بمناسبة عيد الدنح – الغطاس
ما يهُمّني من المسيح هو حياتُه، تعليمُه حتى أتمثَّل به
الكاردينال لويس روفائيل ساكو
ان الانجيل ليس مجرد كتاب عاديٍّ أو قصة مشوِّقة، بل هو حياة مسيحية بكل معنى الكلمة. ما يحمله الانجيل من تعاليم عاشها المسيح بنفسه، انما هي لأستفيد منها، واقتدي به.
التركيز على الانسان-المحور هو ما يميز رسالة المسيح “إِن السَّبتَ جُعِلَ لِلإِنسان” (مرقس 2: 27).
نقرأ في الانجيل انَّ المسيح كان يتحرك ويطوف المدن والقرى ويلتقي بالناس، كلِّ الناس، ويُحبّهم ويُعينُهم ويُعلّمهم ويُثقّفهم ويُوعّيهم. يسوع أحبّ وعلَّم وعمِل وتحمَّل الموت على الصليب من أجلنا. “ما من حبٍّ أعظمُ من هذا وهو ان يَبذِلَ الانسان نفسَه من أجل من يُحبّهم” (يوحنا 15: 13). ماذا أكثر من هذا؟
لا نجد في الانجيل معلومات فلسفية مجرَّدة ولا لاهوتاً نظرياً، بل فرح الخلاص من كل إستعباد: بنوَّة واخوَّة وحرّية وكرامة ونِعمة. انها بشرى تتجدَّد دوماً وتغدو نوراً وملحاً وخميرة (متى 5: 13- 14، 13: 33)، لذلك كان الناس يتوافدون اليه ويشفون.
والمقصود بالشفاء شيء آخر أكبر من الشفاء الجسدي. انه كان يحبّهم ويعطيهم ما عنده. أمام حبّه الجمّ والفاعل كانوا يشعرون بالارتياح والسعادة والحماسة وكانوا يتبعونه. فهو حقاً المخلّص والطريقُ والحقُّ والحياة (يوحنا 14: 6).
الأنانية أكبر خطيئة والمال الصنم. انها تشلّ كل حركة وعلاقة، بينما الحب والانفتاح خصوبة وإثراء: “أَحبِبْ الرب الهك وقَريبَكَ حُبَّكَ لِنَفسِكَ” (متى 19: 19). انها وصية واحدة.
الإيمان وجداني وهو الأساس بمفاهيمه وأبعاده، وعاطفته، بينما اللاهوت تفسير فلسفي عقلاني للعقيدة. لنتركن التراكيب اللاهوتية والفلسفية الجافّة، لنعُد الى زبدة الانجيل وروحيّته: الإيمان بالله المحبّ وبالمسيح المخلّص وبالروح المحيي (الاله الواحد) وبالكنيسة الجماعة (الجسد).
في عيد الدنح – الغطاس، معموديّة يسوع “وحيٌّ فريدٌ” حيث يظهر الله الثالوث:
بشخص يسوع المسيح الابن، وبصوت الآب: “أَنتَ ابنِيَ الحَبيب، عَنكَ رَضِيت” (لوقا 3: 22)، وبشخص الروح القدس (الحمامة). إيمانُ واحد ومعمودية واحدة!
الكنيسة تجمع ابناء الله كأخوة وأخوات في عائلة واحدة، المسيح رأسها.
في عيد الدنح: تدعونا الكنيسة لنَعي هويّتنا كمسيحيين، ومهمتنا كتلاميذ للمسيح، ورُسل مدعوين الى ان نعمّد العالم كله ليشُعَّ بنور المسيح ويبلُغ كماله.