تــومــا أودو الشــهــيــد الـحي
لطيف ﭘـولا
من دون ادنى شك كل الكائنات تموت وبدون استثناء ومنها الانسان سواءا كان غنيا ، ملكا ،سلطانا وقائدا سفاحا ..كلهم يموتون كما يموت الفقير والمسكين والحشرات البسيطة جميعها مثلما تولد تموت.. اجل هكذا ايضا يموت اصحاب التيجان المرصعة والعروش المنمقة والسيوف المخضبة والممالك المترامية وتموت معهم اسمائهم بزوال سلطانهم ..وان كان فيهم من هو ميتا وهو في الحياة كالاشجار التي لاتعطي ثمرا ..وما الخلود إلا لاولئك الذين ربطوا مصيرهم بمصير شعبهم ، والشعب لا يفنى ، اعطوا كلما عندهم من ادب وعلم ليبقى إرثهم كالنبراس الذي يضيء في الليال المظلمة ، واي شيء تهواه نفوسنا اكثر من النور إذا اشتد وطال علينا الظلام ؟؟ اجل الخالدون هم اولئك الذين طرزت اسماءهم صفحات التاريخ بحروف من النور. يزرعون بذور الحياة كما يزرع الفلاح حقوله وفي كل المواسم من اجل ديمومة الحياة وتطورها ..كذلك يفعل رجال العلم والادب والفلسفة والفن ينشرون نور الثقافة في عقول ضللها الظلام ، وينفخون الحياة في كل ماهو ميت ليبعثوا كل ما هو جميل من اجل دفع مسيرة التقدم الى الامام و إحياء التراث الإنساني وتنقيته من الشوائب وليجعلوا من جهودهم المضنية رغيف خبز لشعب جائع للثقافة ومتعطش للحرية ينتظر القيامة في لحود مظلمة وتحت نير العبودية . ومن هؤلاء الرجال الافذاذ والرعاة الصالحين المؤمنين في سماء وطننا وامتنا والى الابد هو الشهيد الحي المطران توما أودو الالقوشي رئيس أساقفة أورميا وسالاماس .
من هو توما اودو ..؟؟
توما اودو الالقوشي هو ابن القس هرمز بن الشماش ميخائيل بن هرمز بن مرخو بن اسحق الطبيب بن اودو من (دياردين ـــ تخوما ) . وهو شقيق اسرائيل اودو مطران مدينة ماردين في زمانه . وعمه هو البطريرك المجيد يوسف اودو (1790م ـــــــ1878م) . ولد المطران توما اودو في القوش في 11ــ10 ــ1855م . وبدات دراسته الابتدائية في مدرسة القوش والتي اسسها الراهب الجليل ميخائيل النوهدري في بداية القرن الخامس الميلادي ..وفي 16 ــ9 ــ1869م سافر مع عمه البطريرك يوسف اودو الى روما للمشاركة في المجمع الفاتيكاني الاول . وهناك بدات المرحلة المهمة في حياته إذ انهمك في دراسة مطولة استمرت احد عشر عاما في كلية نشر الايمان حتى عام 1880م نال درجة الكهنوت مع درجة الملفان وبعدها عاد الى وطنه وعُـينَ امينا لأسرار البطريرك ايليا عبو اليونان . وفي سنة 1884 م عُينَ نائبا بطريركيا في مدينة حلب في سوريا حتى 1888م عاد بعدها الى مدينة الموصل ليعمل مدرسا في اكليركية البطريركية حتى عام 1892 م . وفي الفترة التي كان يعمل فيها مدرسا وضع معجمه الشهير (كنز اللغة السريانية ) في مجلدين ضخمين وباللغة السريانية . وبعد ذلك سافر الى اورميا في شمال ايران ليعمل رئيسا لأساقفة اورميا وسالاماس ..لم يكن المطران توما اودو رجلا دينيا فحسب بل عالما بليغا ومجاهدا متبحرا باللغة السريانية ..وقد اتقن ، بالاضافة الى اللغة السريانية ، اللغة الايطالية واللاتينية والفارسية والعربية والتركية .. ومن صغره اهتم توما اودو بالنحو والادب والثقافة السريانية ، ليتحول ذلك الاهتمام والولع الشديد الى وعي كامل لأهمية اللغة السريانية في حياته كراهب يسعى الى نشر الأيمان والثقفة والوعي بين ابناء شعبه .فقام بذلك الدور التاريخي والريادي في خدمة شعبهه وقضيته العادلة على اتم وجه . إذ كرس كل حياته من اجل ذلك جاعلا اللغة السريانية خير اداة لترجمة افكاره النيرة ، فغدا ينبوعا غزيرا عذبا يروي بعلمه وادبه واخلاقه وبمداده ودمه الزكي تلك الصحراء التي عمًها الجدب والظمأ والظلام قرونا عديدة . وكان ايضا في حياته واستشهاده ذلك القنديل الساطع، احترق ليبقى نوره مشرقا ليوقظ ابناء شعبه الغارقين في سبات الاستعمار والعبودية والمطران توما اودو عُـرف بمواهبه منذ نعومة اظفاره في كتابة الرسائل باللغة السريانية والمرسلة الى اصدقائه باسلوبه المحكم والسلس ..تلك المواهب ، والبيئة التي نشأ فيها وطموحه في نشر آداب امته واحياء لغتها ، والارادة الصلبة التي لم تثنها المصاعب الجمة ، كل ذلك جعله عالما ومعلما واديبا كبيرا، وكان في مقدمة اولئك الذين نذروا انفسهم في سبيل نهضة واعلاء شأن لغته السريانية ونشرها بين ابناء شعبه في اصعب الايام من قرن التاسع عشر وبداية قرن العشرين . و كان شاهدا وشهيدا حيا لما جرى لأبناء شعبه من إبادة جماعية راح ضحيتها اكثر من نصف مليون شهيد ودُمـٍرت مئات المدن والقرى وشُـردَ من تبقى الى المجهول . ولا زالت تلك الدول التي ذبحت الشعوب ودمرت المدن تـُسمى الدول الكبرى ( باجرامها ) لازالت تطبل وتزمر وتذرف دموع التماسيح على حقوق الانسان…..!!!! أما دماءنا وحقوقنا ومدننا لا تثير حماسهم الانساني ! لاننا في حساباتهم الاستراتيجية لا نخدم طموحاتهم ،ولا نلبي طلباتهم ! فلنحترق اذا …!
مؤلفات واعمال توما اودو في مجال الكتابة :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
اذا كانت الشجرة تُعرف باثمارها ، فالاديب باعماله ومؤلفاته ..ومِـن مؤلفات وترجمات المطران الجليل الشهيد توما اودو والتي كان لها الاثر الادبي والاجتماعي الايجابيين بين ابناء شعبنا في تلك الايام الصعبة :
1ـ كتابه (كليلة ودمنة ) ترجمه من اللغة العربية الى اللغة السريانية في الموصل عام 1889م .ومؤلف هذا الكتاب القيًم هو الفيلسوف الهندي بيدبا ..
2ـ ترجم من اللغة اللاتينية الى اللغة العربية (التعليم المسيحي الروماني).
3 ـ طبع ونشر قصصا وحكايات باللهجة المحكية المحلية من اجل ثقافة وتراث رعيته ..
4 ــ ترجم الى اللغة السريا نية التعليم اللاهوتي .
5 ـ الف كتابا في نحو اللغة السريانية السوادية وطُبع في مدينة اورميا سنة 1905م .6 ـ الف كتاب (الفصول التاريخية )
7 ـ الف كتاب ( القراءات المُنتخبة ) في مدينة اورميا عام 1906م .
8ـ نـَقـًح وطبع كتاب (مرشد الكهنة )من تاليف القس سنيري اليسوعي وترجمه الى السريانية القس دوميانوس كونديرا سنة 1882م .
9 ـ ترجم من اللغة العربية الى اللغة السريانية كتاب ميزان الازمنة عام 1884م
في مدينة الموصل وهو من تاليف القس يوحنا اوسابيوس .
10 ـ ترجم من اللاتينية الى السريانية كتاب التعليم المسيحي حسب مجمع التريدنتيني عام 1889م في مدينة الموصل
11 ـ ترجم من اللغة اللاتينية الى اللغة السريانية كتاب( مرشد خدمة الكنيسة) عام 1889م في مدينة الموصل وهو من تاليف لويس تويني .
12 ـ ترجم من اللغة الايطالية الى اللغة السريانية كتاب اللاهوت الادبي في مدينة اورميا عام 1899م وهو من تاليف الفونس ليغوري .
13 ـ ترجم من اللغة العربية الى الغة السريانية كتاب مائة مثل عام 1909 في مدينة اورميا .
14 ـ جمع وطبع كتاب طقس قلب اليسوع الاقدس جمعه من الحوذرا المجلد الثالث ..
ومن نتاجاته ومقالاته التي نشرها له الاخوان ادي وجان الخص في مجلتيهما كلكامش في طهران عاصمة ايران :
1 ـ صلاة الأُمًة عام 1952م .
2 ـ الصرصر والنملة عام 1953م .
3ـ القط والعصفوران عام 1953م .
4 ـ الضفدع والثور عام 1953م .
5 ـ الحمامة والنملة عام 1953م ز
6 ـ الاسد والفأرة عام 1954م .
المعجمي توما أودو
ــــــــــــــــــــــــــــــ
والآن أقف بإجلال واحترام وتعجب واندهاش امام معجمه الكبير ( كنز اللغة السريانية ) وقد اعتمد توما اودو لأخراج هذا الكنز الثمين الى الوجود بمجلدين ضخمين ، وقبل مائة ونيف من السنين ، على تجارب اللغويين السريان الافذاذ من قبله . ويجدر بنا وللأمانة التاريخية ان نتناول بإختصار معاجم اولئك المتبحرين في اللغة السريانية ،والبلغاء في آدابها والمتحمسين لنهضتها ، يوم شمروا عن سواعدهم ولم تفت في عضدهم المصاعب الجمة ، فوضعوا تلك القواميس الثمينة .وكان اول معجم قبل اكثر من ثلاثة عشر قرنا . وكانت تلك المعجم بحق الحجر الأساس في تطوير وديمومة اللغة السريانية وحفظتها من الزوال الى. ان وصلت تلك الوديعةالثمينة الينا لتكمل رسالة اجدادنا العظماء لكي تصل بامان الى الاجيال القادمة . وعليه اقول ان معجم المطران الجليل والشهيد البار توما اودو طبع جزءه الاول وللمرة الاولى في مدينة الموصل عام 1897م . وكما قلت أعلاه ايضا ثمة معاجم اخرى وضِعت قبل معجم المطران توما ( كنز اللغة السريانية ).ومن الجدير بالذكر أن اول معجم بابلي باللغة الاكدية وبالخط المسماري وضع في بداية الالف الثاني قبل الميلاد . واكتشف الآثاريون والمهتمون بالآشوريات من المستشرقين قواميس عديدة في مكتبة اشور بانيبال في نينوى عاصمة الدولة الآشورية . واول قاموس آشوري وضع تحت اسم ( مقاطع ومفردات ). وبعد سقوط نينوى وبابل غشى الظلام والدمار بسبب القطع الحضاري الذي فصل شعبنا عن تلك الحضارات ، ونشات اجيال واجيال تحت رحمة سيف الغزاة يزرعون الموت والفناء في كل مكان وفي كل نواحي الحياة ، وليجعلوا حضاراتنا ومكتسباتها الاجتماعية والعلمية والادبية الحضارية في خبر كان ..! إلا أن العصر العباسي واحتياجاته الى مستلزمات نشوء حضارته هيأت الفرص لأحياء اللغة السريانية وكان له الاثر البالغ لنهضتها وبشكل خاص في زمن المأمون الذي شجع الترجمة . وكان علماء السريان خير من يستطيع ان يقوم بذلك وكانت اللغة السريانية ايضا خير اداة . وهكذا بدا رحم امتنا التي انجبت اولئك العظماء الذين خلقوا الحضارات واستماتوا في الذود عنها الاف السنين لم يبخل رغم الكبوات القاتلة في انجاب آخرين وفي زمن آخر، رجالا افذاذا وعلماء خالدين بذلوا جهودا مضنية لإحياء لغة اجدادهم وانتشالها من الصهر والضياع .أجل بعد اثني عشر قرنا من سقوط نينوى الى العصر العباسي بالذات برزت اللغة السريانية مرة اخرى كلغة علم وادب وثقافة وبجهود اولائك الرجال الذين الًفوا وترجموا بالسريانية كتبا ومعاجما فكانت وكما قلنا خير واسطة لترجمة علوم اليونان وفلسفتهم الى اللغة العربية . وبهذا يكون علماء اللغة السريانية قد أغنوا اللغة العربية ولاول مرة بمفردات ومصطلحات علمية وفلسفية وفلكية وطبية وكيميائية وهندسية …وكانت تللك الجهود الجبارة التي بذلها علماء السريان أساسا لنمو الحضارة العباسية ، وكان لها ايضا تأثيراكبيرا ومباشرا على الجيل الجديد من العلماء الذين اقتبسوا علمومهم من علماء السريان ومؤلفاتهم وترجماتهم…ولا يسع المجال هنا لذكر العديد من اولائك العلماء الخالدين في مجال الطب والفلسفة والرياضيات والعلوم والفنون ، وإن كانوا اشهر من نار على علم ، ذلك لان بحثنا يقتصر على علماء اللغة السريانية والذين وضعوا تلك المعاجم الثمينة التي كان لها الدور الكبير على الأجيال التي جاءت بعدهم ،وبشكل خاص من المهتمين منهم باللغة السريانية .
مَن هم اولئك المعجميون الأفذاذ ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ياتي في مقدمة الذين وضعوا المعاجم في اللغة السريانية قبل المطران توما اودو :
1 ـ عنانيشوع الحديابي وهو الذي وضع القاموس الاول بالغة السريانية ، وكان ذلك في القرن السابع الميلادي . إذ سبق خليل بن احمد الفراهيدي وقاموسه ( العين ) بقرن من الزمان . لأن خليل بن احمد عاش في القرن الثامن (718 ــــ791م ).
2 ـ (معجم العبارات ) وضعه حُنين بن اسحق باللغة السريا نية . ولد حنين في الحيرة سنة 808ـــ 873م .
3 ـ معجم زكريا بن ايوب بن يوحنا مروزواي. كتب اضافات مهمة على معجم حنين بن اسحق .
4 ـ معجم ايشوع بن علي وضع معجمه على تجارب اولئك الذين سبقوه في هذا الميدان .
5 ـ معجم حنانيشوع بن سروشاويه أُسقف حيرة والذي ولد في القرن التاسع وتوفي في بداية القلرن العاشر .
6 ـ معجم ابو الحسن بن بهلول كاتب ولغوي مشهور . توفي سنة 963م.. وآخرون .
وعليه اقول لكي لاننسى دور هؤلاء الرواد ، إذ على جهودهم وجهود غيرهم ، وعلى تجاربهم ومؤلفاتهم ومعاجمهم وشروحاتهم وضع المطران توما اودوا معجمه الثمين مضيفا اليه من مواهبه وابداعاته وبلاغته وتبحره في اللغة السريانية وادابها الشيء الكثير . فكان معجمه بحق مصدرا لايُستغنى عنه عند اي كاتب واديب يكتب ويقرأ السريانية . وعلى معجم توما اودو ( كنز اللغة السريانية ) ومعجم اخرلى اعتمد لغويون اخرون في وضع معاجمهم . وقد ظهرت معاجم اخرى بعد معجم المطران توما . ومن هذه المعاجم ..
1 ـ معجم ايوب البشري اللبناني .
2 ـ معجم جرجيس السداني اللبناني .
3 ـ معجم يوسف اوراهام من عينكاوا ـ اربيل ..
4 ـ معجم خضر الموصلي .
5 ـ معجم كورييل بن قرداحي اللبناني .
6 ـ معجم المطران يعقوب اوجين منـًا .
7 ـ معجم القس شليمون ايشوع حذبشبا .
8 ـ معجم الاستاذ بنيامين حداد .
9 ـ معجم الاستاذ عوديشو ملكو …..وآخرون
وفي الختام اقول بان هذه المعاجم التي ذكرناها أعلاه ، وغيرها ربما فاتنا ذكرها ، هي بمثابة كنوز لا تقدر بثمن ومُعين ينهل منه أبناء شعبنا في كل زمان ومكان. ولكتاب اللغة السريانية بشكل خاص ..أما اولئك المعجميون وفي مقدمتهم المطران الجليل الشهيد توما اودو هم بالاحرى دائرة معارف اللغة السريانية لما لهم من فضل لا محدود على كتاب السريانية وقرائها في كل زمان ومكان .. حبا وتقديرا لاولئك الرجال ولجهودهم الجبارة لطالما لهجت في ذكرهم ومدحهم في قصائدي . لانهم سيبقون كالنجوم الساطعة في سمائنا التي لبدتها الغيوم والظلمة. ولأنني ادركت من خلال مطالعاتي وكتاباتي المتواضعة في اللغة السريانية ،اي دور فاعل لهؤلاء اللغويين العظماء في إحياء لغتنا وفي نشر الثقافة الاجتماعية والدينية والادبية والعلمية بين ابناء شعبنا وفي تلك الظروف الصعبة بالذات ابان الحروب الطاحنة والعقود المظلمة حيث لا حرية ولاحقوق ولا احترام للكاتب والانسان عموما ولا وسائل الطبع والنشر كما هي عليه اليوم . رغم كل ذلك شدد الآباء العظام على تدريس وتعليم لغتنا لأنها أقوى من السيف في ترسيخ الإيمان ونشر الثقافة والعلم وحب الوطن والشعب .أجل لننثني إجلالا للدور الذي قام به أولئك العظماء إذا ما قارناهم بالدور التخريبي واللاابالي الذي يقوم به الآخرون في ايامنا هذه ، يوم الراحة والسيارات الفارهة والقصور الفخمة والملابس الناعمة والعيش الرغيد بدون تعب يذكر، لايعرق جبينهم من خجل ولا من قيظ الصيف ،لايوخز ضميرهم ندم ولا خطيئة …! ماءهم بارد وشتاءهم دافيء خبزهم حار ..! لكن لعنات التاريخ تنتظرهم . واذا بقي للجحيم نار تشتعل اتمنى ان لاتخمد حتى تبلعهم ، وحبذا كان ذلك امام الشعب الذي رفعهم فخذلوه ! اجل في عصر الانترنيت والمدارس والكتب المتوفرة وكل وسائل التعليم والتعلم الاخرى كلها في متناول اليد ولكن يابى الافندي ان يتعلم اللغة السريانية ! اين توما اودو ليرى ويسمع هؤلاء الغيارى على جيوبهم وبطونهم والجاحدين بلغة اجدادهم والكافرين برحم امهم ..؟ لا يريد ان يقرا او يكتب اللغة السريانية لانه كما يدعي ما من وراءها عيشة ! ولايرضى ان يتعلمها او يُـعلمها احد آخر ايضا لان ذلك مخالف لبرنامج حزبه او توجهاته السياسية ! بل هنالك من يقرا الكتاب المقدس والصلوات والطقوس لسنين طويلة ولا يعرف ماذا يقرأ وعما تتحدث هذه الصلوات لانها مكتوبة كما يقول بالفصحى ولا تفهمها إلا الملائكة ! . لكنه يعرف ان يتهجى الحروف ! فهو يمارس الاشتغال بها لعقود ولكن ليس له حاجة بمعرفة معانيها !..ربما قال المعنى في قلب الشاعر !!! لكن لما كانت لغتنا هي من المقومات الأساسية لوجودنا ووحدتنا فعليه يجب ان ينصب الاهتمام وقبل كل شيء على تعليم وتعلم لغتنا السريانية ..ليس ترديد حروف الهجاء فحسب ، بل استيعاب ما سطـًره وما يسطـًره الآباء والأُدباء والكتاب والعلماء في مؤلفتهم وتصانيفهم ومقالاتهم وقصائدهم ، لأنه صوت ضميرهم وضير أجدادهم الممتد الاف السنين من تاريخ وجودنا الوطني والقومي والإنساني . أجل يجب ان نصغي الى صوتهم ونقرأه ونـَفهَمه ونـُـفهـِمه وننشره بين ابناء شعبنا ليس في داخل الوطن فحسب بل حيثما وجدوا في المعمورة .. وأملنا كبير بمعلمي وأدباء اللغة السريانية ومحبيها بأحياء وتطوير ونشر لغتهم لتواكب العصر فهي أمانة في أعناقنا يجب أن نوصلها وبأمانة للأجيال القادمة مثلما إستلمناها من آبآئنا وأجدادنا عبر قرون مُخضـًبة بالدم يكتنفها الظلم والظلام.. وهذه هي قصيدتي كتبتها لصاحب الذكر الطيب المطران الجليل الشهيد توما اودو الذي استشهد في منطقة اورميا في ايران في 29 ــ آب 1918م مع عدد كبير من الكهنة ومن ابناء شعبه اثر حملة ابادة شُـنت ضد ابناء شعبنا والاخوة الأرمن . ومثلت تلك الحملة البربرية جانبا من المذابح راح ضحيتها نصف مليون شهيد من ابناء شعبنا ومليون ونصف المليون من الأخوة الأرمن منذ 1915م حتى استشهاده وبهدف تصفية الأرمن والاشوريين من الدولة التركية.. كتبتُ هذه القصيدة عام 1995 م لأُلقيها في مهرجان نادي بابل الكلداني في بغداد إلا أن بعض الزملاء الافاضل !!! حالوا دون قراءتي للقصيدة بحجة أن النظام لا يسمح بقراءة مثل هذه القصائد لأن فيها، وكما إدعوا انذاك ، اسم توما !!!!!!!!!!! لكنني طبعت ُ القصيدة في مجموعتي الشعرية الاولى (الايوثا عل خيي ،رثاء على الحياة ) وباللغة السريانية.. وادناه قصيدتي ..
توما اوُدو
كمًا موبهرلوخ يا مري توما
مـْهـَونوخ بَهرا بـْزَونا كوما
طعنوخ صليوا وخولما دأومثا
بـﮕو رِعيانا دليت بٍه موما
رَب ماخـــورى وتورص مَــملا
بــيـَلـﭙـخ منوخ بـلبا وﭙوما
ترءآ سَهذا وشمشا دقوشتا
دمًوخ يـَما دليت بٍه موما
عِـقروخ شتيلِـه مْعومقا دزَونى
ﭙرسلوخ سوكى دليت لَىّ تخوما
يــا إيــلانـا دﭙـيرى دخَييْ
طَـَوعــــــمانايا وأﭗ لا خـــومـــا
مـِـــن مَــردوثا وسَـﭙرايوثا
ﮔولـﭙوخ ﭙريسا خـْنـِشرا وزومـــا
اَيخ قًـارويـا قرٍيلوخ بليليــا
وبصَـﭙْـرا زَهيا شــاتـقا بـــومــا
قَـَـنيوخ سـﭙيقــا طاو خَـريـﭙا
مْـسيَـﭙـا دسَـخلا هاو طالومـا
ماثوخ القوش ﮔـنثا دزَونى
ﮔانى توما وقادحْ تومــا
1 – القوش عبر التاريخ …المطران يوسف بابانا 2 – الكهنوت في القوش ..القس هرمز صنا 3- مقالة في مجلة سمثا العدد الاول بنيامين حداد