محاضرة عن سيرة الربان هرمزد لملتقى طريق الخلاص- كنيسة مار قرداغ- القوش

Khoranat alqosh21 أبريل 2013227 viewsLast Update :
محاضرة عن سيرة الربان هرمزد لملتقى طريق الخلاص- كنيسة مار قرداغ- القوش

قدم الأب روفائيل حنا بيداويد محاضرة دينية عن سيرة ربان هرمزد وذلك في يوم الجمعة المصادف 19-4-2013 في كنيسة مار قرداغ في القوش, وأليكم نص المحاضرة:

لكي نفهم قصة حياة الربان هرمزد المبارك، لا بد لنا أن نأتي بالذكر لنبؤة مار ميخا التي تشير بقدوم الربان هرمزد الى القوش ونصها: “إن الله عتيد ليُرسل إليكُم نسراً عظيماً، يُصعد بمقامه فوقَ الملائكة، ويُعشعِّش بجانبكم في هذا الجبل، ويولد أفراخاً روحية. وكل من يدعو باسمه يطرد منه الرب كل وجع، ويكون له سلطان على مرارة وسم الدبيب القتال. ويسمى هذا الجبل أورشليم العليا، أخرجوا للقائه بفرح”.
المصادر والمراجع -منها مخطوط ومنها مطبوع- كثير لا تعد ولا تحصى، تأتي بالذكر عن سيرة الربان هرمزد، وإننا اعتمدنا في هذه المحاضرة بالذكر على مخطوطة تعود للراهب شمعون تلميذ الربان يوزاداق رفيق الربان هرمزد.

من هو الربان هرمزد، وما هي قصته:
ابصر هرمزد النور في مدينة شيراز من مقاطعة الاهواز في ايران في اواخر القرن 6م، وقيل انه ابن احد الملوك. ابوه يوسف وامه اسمها تقلا. تعلم في مدرسة مدينته وهو بعمر الاثنتي عشرة سنة مبادئ العلوم الدينية واللغوية وشيء من المعارف والعلوم الاخرى التي كانت تدرس يومذاك في مدارس كنيسة المشرق. وتعمق كثيراً في علوم الكتاب المقدس التي كانت تستهويه.
قرار لا رجوع عنه
وعندما اصبح شاباً، أعلن عن رغبة قوية ناضجة ونابعة عن عمق بان يعتزل العالم ويبتعد عن صخبه وضجيجه، فاختار الحياة النسكية التي وحدها ترضي نوازع نفسه، وتسمح له أن يكون قريباً من الله، ويفسح له فرص العبادة والصلاة والتأمل. وهكذا يتمكن أن يكرس كل ثانية من حياته ليسوع المصلوب. لطالما كانت تراوده هواجس الافكار: (حيث كان يردد ليل نهار: لا بد ان اكون راهباً). حتى انه شاهد يوماً الرب الاله في عرشه مغموراً بالمجد والانوار، وبالقرب منه ملاكاً يضع فوق رأسه اكيل ويردد: (هذا الاكليل هو لك ان عرفت ان تكون أهلاً له).
عزم على اقتفاء اثار من هجروا العالم واعتزلوا الدنيا وانفردوا في كهوف وصوامع مكرسين حياتهم للصلاة والتأمل والعمل اليدوي البسيط. فترك هرمزد اهله وودع اصدقاءه. قاصداً زيارة الأماكن المقدسة سعياً منه أن يرى خطوات المعلم الالهي الذي عاش هناك حياة حب مثالية، حتى صعيد مصر حيث السيرة الرهبانية في أوجها. وبعد مسيرة اربعون يوماً تقريباً يصادف في طريقه ثلاثة رهبان من دير برعيتا، وبعد تعارفهم الودي فيما بينهم عرضوا عليه فكرة مرافقتهم الى ديرهم المذكور.

هرمزد في دير برعيتا:
بعد مرافقة هرمزد الرهبان الى دير برعيتا حيث كان يضم يومذاك نحو 200 راهب، يتم توشحه هناك بثوب الابتداء ويقتبل النذر الرهباني. وكان يقضي وقته بالصلاة والعمل، ويسعى جهده لاكتساب الفضائل الحميدة، مستخدماً شتى وسائل التقشف والاماتة. حتى اصبح مثالاً حياً لاخوته الرهبان. وقد انعم الله عليه بنعم روحية كثيرة ومواهب فريدة، وأجرى على يده آيات عجيبة. الى درجة أُطلق عليه لقب (طبيب الاخوة). كان يتناول القربان المقدس يوم الاحد، ثم يصوم عن الماء والخبز والملح اسبوعاً بكامله. وكان ينهض ليلاً بتنظيف الدير أو يسهر مصلياً ومتأملاً في أيات الكتاب المقدس. وفي كل مرة كان يحاول ان لاينكشف امره فيكسب شهرة من وراء ذلك وينقص تواضعه، ورغم ذلك فاحت عطر قداسته في كل مكان. وعند زيارة مار سلفانوس اسقف قردو دير برعيتا، وكان قد سمع بأخبار سارة عن حياة الربان هرمزد المثالية، فالتقاه في خلوة وطرح عليه بان ينقطع الى حياة أكمل بعزلة تامة وتوحد نسكي، فغادر الربان هرمزد الدير ملبياً الدعوة الي ارادها الله له باشارة من رؤسائه. وأقام في كوخ جبلي مكان منفرد عاكفاً على الصلاة والتأمل والصوم والتقشف، الى درجة ان قوته الجسدية بدأت تضعف.
وفي تلك الربوع كان هناك بجواره راهباً تقياً يدعى ابراهيم من دير بيث عابي، فكان تعارفهما ولقائهما مثمراً في تبادل الخبرات الروحية.

هرمزد في دير الرأس ومنه الى جبال باعذري:
انطلقا من بعدها الى دير الرأس في جبل مقلوب وعاشا مع باقي الرهبان حياة زهد مثالية. وعلى اثر جفاف النبع الذي كان يستقي منه الإخوة الرهبان، تفرقوا الى اماكن شتى، فكان من نصيب هرمزد وابراهيم ان يسلكا الطريق الى ان وصلا جبال باعذري المطلة على القوش، ليستقرا بجوار كهف فيه نبع ماء غزير، سميت فيما بعد عين القديس، لكن ابراهيم لم يمكث مع الربان هرمزد سوى ثلاثة أيام، ليعرج الى قرية باطنايا وهناك سينشأ ديراً جميلاً أُطلق عليه دير مار اوراها وما زال الدير شامخاً الى اليوم رغم اندثار الحياة الرهبانية فيه.
فرح أهالي القوش واستبشروا خيراً بقدوم الربان هرمزد الى ديارهم، وعندما صعدوا للقائه وعدوه بانهم على اتم الاستعداد ان يقدموا اليه يد العون، فباركهم وصرفهم. وعندما ذاع صيته في أرجاء المنطقة اتوا إليه خمسن شخصاً من مدرسة مار ايثالاها في دهوك وسألوه الانضمام إليه لكي يعيشوا معاً في حياة رهبانية جماعية، فقبلهم بعد تفكير وصلاة، وسرعان ما ابتنوا لهم كنيسة، كانت نشأة دير الربان هرمزد. وقد ساعد في تشييد الدير اهالي القرى المجاورة، سواء بتبرعهم بالاموال أم المساهمة بالعمل. وفي فترة وجيزة بلغ عدد الرهبان الى المائة وعشرة.

وفــاتـــه:-
عاش الربان هرمزد حياة بسيطة وادعة ملؤها القداسة، كزهرة البنفسج تعبق الأجواء بعطر أنفاسها، وهي قابعة في مخبئها، لا يراها الإنسان إن لم يفتش عنها. تعلق قلبه في الصلاة وانغمر فيها، مع مناجاته للقربان المقدس حيث تغذى منه روحياً، ولم يفارق فكره التأمل بآلام المخلص وكمال الله تعالى وعظمته التي تفوق كل الخلائق. لم يهمل عمله اليدوي كلما اقتضت الحاجة إن كان يتطلب العمل في الأرض أم بإدامة وتنظيف الدير أو في صنع المخطوطات خطها ومعالجتها.
إنه لا ينسى الله دقيقة واحدة، وكان يردد في قلبه قبل كل عمل يباشره “الله يراني وهو معي”. فلا بُعد، ولا نور، ولا ظلام يحجبني عنه، فعينه تخترق سجوف الظلمة مهما تكاثفت، وتهبط الى أعماق الأرض (هذا ما كان يتأمله وهو قاطناً ليل نهار في قلب تلك القلاية التي أُطلق عليها فيما بعد البخشوكي).
توفي الربان هرمزد، وعمره 87 سنة. ودفن في كنيسة الدير باجلال عظيم. ولا يزال قبره قائماً حتى اليوم في بيت الشهداء والقديسين. يحتفل بذكراه في يوم الاثنين من الاسبوع الثالث بعد القيامة.
قضى منها :
– 20 سنة في البيت والدراسة.
– 39 سنة في دير الربان برعيتا.
– 6 سنوات في دير الرأس.
– 22 سنة في ديره هذا.
منذ القديم دعي الربان هرمزد باسم (قديس) سواء في وثائق كنيسة المشرق، أو في المصادر الرومانية الرسمية. لا سيما بعد الاعتراف الرسمي بالرهبنة منذ تجديدها على يد الأب جبرائيل دنبو 1808.
لم ينال الربان هرمزد هذه المكرمة من الله كمكافئة له بل نالها باستحقاقه وبكل جدارة على كل اعماله وعيشه النسكي. فالربان هرمزد واحد من أولئك الرهبان القديسين العظام الذين لم يكن انقطاعهم عن العالم عن انانية، بل لغايات روحية ومرام انسانية بعيدة. فنحن نعلم جميعاً ان سر القديسين الحقيقي يبقى في قلب الله وفي ضمير الله، لا يظهر منه الا القليل القليل.

من أهـم معجزاتـه التي قــام بـها
في دير الرأس:
1-شفاء اعمى
2-رجل عضه كلب مسعور
3-امرأة من الموصل كانت مصابة بالبرص
4-راعي غنم شرب سماً مميتاً
دير الربان هرمزد:
1- شفاء مرضى عديدين
2- واقامة موتى من بينهم ابن امير الموصل (عقبة بن فرقد السلمي) وعلى اساس هذه الاعجوبة يساعد الوالي الربان هرمزد ببناء الدير سنة 640
3- بالاضافة الى الرؤى والانخطافات والمشاهدات الحية التي كانت تحدث له بين الحين والآخر.
4- وما زال الى اليوم يقوم بالعديد من الاعاجيب والكرامات، مع الناس الذين يمتلكون إيماناً عميقاً في الشفاء وقوة اعترافهم بالله من خلال الطلبات والمناجات اللذين يرفعونهما إليه من على شاهد ضريح هذا القديس المبارك أم من على مذابح الدير.
ولتحل بركات هذا القديس العظيم علينا جميعاً

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!