البطريرك ساكو: المصالحة وبناء الثقة هما مسألتان أساسيتان للتعايش السياسي في العراق

Khoranat alqosh9 أبريل 2021892 viewsLast Update :
البطريرك ساكو: المصالحة وبناء الثقة هما مسألتان أساسيتان للتعايش السياسي في العراق

فاتيكان نيوز / “الأخوة والتنوع هما الأساس الإنساني والأخلاقي الأساسي للتعايش” هذا ما قاله الكاردينال لويس روفائيل ساكو، بطريرك بابل الكلدان، في مقابلة له مع صحيفة “الأوسيرفاتوريه رومانو” تذكر فيها بفرح وامتنان زيارة البابا فرنسيس الرسوليّة إلى العراق.

في جوابٍ على سؤال حول معنى هذه الزيارة بالنسبة له وللمسيحيين في العراق قال الكاردينال ساكو كنت أعلم أن البابا فرنسيس يريد زيارة العراق، لكنني بصراحة لم أتوقع ذلك في هذه الفترة بالذات، نظرًا للوضع الغامض الناجم عن وباء كورونا. لقد فاجأنا تصميمه، إنَّ الأب الأقدس يملك موهبة المفاجأة. أعتقد أنه شعر في قلبه بالحاجة إلى المجيء لكي يحمل التعزية والرجاء للعراقيين الذين عانوا الكثير. وبالتالي فقد قام بعمل جيد. لقد فرحنا جدًّا بزيارته، لقد أثّر البابا في الجميع: مسيحيون ومسلمون، والعراق كان خلال اقامته جنة صغيرة بعد جحيم طويل ونتمنى أن يبقى هكذا دائمًا!

أضاف البطريرك الكلداني مجيبًا على سؤال حول إن كان من الممكن تحقيق دولة علمانية في العراق وكم من الوقت ينبغي الانتظار، وقال: أعتقد أن الحل هو نظام علماني يقوم على المواطنة فقط وليس على الدين. لن يكون لدول الشرق الأوسط مستقبل بدون فصل الدين عن الدولة. إنهما شيئان مختلفان. في دولة علمانية، يمكنك أن تكون مسلمًا أو مسيحيًا، ويمكنك الذهاب إلى المسجد أو إلى الكنيسة، والصيام وإدارة حياتك وفقًا لمعتقداتك، وليس للدولة الحق في منعك من القيام بذلك … ولا تستطيع أن تجبرك على القيام بذلك. تمامًا كما لا يمكنها أيضًا أن تمنعك أو تهتم من أن تصبح متدينًا. لن تُقطع يدك إذا سرقت ولن تدخل السجن إذا فطرت في رمضان. ولن تعاقبك الدولة إذا اخترت هذا الدين أو ذاك. إنَّ العراق مستعد لأن يكون علمانياً والشباب يتظاهرون مطالبين بالوطن والمساواة. إنَّ الطائفية في العراق قد نشأت عمداً بعد سقوط النظام القديم.

تابع الكاردينال ساكو مجيبًا على سؤال حول ما تقوم به الكنيسة الكلدانية لإقناع المسيحيين بالعودة إلى ديارهم بعد اضطهاد ما يُعرف بالدولة الإسلامية وقال إنَّ عودة المسيحيين واجب على الحكومة العراقية وسيكون ذلك ممكنا عندما تكون الظروف مواتية والأمن والاستقرار والخدمات مضمونة. عندها سيتشجّع المسيحيون والأقليات الأخرى على العودة إلى وطنهم، لكن برأيي هذا مشروع طويل الأمد.

ومجيبًا على سؤال حول إن كانت زيارة البابا فرنسيس إلى العراق يمكنها أن تساهم في إحداث تغيير في البلاد، وقال يجب أن تتغير ذهنيَّة قَبليَّة معينة غارقة في الانتقام والعدالة. إن الذي يغفر هو أقوى من المُنتَقِم. يجب أن نغفر ونتصالح من أجل الخير العام، كما فعل نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا. هناك حاجة لثقافة جديدة منفتحة تحترم التنوع من أجل تحقيق التقدم. لقد تحدث البابا فرنسيس عن الأخوَّة الإنسانية والروحية أيضًا، وبالتالي من الضروري احترام التنوع والتعاون من أجل عالم أفضل، يتمتع بمزيد من السلام والكرامة.

تابع غبطته مجيبًا على سؤال حول ما هو المطلوب لتسهيل التعايش المتناغم بين الأديان وإن كان مقتنع بأنه يمكن للمسلمين والمسيحيين أن يعيشوا سويًا على الرغم من الجراح التي سببها المتطرّفين وقال نحن المسيحيين لدينا دعوة: علينا أن نساعد الآخرين على الانفتاح، ويجب أن نكون مستعدين وشجعان وألا نخاف. وكراعٍ أكرر أنّه على الكنيسة واجب توضيح الإيمان بطريقة واضحة. هناك حاجة للحوار والاحترام. إنَّ الوحدة لا تعني التوحيد. لقد تحدث البابا في العراق مرارًا وتكرارًا عن الأخوة والتنوع. وكلماته التي جاءت من الإيمان ومن قلبه بالبساطة والعفوية غيرت قد غيّرت الناس. هناك احترام كبير الآن، ولكن على القادة السياسيين أن يتغيروا أيضًا.

ومجيبًا على سؤال حول إلى أي مدى يمكن أن يكون دعم الكاثوليك والمجتمع الدولي حاسمًا في خلق مناخ من السلام والصفاء وقال لقد رسم البابا فرانسيس “وثيقة عظمى” خلال لقاءاته ومن خلال كلماته، والآن يعود الأمر إلينا لوضعها موضع التنفيذ. وقد شكلت الحكومة العراقية لجنة فورًا بعد الزيارة الرسولية وكذلك الكنيسة الكلدانية أيضًا. ولدينا ثقة ورجاء.

وحول كيف يمكن تعزيز الأخوَّة في بلد تعذبه الاشتباكات المسلحة والعنف، أجاب غبطته: نحن المسيحيين الذين نشأنا مع المغفرة لنا دور كبير وهو أن نغفر. إنَّ المصالحة وبناء الثقة هما مسألتان أساسيتان للتعايش السياسي. إنَّ الأشخاص البسطاء مستعدون للتغيير، لكني أكرر أن العقبة الكبيرة هم السياسيّون الذين يحاولون رعاية مصالحهم، كما كرر آية الله العظمى السيستاني أيضًا خلال لقائه مع البابا فرنسيس.

وختم الكاردينال ساكو حديثه مع صحيفة “الأوسيرفاتوريه رومانو” مجيبًا على سؤال حول ما ستقوم به الكنيسة في العراق بشكل ملموس في المستقبل القريب وقال سنعمل على أربعة أهداف: بناء برامج تربوية وتدريسية من أجل تعزيز الأخوَّة بين العراقيين ووحدتهم الوطنية. تنظيم مبادرات توعوية للعراقيين حول تنوعهم من خلال ندوات ومؤتمرات وبرامج تلفزيونية مخصصة للحضارات والثقافات والأديان، من أجل إظهار النقاط المشتركة وتعميقها واحترام خصوصياتها، لأن ما يوحدنا هو أكثر بكثير مما يقسمنا؛ إنشاء مركز وطني يضم فصول دراسية ومكتبة متخصصة في قضايا الحوار بين الأديان؛ وأخيرًا تفعيل قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 ومواده التي تلزم بحماية الأماكن المقّدسة ومنع الإساءة للأديان ورموزها بمعاقبة المعتدين عليها.

Leave a Comment

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


Comments Rules :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

عاجل!