض الاحداث السياسية والتاريخية التي كانت تؤثر على سير البلدة والوطن حينها. لقد كانت الحرب العراقية – الايرانية على اشدها، ورغم ان كل عائلة القوشية/عراقية كان لها اكثر من جندي يخدم في الجيش، الا ان صدام اراد ايضا مشاركة جميع الناس في صفوف ما كان يُسمى بالجيش الشعبي حينها، وقام الرفاق الكبار في صفوف الحزب بتشكيل قواطع عسكرية كبيرة من اجل حماية الامن والسيطرة الكاملة على الوضوع السياسي والعسكري داخل حدود الوطن. وكان من حصة القوش تلك السنة تشكيل فصيل من معلمي ومدرسي القوش للمشاركة في احد هذه القواطع. لذا تم اجبار اكثر المعلمين والمدرسين للمشاركة في هذا القاطع في عطلتهم الصيفية. ولكن الشيء الذي كان قد خَفَّفَ وطأة هذا الامر على المعلمين الكبار بالسن منهم، هو ان قيادة القاطع سمحت بان يتبرع احد ابناء المعلم بان يخدم بدلا عن والده. فقمت حينها بالتطوع بدلا عن والدي ابو عامل، وعامر زرقا تطوع بدلا عن والده ابو عبد، وكان معنا ايضا الاخ جوني ميخا صنا الذي تطوع بدلا من فرنسيس او مسعود. وفي نفس الفترة شارك فيها المعلمون التالية اسماؤهم: المرحوم المعلم هرمز نمي، المرحوم المعلم جرجيس بولا، العم الملعم حنا هرمز اطال الله بعمره والمعلم الصديق روميل حنا قيا. اما المنطقة التي كلفنا بها فكانت بين اينشكي والعمادية، حيث كنا نحن الشباب في مقر الفصيل على الطريق، والشياب في ربية في اعلى القمة التي كانت تشرف على الطريق الرئيسي.

وهنا ايضا حادثة طريفة ارويها لاصدقائي جميعا: لقد كان الجو بديعا جدا ومنعشا وكنا نشتري جميع الفواكه اللذيذة من الطريق. لم نسمع يوما بصوت اطلاقة واحدة ابدا مما ابدى بعض الشكوك من امر الفصيل حول موقف الربية في اعلى القمة لابناء القوش، ولكي يبعدوا الشكوك عن ان الربية قد يكون لها اتصال مع ابو جوزيف والشيوعيين في الجبل، فقد طلب مني الاخ روميل حنا قيا، والذي كان اصغر اعضاء ربية الجبل حينها، حيث كان غالبا ما ياتي ومع البغل لحمل الارزاق، بان ارمي في ساعة محددة من الليل (اثناء خفارتي) بعض الصليات (اطلاقات) باتجاه الجبل (ربية الشياب)، وهم من جانبهم سيردون على ذلك للتمويه لاثبات بان ربية الجبل فعلا متيقضة وترصد جميع التحركات التي قد تجدها. وحسب الموعد المذكور قمت برمي عدة صلياتالى جنوب واسفل ربية معلمي القوش في قمة الجبل،وفعلا قاموا هم ايضا بالرد لعدة دقائق والامر لم يكن الا مجرد تمثيلية للتسلية وابعاد الشكوك عن ولاء ابناء القوش. ويقول عامر زرقا، انه وبعد الرمي مباشرة جاء امر الفصيل، وكان من احد ابناء الموصل، مسرعا الى الغرفة التي كنا نقيم فيها يسأل عن سبب الرمي فاخبروه بانهم قد رأوا تحركات اسفل ربية الجبل فشكرهم على يقضتهم تلك، اما انا فاكملت دوريتي في (الجبر)وكانه شيئا لم يكن، واصبحنا دائما نضحك كلما نلتقي انا ومع اصدقاء غرفتي وروميل.

ومن اجل الاحاطة بجميع جوانب شخصية المرحوم زرقا ومنها شخصيتة كأبٍ لتسعة اولاد والمدبر الوحيد لعائلة كبيرة تتالف من الوالدين والاطفال التسعة والجدة والعمة ايضا ليس من افضل من يحدثنا عنه من ابنه عامر بسبب المعرفة التي تربطني معه والتي اشرت فيها قبل قليل. يقول عامر عن حنان والده زرقا، وخاصة ان المرحوم نفسه حرم من حنان الوالد، لم يكن لها مثيل. لقد كان يغدق بحنانه ليس لنا فقط ولكن لجميع ابنائنا ايضا. وعندما كنا صغارا، وحتى عندما كنا نزعجه بشقاوتنا، شقاوة شباب محلة سينا، ورغم صلابته وحصولنا على العقوبات القاسية التي كُنا نستحقها بجدارة، ولكن قبل ان ننام كان لنا افضل صديق وقلبه ينهل بالمودة والحنان.

اما عن اسرتهم الكبيرة وكيف كان يديرها المرحوم، وخاصة الكل يعرف باختلاف وجهات النظر بين الام والجدة والعمة، وخاصة عندما تكبر العائلة، يقول هنا عامر بانه ومهما كانت الخلافات الا ان حضور والدي نفسه فقط كان ينهي جميع هذه الخلافات. يقول عامر بان والده كان يحترم راي امه كثيرا وخاصة لخبرتها الطويلة في الحياة. اما عن جدته المرحومة ودي ججو تمو (ام زرقا)، فيقول عامر بانها كانت قد نذرت نفسها للراهبات بعد ان تارملت وعمرها 30 سنة. وعندما توفيت ذهبنا الى الماسيرات وحسب وصيتها والبسوها ملابس الراهبات وحسب قوانينهم الخاصة. وان امر نذورها اصبح سرا لغاية وفاتها حيث كانت قد كتبت في وصيتها ان يتم الاتصال بالراهبات في حالة وفاتها وهكذا حدث بالفعل.

اما بالنسبة لنظرة المرحوم زرقا لابنائه التسعة، وخاصة من ناحية تفضيل البنين على البنات، فيقول عامر بان والدي كان متحررا من هذه الناحية لا بل ان المرحومة اختي امل كانت مدللته، وحتى بعد زواجها، حيث لم يكن يفرق بين الجنسين ابدا، وعندما رزقني الله ببنتين في البداية، ورغم اننا جميعا في طبيعتنا نميل الى الاولاد، لكن والدي كان يفرح كلما ازداد عدد احفاده سواء كانوا بناتا اوبنينا.

لقد كان للمرحوم زرقا علاقات اجتماعية كثيرة ومتشعبة سواءا داخل القوش او خارجها. وكانت هذه العلاقات احيانا مصدر مُتعبُ لخصوصية العائلة وخاصة ان هذه العلاقات كانت تحتاج الى ادامة تامة من خلال رد الزيارات والقيام بدور الواجب اثناء الافراح والاحزان. وهنا يقول عامر بان المرحوم والدي كان يحرص دائما ان يخرج الضيف من البيت مُكرماً مُعززاً، وفي الكثير من الاوقات كانت هذه الزيارات من دون سابق معرفة لنساء البيت، مما كان يجبرهن على طلب مساعدة نساء المحلة في تهياة الطعام للضيوف. يقول عامر انه في زواج صديق العائلة المعلم عابد جبرائيل رزوقي جائنا فقط 40 ضيفا من الاخوة الاكراد افترشوا سطوح الدار للنوم.

اما اكثر ما كان يُفرح المرحوم زرقا في حياته فكان تلك اللمة التي تجمعنا سواءً في الاعياد او المناسبات حيث كان يطير قَلبه فرِحاً لاستقبالنا جميعا نحن اولاده واحفاده. وما اجمل تلك الساعات التي كُنا نقضيها معه وخاصة بعد العصر عندما كُنا صغاراً حيث كان في المساء، وكعادة اغلب رجال القوش، تلتم العائلة على منضدة الوالد الذي كان يحكي لنا القصص ويحزرنا الحزورات التي كنا احيانا اياما عديدة نفكر في حل الغازها القيمة.
اما اكثر شيء كان يُحزنهُ في الحياة فهو عندما لا يحقق طلابه في الامتحانات الوزارية النتائج التي كان يتمناها. هنا يقول عامر بان المرحوم والده كان يجمع طلبة الصف الثالث متوسط قبل يوم الامتحان في بيتنا من اجل تدريسهم واعطائهم النصائح في حل الاسئلة المتوقعة، حيث كان يقول لنا بعد ان ينتهي من محاضرته: اعرف انكم وفي قلوبكم تشتمون بي (كمصأرتونيلي)، لانني قاس بعض الشيء عليكم، ولكن اطلب منكم شيئا واحدا فقط، وهو ان ترفعوا اسم بلدتكم القوش عاليا في احراز النتائج!!! وبعد الامتحان كان والدي يقف في السوق ليستقبل كل طالب بعد ان يخرج من المركز الامتحاني حيث يبدأ يساله عن اجاباته فاذا كان تقديره لدرجته اقل من الثمانين كان يصفعه على خده!!!!

لقد كان للمرحوم دور كبير في البيت وخاصة حماية ابناءه من الدخول في السياسة حيث كان يعرف مدى خطورة ذلك. حيث كان ينصحنا دائما من افتين اثنتين: السياسة ولعب القمار، حيث كلاهما في النهاية تؤدي الى خراب البيوت!!! لقد كان يساعدنا في كل شيء في البيت اذا كنا في حاجة اليه سواء له علاقة بالدراسة او في الحياة.


لقد كان المرحوم والدي يحب بلدته القوش كثيرا. ورغم نزيف الهجرة التي كانت على قدم وساق ورغبتنا نحن جميعا اولاده بالهجرة بسبب تفاقم الاوضاع في التسعينات، الا انه كان يقول لنا لا تنسوا القوش يا ابنائي، وعندما اردت انا شخصيا ان اهاجر قال لي: (تماني بايش بيثن بدم يا بروني؟ تدسكنيلي لكلاكي؟). من سيسكن بيتنا غدا يا ابني؟ هل ستتركه لللقالق؟ وقد كان لوالدي عدة سفرات في تلك الفترة الى اميركا وايطاليا واليونان، وعندما رجع من احدى سفراته واثناء وصول السيارة الى مفرق القوش، اخرج والدي منديلا ورماه من نافذة السيارة، فقال له اخي ظافر: مالذي رميت يا والدي؟ فقال: كنت احتفظت باحدى اسناني التي قُلِعَتْ في اميركا واحتفظت بها لهذا اليوم لانه اريد ان يدفن شيئا مني في تُراب القوش! وفي اخر سفراته الى الوطن تمرض كثيرا، حيث كان مصابا بالسكري، ولكنه كان صلبا ولا يحب ابدا ان يبدو لنا ضعيفا، هكذا كان دائما والدي في حياته. وعندما ودعنا في زيارته الاخيرة قال لنا وبعد ان ضمنا بقوة الى صدره، اعتقد انها قبلتي الاخيرة لكم يا اولادي، كنت اتمنى ان يعطيني الله قوة اكثر لاعمل لكم ولالقوش وللانسانية. لقد فَقدتُ والدي حقا وفقدت معه من كان يَحلُ لي ولاخوتي جميع المشاكل مهما كانت صعبة، حيث عنده لكل مشلكة ولها حل مهما كانت معقدة، ربما كان يعكس هذا ما يكان يتقنه في الرياضيات فيترجمه الى الحياة.

قبل اكثر من ستة اشهر واثناء زيارتي الى كندا واميركا كان قد طَلبَ مني والدي ابو عامل ان اكتب مقالُ عن المرحوم زرقا عبو، حينها ترددت قليلا بسبب قلة المصادر التي بامكاني استعمالها في كتابة مثل هذه المواضيع، والتي تتعلق بحياة وتفاصيل شخصية معروفة في القوش. اضافة الى حساسية مثل هذا النوع من الكتابة والتي تدخل اكثر في سيرة حياة الشخصيات، وحيادية الكاتب في وصف ورسم صورة هذه الشخصية، فمهما اتفقنا على نقاط كثيرة، ولكن هناك بالطبع من ينظر الى نفس الشخصية بمنظور اخر ومن زاوية اخرى. ليس الهدف من هذا المقال، او البحث الصغير، شرح الاوضاع السياسية التي مر البلد او القوش اثنائها، فهي كلها امور ثانوية، ولكن الهدف الرئيسي هو دور هذه الشخصة في تلك الفترة وكانسان مكافح بدأ المرحوم زرقا كل شيء من الصفر وخاصة بعد ان فقد والده وهو صغير وتحمله مسئولية عائلة كبيرة في اصعب الفترات السياسية والاقتصادية التي شهدها البلد.

المرحوم زرقا هو مثال واضح ايضا للشخصية الالقوشية المكافحة والصلبة التي لا تستسلم ابدا رغم صعوبة الظروف. انه الانسان الذي لم يكن يخاف كل من كان يضربه بحجر! حيث كان يذهب اليه مباشرة ويقول له: لماذا ضربتني بحجر يا اخي؟ هل ضربتك انا سابقا؟

شكرا جزيلا لكل من والدي داويذ يوسف رمو (كندا)، صديقي المهندس وحيد كوريال ياقو (اميركا) وابن المرحوم عامر زرقا (كندا) لتعاونهم الكبير في اظهار هذا المقال الى الوجود حيث وبعد 18 سنة من رحيل المرحوم يوسف عبو ساكو (زرقا) تمكنا جميعا من رد بعض الجميل لهذه الشخصية الطيبة الذكر.

الصور:
1- المرحوم زرقا في بداية السبعينات.
2- المرحوم زرقا في بداية الستينات.
3- المرحوم زرقا عبو وعلى يساره صديقه المرحوم لزكين جركو، الصورة في الخمسينات من القرن الماضي.
4- المعلم زرقا يتوسط الهيئة التدريسية في ابتدائية القوش الاولى في مارميخا. الصورة من بداية الستينات ومن ارشيف المربي الفاضل حبيب يونس كردي اطال الله بعمره.
5- المعلم زرقا مع المرحوم الخوري هرمز صنا يشرف على متناولي الاول لمدرسة القوش الاولى في نهاية الستينات (وجبة ابنه عبد).
6- المرحوم زرقا مع كوكبة من رجال القوش ومن ضمنهم معلمه المرحوم سليمان بوكا في دهوك عام 1951.
7- المرحوم مع سفرة ثانوية القوش لمدينة عقرة في بداية السبعينات.
8- المرحوم زرقا مع حفيده رامي ظافر في الثمانينات.
9- صورة بمناسبة زاوج الاخوة ثامر وعامر عام 1987 في باحة كنيسة القوش. من اليسار المرحوم رحيم كجوجا، المرحوم زرقا، جافشين، علي طاهر ثم ابن علي طاهر.
10- الصورة في اثينا عام 1994 عندما كان ابنه ثامر ينوي الهجرة الى الغرب حيث زاره المرحوم زرقا والتقى بمجموعة من شباب القوش حينها.

11- الصورة بحدود عام 1970 المرحوم زرقا مع زوجته المرحومة اسيت ميناس ككا.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!