نبــذة تاريخية ( الــقــوش )

Khoranat alqosh7 مارس 2009867 مشاهدةآخر تحديث :
نبــذة تاريخية ( الــقــوش )

القوش
تربض بلدة القوش فوق سفح جبل مسمى باسمها (جبل القوش)، وهذا السفح الصخري مستوطن بشري تمتد جذوره التاريخية في أعماق عصور الإنسان الأولى. تتخلله عشرات الكهوف والمغاور كنخاريب قفير نحل، سكنها الإنسان. وقد قام العمران فوق تلك الكهوف التي لا زال معظمها قيد الاستعمال البشري ضمن ما شيد فوقها من بيوت بمادتي الحجر والجص. ويندر خلو بيت من بيوت القوش السفحية من واحد من تلك الكهوف.
تقع القوش على مسافة 48 كم شمال مدينة الموصل وضمن قضاء تلكيف، ويقطنها في الوقت الحاضر حوالي 10000 نسمة تابعين للكنيسة الكلدانية. وهي جاثمة في لفح جبل القوش، وهذا الجبل يحدها من الشمال، ومن الجنوب يمتد السهل الفسيح ليصلها بقرية الشرفية، ومنها ننحدر الى منطقة تكتنفها الهضاب والوديان تعرف بالكنود (لندي او لانداوات). اما الحدود من الغرب فهي امتداد السهل الفسيح نحو الغرب لنصل الى قرية بندوايا او بهندوايا الواقعة على ضفاف نهير يسمى باسمها، ومجراه يجري في وادي يفصل جبل داهكان عن جبل القوش. اما الحدود الشرقية فهي امتداد السهل نحو الشرق، والقرية التي نصادفها بهذا الاتجاه والواقعة في سفح الجبل ايضا هي قرية بوزان، التي يقطنها اليزيديون. والقرية الاخرى التي تحدها من جهة الشرق ايضا هي قرية بيبان.
بلدة القوش هي مركز لناحية القوش التابعة لقضاء تلكيف. يتميز سكانها بانهم يعرفون ثلاث لغات، ويتكلمون بها وهي:
1-اللغة السريانية (الكلدانية): وتمثل اللغة الدينية والقومية.
2-اللغة العربية: وتمثل لغة البلاد الرسمية.
3-اللغة الكردية: وتمثل لغة التجاور السكاني اي اللغة الاقليمية.

القوش بلدة موغلة في القدم، حيث يعود تاريخها الى ما قبل المسيح حسب الآثار الموجودة في جبلها وحواليها. ويعتبر المؤرخون القوش من اقدم القرى المسيحية في شمال العراق، نظرا لذكر اسمها في النصف الاول من القرن الرابع الميلادي في سيرة مار ميخا النوهدري تلميذ مار أوجين. ودورها في تاريخ الكنيسة الشرقية معروف ومثبّت تاريخيا من خلال كونها، ولفترة طويلة، مركزا للكرسي ألبطريركي المشرقي، او من خلال رجال الدين الذين أنجبتهم والذين كان لهم دور ريادي في مسيرة الكنيسة. كذلك اشتهرت بخطاطيها الذين نسخوا بالخط الكلداني آلاف الكتب المنتشرة حاليا في كل أرجاء العالم. واليوم هي مركز مطرانية وأبرشية الكلدان المدعوة باسمها (أبرشية القوش الكلدانية).
سكان القوش يمتازون بالعمل الحرفي كالزراعة والنجارة والحدادة والخياطة والصياغة والحياكة والبناء فضلا عن استنساخ الكتب الكلدانية، ويمتازون بالشجاعة وقوة البأس. وفي القوش عدة ينابيع مائية تحت مستوى سطح الأرض، كذلك عشرات الآبار.
ان الأراضي الصالحة للزراعة في القوش هي الممتدة من أمام البلدة باتجاه الجنوب ومنها ما يمتد نحو الشرق والغرب. اما الأراضي الواقعة عند سفح الجبل مباشرة فهي اراضي صخرية يصعب استصلاحها لزراعة الحبوب، ولكن يمكن استثمارها لكروم العنب، لان كثيرا من المواضع في الجبل الى منتصف القرن المنصرم كانت كروما عامرة مثمرة.
عماد الزراعة في القوش وفي المنطقة عموما هي التربة والامطار. فالارض المحروثة الخالية من الحشائش والمهيئة للزراعة تنتظر هطول الامطار التي تروي التربة السطحية الجافة، الى ان تصل الرطوبة في التربة الى الرطوبة القديمة عندئذ يمكن الشروع في زراعة الحبوب للموسم الجديد.
ان المساحات المتروكة للسنة القادمة يستثمرها الفلاح بزراعتها ببعض المنتجات التي لا تؤثر على خصوبتها كالحمص وحب الشمس والبطيخ، ويشكل الاخير موردا حسنا للفلاح ولسكان القوش عموما، وذلك بسبب الاقبال على شرائه في موسمه، حيث يمتاز بطيخ القوش بنكهته ومذاقه الطيب.
المصادر:
1-حبيب يوسف تومي، القوش؛ دراسة انثروبولوجية اجتماعية ثقافية، بغداد 2003.
2-بنيامين حداد، سفر القوش الثقافي، بغداد 2001.
3-انمار عبد الجبار جاسم، الكتابات النقشية في دير الربان هرمزد في القوش، دهوك 2008.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!